عمرو موسى لـ«الشرق الأوسط»: نرفض إعلان ساسة إيران سيطرتهم على القرار في 4 عواصم عربية

الأمين العام الأسبق للجامعة العربية حذر من الدخول في عملية سلام دون قرار واضح من مجلس الأمن

عمرو موسى
عمرو موسى
TT

عمرو موسى لـ«الشرق الأوسط»: نرفض إعلان ساسة إيران سيطرتهم على القرار في 4 عواصم عربية

عمرو موسى
عمرو موسى

قلل الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى من تأثير نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة على الواقع العربي، مؤكدا في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أمس أنه «منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وطيلة الطريق وصولا إلى الرئيس باراك أوباما، لا توجد تغيرات جذرية في حركة وسياسيات رؤساء الولايات المتحدة».
وأضاف: لا أتوقع حدوث تغيير بوصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم، منوهاً إلى ضرورة «ألا يقتصر حديث الرئيس الجديد على الدفع إلى عملية السلام في الشرق الأوسط بخصوص قضية فلسطين ليرتاح ضميره»، موضحا أن «راحة ضمير أي إنسان حر هو في دعم حقوق الشعب الفلسطيني والوصول بالأمر إلى مرحلة تحقيقها.. وعملية السلام التي كانت قائمة لا يمكن أن تريح أحدا».
وحذر موسى من الدخول في أي عملية سلام دون قرار واضح من مجلس الأمن يحدد أسسها ومتطلباتها وإطارها الزمني.
ودعا وزير خارجية مصر الأسبق إلى اتخاذ سياسات عربية واضحة فيما يتعلق بالأزمات الراهنة، وقال إن العلاقات المصرية السعودية هي أساس الحركة السياسية العربية، نظرا لأهميتها والإمكانات التي تطرحها في إحداث التوازن الإقليمي المطلوب في الشرق الأوسط أمام التدخل المفرط في الشأن العربي الذي تطرحه السياسات الإيرانية والتركية.
وأضاف: «قوة مصر والسعودية معا تشكل الحماية المطلوبة للوجود العربي والمصالح الاستراتيجية العربية إزاء التحديات والمخاطر المرتقبة، وطالب بالتركيز على قيادة سياسات عربية مشتركة تسهم في صياغة مستقبل المنطقة، خصوصا فيما يتعلق بكل من سوريا وليبيا والعراق واليمن».
وحول رؤيته للدور الإيراني واتساع نفوذه في المنطقة قال: «لا أقبل ما يعلنه بعض ساسة إيران بسيطرتهم على القرار في أربع عواصم عربية، وذلك كمواطن وسياسي عربي يهمه الحفاظ على كرامة وطنه.. المهم الآن هو كيف نتبع سياسة عربية تقي العالم العربي شرور التنافس الإقليمي، وأن نقف في وجه الأطماع الخارجية، داعيا للعمل على تحقيق درجة ضرورية من التضامن والاتفاق على مواقف محددة من التغييرات المقبلة، وأساسها يكون من مصر والسعودية، وأن تكون قوتهما نواة لاستدعاء الآخرين من العالم العربي واتخاذ قرارات فيما يتعلق بالتهديدات المتعلقة بتقسيم سوريا والعراق».
وانتقد موسى هيمنة أميركا وروسيا، بالإضافة إلى الدولتين الإقليميتين إيران وتركيا على القرار في سوريا، متسائلا أين الدول العربية التي لا ترى إلا بمواقف صغيرة وعمليات ترضية بالمشاركة في بعض المؤتمرات، مؤكدا استبعاد العرب من المطبخ السياسي الدولي والإقليمي، وطالب ضرورة الإصرار على الوجود العربي داخل هذه الغرف المغلقة أثناء تحديد وبحث مستقبل سوريا.
وأضاف أن وقوف مصر والسعودية سويا وإصرارهما على المشاركة في كل الاجتماعات المغلقة للدول الأربع مسألة استراتيجية ووطنية مهمة، وأنه لا حل إلا بوجودهما، ثم الذهاب بما يريان (مصر والسعودية) إلى الرأي العام العربي والجامعة العربية.
وعما إذا كان قد لمس خلال زيارته الأخيرة إلى روسيا، بوادر لحل الأزمة السورية، أفاد موسى بأن الأمر محل لإدارة النزاع وليس لحله. وربما يستمر في المستقبل المنظور.
وحول رؤيته لمكافحة الإرهاب الذي بات منتشرا في المنطقة، قال يجب أن تحقق النتائج المرجوة منها وفي إطارها فقط، وألا تكون حروبا تستهدف غير ذلك مثل اكتساب مناطق نفوذ واستخدامها لصالح أجندات الشر مثل التقسيم وإعادة رسم الحدود مع تدمير البنية الأساسية للشعوب واستنزاف موارد الدول وثرواتها.
وطالب بضرورة وجود دور عربي يقوي الوقفة العربية إزاء هذا الفيضان من الخطط التي تحاك ربما ضد المنطقة برمتها. وأضاف: «أود أن أحذر هنا من أن الأمر لا يقتصر على الخطط الواردة من الخارج وإنما أيضًا الفشل الداخلي في الحكم وعدم الإصلاح».
وفيما يتعلق بالأوضاع الداخلية المتوترة في مصر جراء القرارات الاقتصادية التي تم إعلانها مؤخرا، والخاصة بتحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود، أوضح موسى أن هذه القرارات تعطي القوة للحكومة والسياسة المصرية، لأن غموض المواقف والسياسيات يضعف من الثقة في الحكومة وإمكانياتها، وذلك بصرف النظر عن مدى صحتها أو إجماع الداخل عليها، مضيفا أن الحكومة اتخذت قرارا جريئا، وهذا يدعم مصداقية وقدرة مصر على اتخاذ قرارات جريئة سواء داخلية أو خارجية.
وطالب موسى باستكمال هذه القرارات بحيث تأخذ في الاعتبار وضع الفقراء، وترتيب الأمور الاقتصادية والأساسية مثل إصدار قانون الاستثمار، وأخرى تتعلق بالسياحة والزراعة والصناعة، في إطار حزمة من عناصر السياسة الشاملة.
وتمنى أن يلبي البرلمان دوره في إطار الدستور وطبقًا لمبادئه ونصوصه، بحيث يتم مناقشة هذه السياسات كلها في مجلس النواب، حول أسباب اتخاذ هذه القرارات والنتائج التي ستؤدي إليها. ولفت إلى أن أي مظاهرات حاليا تؤدي إلى عدم استقرار، وهو أمر غير مطلوب.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».