التطبيقات الإلكترونية ملاذ الطبقة المتوسطة المصرية من سياسات التقشف الحكومية

رواد الأعمال الشباب يقدمون خدمات أفضل بتكلفة أقل

التطبيقات الإلكترونية ملاذ الطبقة المتوسطة المصرية من سياسات التقشف الحكومية
TT

التطبيقات الإلكترونية ملاذ الطبقة المتوسطة المصرية من سياسات التقشف الحكومية

التطبيقات الإلكترونية ملاذ الطبقة المتوسطة المصرية من سياسات التقشف الحكومية

يتلقى المواطنون المصريون سلسلة من ضربات القرارات الاقتصادية الموجعة بصفة شبه يومية ولمدة أسابيع، يخرجون من أزمة شح المواد الأساسية إلى ارتفاع أسعار الوقود، ومن تخفيض قيمة العملة إلى نقص حاد في عدد كبير من أصناف الدواء، وحتى يأتي اليوم الذي تتساقط فيه ثمار الإصلاح الاقتصادي على رؤوسهم، يبحث المصريون عن ملاذٍ آمن من هذه القرارات.
«ارتفاع الأسعار ميزة»، هكذا فاجأنا، آلان الحاج، مؤسس إحدى شركات المدفوعات الإلكترونية، وهو مثله مثل أقرانه من رواد الأعمال في مصر يرى في كل مشكلة فرصة للنجاح.
الحاج، البالغ من العمر 24 عاما، ويدير عمليات تحويل لمليارات الجنيهات عبر تطبيقات الجوال والبنوك المصرية، يقدم وسيلة رخيصة لتحويل الأموال في مصر، ذات سعر ثابت رغم انخفاض قيمة العملة.
ووفقا للبنك الدولي ينتقل 40 في المائة من المصريين يوميا إلى خارج مركز أو محافظة سكنهم من أجل العمل، هذا بالإضافة إلى المهاجرين داخليا، الأمر الذي يجعل التحويلات النقدية أقرب إلى العادة بين المصريين.
ولا يقتصر دور رواد الأعمال في مصر على تقديم بديل أقل تكلفة فقط، بل يقوم بعضهم بدور اجتماعي مهم، ومنهم وليد عبد الرحمن، شاب مصري أسس شركة لتقديم الطعام المُعد منزليًا، وقام بتعليم المهاجرات السوريات كيفية إعداد الطعام الملائم للأذواق المصرية مثلهن مثل ربات البيوت المصريات، وهو مع ذلك يقدم الوجبات بأسعار أقل بنسبة 20 في المائة عن متوسط أسعار السوق، وبهذا استطاع عبد الرحمن مساعدة ربات البيوت المصريات والسوريات على تحسين دخولهن، كما ساعد الموظفين المصريين على الحصول على وجبات أقل تكلفة، وهذا عبر تطبيق مُخصص لهذا الغرض.
أحمد أبو الحظ له تجربة أخرى، حيث أنشأ منصة إلكترونية للعلاج النفسي على الإنترنت، تتيح التحدث مع أطباء معتمدين وذوي خبرة ولكن بتكلفة محدودة، وتعاني مصر من ندرة وسوء توزيع في هذا التخصص الحيوي، وإن وُجد فعائق التكلفة يبقى كبيرا، وصرح أبو الحظ أن منصته الإلكترونية أتاحت العلاج النفسي لمصريين مقيمين بمناطق نائية مثل الواحات، بالإضافة إلى بعض الأشقاء العرب.
وانتشرت في مصر خلال السنوات القليلة الماضية الكثير من التطبيقات التي تهتم بإتاحة خدمات أفضل بأسعار أقل من السوق، ما يزيد من جاذبيتها وانتشارها، مثل تطبيقات توفير سيارات الركوب، وخدمات الطاقة المتجددة، والتعليم عن بُعد، والبيع الإلكتروني وغيرها من التطبيقات.
ويقول البنك الدولي، إن مصر وسوريا والعراق هي الدول الأقل في نسبة الشركات الجديدة إلى إجمالي السكان، مقارنة بباقي دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ حيث ذكر البنك أن لكل 1000 شخص في سن العمل، هناك أقل من 0.5 شركة ذات مسؤولية محدودة مسجلة حديثا في الثلاث دول، بينما كانت عمان هي الأفضل في المنطقة، غير أن الشرق الأوسط هو صاحب أقل المعدلات العالمية لتأسيس الشركات الصغيرة، وهذا وفقا لتقرير البنك الدولي «الوظائف أم الامتيازات، إطلاق إمكانيات التوظيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» الصادر في 2014.
ورغم هذه المعدلات المتدنية يحظى المبتكرون الشباب في مصر بفرص واعدة، نتيجة اتساع السوق ومواهبهم الفذة وكفاءة وجودة خدماتهم، وتجنبهم - على قدر المستطاع - مشاكل السوق المصرية، من بيروقراطية شبه جامدة وإهدار معتاد للموارد وضعف فرص التمويل.
وفي نهاية 2015، نشر موقع «فوربس» مقالا عن أهم 10 مدن لبدء الأعمال في العالم، كانت القاهرة واحدة منها، وقالت الكاتبة إيمي جوتمان في المقال إن القاهرة تضم مجموعة هائلة من شباب الخريجين المتعلمين المستنيرين في مصر، الذين اتجهوا لإنشاء مجموعة من الشركات الناشئة، رغم التحديات، وذكرت أن رجال الأعمال الصغار اكتشفوا طرقا جديدة للنجاح ومنها إنشاء حاضنات الأعمال.
وقد نشأت خلال السنوات الماضية بعض حاضنات الأعمال وشركات الاستثمار في رأس المال «المغامر»، ويقول تامر عازر، مدير الاستثمارات بإحدى الشركات المتخصصة في تمويل رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا، إن عائد الاستثمار في التطبيقات التكنولوجية مُجز للغاية، ويصل إلى 800 في المائة خلال 10 سنوات، ورغم ارتفاع احتمالات خسارة رأس المال، فإن الشركات الناجحة في هذا المجال تحقق إيرادات ضخمة، تعوض خسارة قريناتها في نفس المجال «ربما تخسر 8 أو 9 شركات من أصل كل 10 شركات جديدة، ولكن الشركة الناجحة تستطيع تعويض خسائر الشركات التي لم يحالفها التوفيق».



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.