أكثر من 200 مقاتل يستعدون للخروج من قدسيا والهامة.. وسيناريو التهجير يتكرّر

السرية تحيط بالاتفاق الذي من المتوقع أن يبدأ تنفيذه اليوم بخروج العشرات منهم

أكثر من 200 مقاتل يستعدون للخروج من قدسيا والهامة.. وسيناريو التهجير يتكرّر
TT

أكثر من 200 مقاتل يستعدون للخروج من قدسيا والهامة.. وسيناريو التهجير يتكرّر

أكثر من 200 مقاتل يستعدون للخروج من قدسيا والهامة.. وسيناريو التهجير يتكرّر

رغم السرية الكبيرة التي تحيط بتنفيذ اتفاق خروج المقاتلين المعارضين من منطقتي قدسيا والهامة في ضواحي دمشق، يبدو أنهما سينضمان إلى خطة التهجير التي ينفذها النظام السوري لتأمين العاصمة دمشق وإفراغ محيطها من المعارضة، بعدما سيطر على مواقع استراتيجية في المنطقة، بحيث من المتوقع أن تبدأ أول دفعة بالخروج اليوم الأربعاء. وأشار مصدر في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ أكثر من 200 مقاتل أصبحوا مستعدين للخروج قبل يوم الخميس، بعدما آثرت الفصائل المعارضة سلامة المواطنين على الدخول في معركة غير معروفة النتائج، موضحا: «قدسيا والهامة لا تملكان مقومات الصمود كما داريا أو مناطق أخرى، وأي مغامرة ستنعكس سلبا على المواطنين الذين يتجاوز عددهم المائتي ألف لا سيما أنهم يعانون من الحصار الخانق ويتعرضون للقصف منذ أكثر من أسبوعين».
من جهته، أشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إلى أن سرية مطلقة تحيط بالمفاوضات وتفاصيل الاتفاق، كي لا يتحول ما يحصل إلى انتصار معنوي يستفيد منه النظام الذي يستغل خذلان المجتمع الدولي حيال الشعب السوري لتنفيذ سياسة التهجير القسري. وفي حين أشارت بعض المعلومات إلى أن المقاتلين الذي سيرفضون الخروج ستتم تسوية أوضاعهم عبر إخضاعهم لمحاكم النظام أو الالتحاق بالخدمة العسكرية، لفت عبد الرحمن إلى أن المقاتلين الذي سيخرجون سيتوجهون إلى إدلب وسيتم رفع علم النظام السوري في قدسيا والهامة بدلا من علم المعارضة، ومن ثم تشكيل مجالس محلية خاضعة لسلطة النظام لإدارة المنطقتين بعد أن تقوم قوات النظام بتمشيط المنطقة والتأكّد من خلوها من المقاتلين المعارضين.
وقالت مصادر ميدانية لشبكة «شام» المعارضة، إن «المنطقتين عانتا من الحصار كثيرا، وباتت حياة قرابة 200 ألف نسمة في خطر مع تزامن الحصار والقصف ومحاولة الاقتحام التي بدأت قبل قرابة الأسبوعين».
ومن المقرر وفق المصادر الميدانية أن تبدأ عملية الخروج (بالسلاح الفردي وتسليم الثقيل) ابتداء من الغد وتستمر حتى الخميس، بعد أن تم إعداد قوائم رافضي الاتفاق، ليتم تسليم المنطقتين لقوات النظام، كمرحلة أولى، ومن ثم تشكيل ما يسمى «اللجان الشعبية» لإدارة المنطقتين تحت رعاية النظام.
أما بالنسبة للباقين في المنطقتين ولا سيما الشبان، فلديهم مهلة لتسوية أوضاعهم مع النظام فيما يتعلق بالخدمة في صفوف قوات النظام خلال 6 أشهر. وكانت قوات النظام قد هدّدت قبل نحو عشرة أيام، أهالي قدسيا والهامة في ريف دمشق الغربي باقتحام المدينتين في حال لم يخرج المسلحون من المدينتين أو تسوية أوضاعهم، بعدما عمدت قوات النظام إلى خرق الهدنة المتفق عليها منذ عام 2014 وقصفت قدسيا بعدد من القذائف، تزامنا مع محاولة اقتحام عسكري.
وبعد ذلك انسحبت المعارضة من مواقع عديدة كانت تسيطر عليها في محور العيون على أطراف الهامة بريف دمشق الغربي وسلمتها لقوات النظام، وذلك ضمن اتفاق مبدئي بين النظام والمعارضة تمهيدا لتنفيذ بنود اتفاق التسوية المفروضة من قبل النظام. وكان مصدر مقرب من اجتماع جمع ضباطا من قوات النظام ووجهاء من مدينتي قدسيا والهامة، قال قبل نحو أسبوع لـ«وكالة الأنباء الألمانية» إن «أجواء الاجتماع كانت مشحونة للغاية حيث أصرّ ممثلو قوات النظام على إخلاء المسلحين فورا، مع التأكيد على أن التأخر في ذلك سيعرض البلدتين لعملية عسكرية واسعة خلال اليومين القادمين». وكشف المصدر أن الاجتماع انتهى بالاتفاق على إعداد لوائح بأسماء مسلحي المعارضة الموجودين في البلدتين ليتم نقلهم إلى ريف إدلب، وأن المسلحين اضطروا، تحت ضغط الأهالي والعملية العسكرية التي بدأتها قوات النظام على الموافقة على الخروج بأسلحتهم الخفيفة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.