«الشرعية» تستعيد مناطق استراتيجية في تعز.. والانقلابيون ينتقمون من السكان

الميليشيات تستهدف المدارس.. ومستشفيات تتجه لإغلاق أبوابها بسبب الحصار الحوثي

مقاتلون من الجيش والمقاومة في صحراء بيحان بمحافظة شبوة اليمنية («الشرق الأوسط»)
مقاتلون من الجيش والمقاومة في صحراء بيحان بمحافظة شبوة اليمنية («الشرق الأوسط»)
TT

«الشرعية» تستعيد مناطق استراتيجية في تعز.. والانقلابيون ينتقمون من السكان

مقاتلون من الجيش والمقاومة في صحراء بيحان بمحافظة شبوة اليمنية («الشرق الأوسط»)
مقاتلون من الجيش والمقاومة في صحراء بيحان بمحافظة شبوة اليمنية («الشرق الأوسط»)

أعلنت قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية، أمس، استكمالها تحرير منطقة الشقب الاستراتيجية الواقعة شرق مديرية صبر الموادم، في جنوب تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، من الميليشيات الانقلابية (الحوثي وصالح) بعد مواجهات عنيفة سقط فيها قتلى وجرحى من الجانبين، إضافة إلى تمكنها من كسر هجوم الميليشيات في أحياء ثعبات والربيعي والضباب، الجبهات الغربية والشرقية، علاوة على تصديهم لمحاولات التقدم إلى مواقع الجيش والمقاومة في جبهة الصلو، جنوب المدينة.
وفي تقدم متسارع، تمكنت قوات الشرعية من السيطرة على مواقع جديدة في منطقة الأقروض بمديرية المسراخ، جنوب تعز، وأعلنت سيطرتها على جبل السقق ومنطقة الرضعة وقرية الهوبين ومدرسة الخلل في الأقروض بعد مواجهات عنيفة.
وبينما حققت قوات الجيش الوطني والمقاومة في محافظة تعز هذه الانتصارات العسكرية الميدانية، ردت الميليشيات على هزائمها بتكثيف القصف على أحياء تعز بالدبابات، واستهدفت خصوصًا الأحياء الشرقية بالمدينة.
وبالتزامن مع هذا القصف المدفعي على تعز، تتواصل المواجهات العنيفة بين قوات الشرعية (الجيش الوطني والمقاومة الشعبية) والميليشيات الانقلابية، في الأطراف الشرقية والغربية والجنوبية لمدينة تعز، وفي جبهتي حيفان الصلو الريفية، جنوب المدينة، حيث تشهد معارك عنيفة وسط قصف متبادل واستماتة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية على التقدم ودحر الميليشيات.
وقال مصدر عسكري في تعز لـ«الشرق الأوسط»، إن «الميليشيات الانقلابية باتت تتخبط في جميع الجبهات، ولليوم الخامس على التوالي والانتصارات تتوالى في جبهة الصلو الريفية وكذلك جبهة الشقب، شرق مديرية صبر الموادم، جنوبا، وتم استعادة كثير من المواقع». وأضاف: «خلال الساعات الـ48 الماضية تم استكمال تطهير منطقة الشقف باستعادة وتطهير قريتي حبور وعركب ومنطقة حدة وجبال المشهوت والصالحين، وبوابة عدن وموقع السقاية بعد مواجهات عنيفة سقط فيها العشرات من القتلى والجرحى من صفوف الميليشيات يبنهم قياديون حوثيون، إضافة إلى سقوط قتلى وجرحى من صفوف الجيش والمقاومة، وكذلك استعادة مواقع جديدة في منطقة الأقروض بمديرية المسراخ». وذكر المصدر ذاته أن «الميليشيات تسببت في حالة نزوح جماعي لأكثر من مائة أسرة من قرى البطنة والقحفة الذنيب في مديرية الصلو بسبب المواجهات التي تشهدها المنطقة، في الوقت الذي تتواصل فيه المواجهات في منطقة الصيرتين، في محاولة من الميليشيات السيطرة على المنطقة والتقدم إلى مواقع الجيش والمقاومة، ويرافق المواجهات القصف على القرى والدفع بتعزيزات عسكرية إلى الانقلابيين».
بدوره، أكد قائد محور تعز، اللواء الركن خالد فاضل: «استعادة قوات الجيش الوطني مواقع استراتيجية في جبهة الشقب، وأن الجيش الوطني مسنودًا بالمقاومة الشعبية تمكن من تطهير تبة الصالحين والمشهود في الشقب وغنمَ كميات من أسلحة الميليشيات». وأوضح أن «المعارك على أشدها في جبهات القتال بالشقب والأقروض ومديرية الصلو، حيث إن أفراد الجيش الوطني مستميتون في التصدي لهجمات متتالية للميليشيا في تلك الجبهات».
ونقل المركز الإعلامي لقيادة محور تعز عن قائد المحور قوله إن «قوات الشرعية تمكنت من تطهير منطقة قرون الشامي المطلة على مديرية الوازعية في جبل الضعيف منطقة جردد بني عمر، جنوب غربي تعز، بعد هجوم منظم على مواقع تمركز الميليشيات في المنطقة، وأن الميليشيات الانقلابية تتكبد خسائر فادحة في العتاد والأرواح، نتيجة بسالة أفراد الجيش الوطني في التصدي للهجمات».
وفي السياق ذاته، تواصل الميليشيات الانقلابية انتهاكاتها بحق المواطنين، حيث وصل الأمر بها إلى جعل الأطفال هدفا لها، إما من خلال استهدافهم بمدفعياتهم وإما من خلال قناصيهم. وأقدمت الميليشيات المتمركزة في مواقع الدفاع الجوي، غرب المدينة، أمس، على إطلاق النار على طلاب المدارس والمستشفيات في مدينة النور، شمال غربي مدينة تعز. كما نزح عدد من المدنيين من أحياء عنصورة وشارع 24 بمدينة تعز، بعد القصف العنيف من قبل الميليشيات على منازلهم من مواقع تمركزها في تبتي الزيبة والقارع، إضافة إلى تعرض عدد من أهالي قرية الدبح، غرب المدينة، للتهجير القسري.
كما أعلنت مدارس الإحسان وجعفر والمنار في مدينة النور، إغلاق أبوابها أمام الطلاب بعد تعرضها للقصف من قبل الميليشيات الانقلابية، ولتحفظ سلامة الطلاب الأطفال.
في المجال الإنساني، أعلنت مصادر في المستشفى الجمهوري بتعز عن توجه المستشفى إلى إغلاق بعض أقسامه، بسبب الظروف الصعبة والحصار الذي تفرضه الميليشيات. وقال الدكتور محمد أحمد مخارش، مدير إدارة الطوارئ في المستشفى الجمهوري بتعز لـ«الشرق الأوسط»، إن المستشفى سيغلق أبوابه أمام المرضى بسبب الظروف الصعبة، محذرًا من «كارثة صحية حقيقية». وأوضح أن المستشفى يعاني من مشكلات جمة بما فيها مشكلات المحروقات والمستحقات والكادر الطبي، حيث «أصبحنا نعاني من عدم وجود كادر طبي كاف في المستشفى بسبب وجوده خارج المدينة جراء استمرار الحرب، وأيضا المحروقات التي لا نستطيع توفيرها من أجل عمل المولدات وعمل أقسام المستشفى، ناهيك بالمستحقات، وعدم وجود الأدوية والمستلزمات الطبية في جميع الأقسام». وأكد الدكتور مخارش لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك أقساما في المستشفى مهددة بالتوقف عن العمل خلال الأيام القادمة، وهي أقسام المختبر والإسعاف وبنك الدم والغسيل الكلوي وقسم الأشعة، بسبب عدم وجود الكادر وعدم قدرة المستشفى على دفع المستحقات ونقص في المواد الطبية والأدوية، إضافة إلى أهم الأقسام في المستشفى التي يعتمد عليها أبناء المحافظة بشكل كامل، وهي قسم الولادة وقسم القلب الذي يشغل حاليا قسم الرقود دون الاستطاعة لتشغيل قسم العناية، وجميعها مهددة أن تتوقف خلال الأيام المقبلة». وأكد وجود «جهات تسعى جاهدة لمنع وصول المساعدات إلى مستشفى الجمهوري في تعز وجميع المستشفيات العاملة في المحافظة».
في غضون ذلك، جدد طيران التحالف العربي أمس استهداف مواقع الميليشيات الانقلابية في مديريات بيحان بمحافظة شبوة الواقعة شرق البلاد والتي تربط المحافظة بمحافظة البيضاء الخاضعة لسيطرة الانقلابيين منذ أكثر من عام. وقال الناطق الرسمي لقوات اللواء 19 مشاة في بيحان عبد الكريم البرحي إن غارات التحالف استهدفت تجمعات للميليشيات في مواقع قريبة من خط الاشتباك مع الجيش والمقاومة وتحديدًا مواقع تمركز الحوثيين في الهجر ولخيضر وبلبوم. وأكد البرحي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن طيران التحالف استهدف تجمعات الانقلابين وعتادهم العسكري بعدة غارات تعد هي الضربات الأولى من نوعها من حيث دقة الأهداف ومدى تأثيرها على العدو منذ بداية المعارك مع الميليشيات. وأضاف أنه بعد تلك الغارات، صبت الميليشيات غضبها على منازل المواطنين وأحرقت أحد المنازل في مديرية عسيلان غير آبهين بحياة المواطنين القاطنين لتلك المنازل وهذا تطور خطير لتلك الميليشيات في حربها مع الجيش والمقاومة من أبناء بيحان، على حد تعبيره.
من جهة أخرى، واصلت الميليشيات الانقلابية حشد تعزيزاتها العسكرية إلى جبهات المضاربة وكهبوب ورأس العارة بمحافظة لحج وكذا مديريات بيحان وعسيلان بمحافظة شبوة رغم الخسائر الفادحة التي تتلقاها قواتها جراء الغارات الجوية للتحالف وحرب الاستنزاف الذي تقوده قوات الشرعية وحققت فيه انتصارات متوالية وخسائر كبيرة.
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن انكسارا كبيرا للميليشيات حصل أول من أمس عقب تصدي المقاومة لتعزيزات عسكرية ضخمة في جبهات الصبيحة غرب مديرية المضاربة بمحافظة لحج والمحاذية لمديرية الوازعية التابعة لمحافظة تعز وكذا للمحاولات المتكررة للميليشيات الانقلابية الرامية للتمدد جنوبا ناحية لحج وباب المندب. وتشهد جبهات الصبيحة بمحافظة لحج في مناطق محاذية لمحافظة تعز مواجهات شرسة في مختلف جبهات التماس خط النار في المناطق الرابطة بين محافظتي لحج وتعز سوي جبهات التماس المناطق الشمالية الغربية الأربع المحاولة والأغبرة والمنصورة وخبل العلقمة أو على مستوي جبهات مناطق وجبال كهبوب كهبوب الاستراتيجية المطلة على جزيرة ميون وممر الملاحة الدولية باب المندب.
وقال الناشط الإعلامي أحمد البصيلي إن المواجهات تتركز بشدة في جبهتي الأغبرة والمحاولة شمال غربي المضاربة بمحافظة لحج بسبب طول الامتداد المساحي للجبهة حيث يطول مساحتها عن 30 كيلومترًا من المجاربة والزيدية شمال شرقي المضاربة حتى ثرك عند أتخام كهبوب جنوب غربي المضاربة في امتداد تضاريسي متعرج وسلسلة جبلية معقدة التضاريس فتكمن أهميتها في أنها تطل علي جبهات المضاربة المحاولة والأغبرة وكهبوب.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.