«الرأسمالية» تغازل كوبا.. بعد وفاة كاسترو

قطاعاتها الاقتصادية «بكر» في مجال الاستثمار

استغلال الدراجات النارية وتعديلها واستعمالها في المواصلات في كوبا أمر مألوف وناجح (غيتي)
استغلال الدراجات النارية وتعديلها واستعمالها في المواصلات في كوبا أمر مألوف وناجح (غيتي)
TT

«الرأسمالية» تغازل كوبا.. بعد وفاة كاسترو

استغلال الدراجات النارية وتعديلها واستعمالها في المواصلات في كوبا أمر مألوف وناجح (غيتي)
استغلال الدراجات النارية وتعديلها واستعمالها في المواصلات في كوبا أمر مألوف وناجح (غيتي)

رغم التقارب الأميركي الكوبي في نهاية عام 2014، فإن الأخيرة لم تعرف طريقها إلى الرأسمالية الخالصة حتى مساء الجمعة الماضي بوفاة زعيمها الاشتراكي فيدل كاسترو، لكن مواساة رؤساء الدول الكبرى لزعيم الثورة الكوبية، تحمل آفاقًا اقتصادية جديدة، قد أبدى راؤول كاسترو الرئيس الحالي تطلعه إليها - منذ عام 2006.
وحملت مواساة رؤساء الدول في وفاة كاسترو، تلميحات بسرعة فتح السوق الكوبية أمام حركة التجارة العالمية وتغيير النظام المالي الحالي، وتسابق البعض بتقديم نفسه على أنه الصديق الأول دون غيره، ليحصد ثمار «انغلاق» ظل أكثر من نصف قرن، مما وضع معظم القطاعات الاقتصادية في البلاد على قائمة أولويات المستثمرين الأجانب نظرًا لأنها «سوق بكر» في مجال الاستثمار.
ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يوم السبت إلى رفع الحظر الذي «يعاقب» كوبا بشكل نهائي؛ وقال: إنه يجب «أن يتاح انفتاح وتبادل وأن ينظر إلى كوبا بشكل كامل داخل المجتمع الدولي كشريك».
ويعتمد اقتصاد هافانا بشكل أساسي على تصدير الخدمات - أي إرسال متعاونين طبيين للخارج - كمصدر رئيسي للعملات الأجنبية، والتي يصل إجماليها إلى 8 مليارات دولار سنويًا، ثم قطاع السياحة الذي يدر دخلاً 2.8 مليار دولار سنويًا. وسط توقعات حكومية بأن نسبة النمو لن تتخطى 2 في المائة بنهاية العام الجاري، مقارنة بنحو 4 في المائة العام الماضي؛ وما زالت الحكومة الكوبية تهيمن على أكثر من 80 في المائة من اقتصاد البلاد، رغم الإصلاح التدريجي الذي بدأه راؤول لاقتصاد هافانا.
وبدأ الحصار الأميركي على كوبا اقتصاديا وتجاريًا في 19 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1960. بعد قيام الثورة الكوبية، وخلف الرئيس الكوبي الحالي راؤول كاسترو البالغ 84 عامًا شقيقه فيدل في الرئاسة في 2006.
ولا يزال الحصار يمنع الأميركيين من الاستثمار في كوبا ومن السياحة فيها، كما تهدد واشنطن الشركات التي لها فروع في الولايات المتحدة بعقوبات في حال المجازفة بالتعامل مع هافانا. وكان أوباما قد جدد دعوته إلى الكونغرس في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي لرفع الحظر الاقتصادي عن كوبا بعد سنة من بدء التطبيع الدبلوماسي.
وتعتبر فرنسا الشريك الأول سياسيا واقتصاديا لكوبا، بحسب بيان لقصر الإليزيه، أثناء زيارة كاسترو الأخيرة لباريس، وتقوم عدة شركات فرنسية كبرى بالاستثمار في كوبا في مقدمتها «برنو - بيكار» التي تنتج مشروب الروم «هافانا كلوب» وشركة «أكور» في مجال السياحة و«بويغ» في مجال البناء والإعمار و«الكاتيل - لوسان» في الاتصالات و«توتال» والستوم» في الطاقة. إلا أن المبادلات التجارية لا تزال عند مستوى متدنٍ، إذ لا تتجاوز 180 مليون يورو سنويًا.
وانهيار الاتحاد السوفياتي الذي كان يستأثر بـ72 في المائة من التجارة الخارجية الكوبية، أغرق كوبا في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، إلى أن غيرت دفتها إلى فنزويلا مزود النفط الأساسي لها بشروط تفضيلية، نظرًا لاشتراكهما في النظام الاشتراكي، إلا أن أزمة أسعار النفط التي أثرت على اقتصاد فنزويلا بالسلب، سرعان ما طالت كوبا أيضًا - واقتصاد فنزويلا من بين أسوأ الاقتصادات أداءً في العالم مع هبوط قيمة صادرات البلاد النفطية بنحو 70 في المائة على مدى الثمانية عشر شهرًا الماضية - وهو ما شجع هافانا وواشنطن على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في 20 يوليو (تموز) العام الماضي، وفي 20 مارس (آذار) الماضي، زار الرئيس الأميركي باراك أوباما هافانا هي الأولى لرئيس أميركي مباشر منذ ثورة كاسترو.
وتمثل عودة كوبا إلى المجتمع الدولي، بعد سنوات من عدم التطبيع، نسبة مئوية في معدلات النمو لدول الاتحاد الأوروبي، التي سارع مسؤولون بها إلى زيارة هافانا لاقتناص الفرص المتاحة، بعد إعلان التطبيع الأميركي الكوبي.
ويرى الاتحاد الأوروبي في كوبا (البلد الوحيد في أميركا اللاتينية التي لا ترتبط باتفاق تعاون مع الاتحاد الأوروبي) دولة أساسية في إنعاش العلاقات مع دول أميركا اللاتينية.
واتفقت كوبا مع نادي باريس للدائنين لشطب 8.5 مليار دولار، في اتفاق صاغته فرنسا، بهدف التقارب بين البلدين، مع عودة هافانا للأسواق المالية الدولية.
قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إن كوبا أقدمت «بنجاح» على تنويع اقتصادها، بهدف عدم الاعتماد بشكل كبير على فنزويلا.
وأشارت الوكالة إلى أن تخفيف العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على كوبا ولا سيما العقوبات التي تحد من إمكانية السفر إلى الجزيرة الشيوعية، هو ما أتاح للحكومة في هافانا بتنويع الإيرادات، وبالتالي فإن «تزايد النشاط السياحي حسن الآفاق الاقتصادية لهذا البلد».
واستقبلت كوبا خلال عام 2015 عددًا قياسيا من الزوار بلغ 3.5 مليون زائر مما يؤكد دور القطاع السياحي كمحرك للاقتصاد الكوبي.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.