لجنة الانتخابات توصي عباس بإرجاء الانتخابات المحلية كليًا في الضفة وغزة

حماس تهدد بإجراءات لوقف «التفرد».. والحكومة تقرر خلال الشهر الحالي مصير العملية برمتها

الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أحد مؤتمراته الصحافية في رام الله (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أحد مؤتمراته الصحافية في رام الله (رويترز)
TT

لجنة الانتخابات توصي عباس بإرجاء الانتخابات المحلية كليًا في الضفة وغزة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أحد مؤتمراته الصحافية في رام الله (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أحد مؤتمراته الصحافية في رام الله (رويترز)

أثار قرار محكمة العدل العليا في رام الله إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية فقط دون قطاع غزة، ردود فعل مختلفة، من بينها تهديدات حركة حماس باتخاذ إجراءات لوقف «تفرد» حركة فتح في الانتخابات، وتوصية اللجنة المركزية للانتخابات بتأجيل كل العملية الانتخابية 6 أشهر إضافية لحين ترتيب إجرائها في كل الوطن، من دون أن تعقب الحكومة الفلسطينية فورًا على القرار.
وقررت المحكمة العليا أمس، استكمال إجراء انتخابات الهيئات والمجالس المحلية في الضفة الغربية، وتعليق إجرائها في قطاع غزة، لحين إصدار قرار من مجلس الوزراء لتحديد إجرائها في غزة «لعدم قانونية المحاكم في القطاع». وقال المحامي نائل الحوح، الذي رفع القضية مطالبًا بتأجيل الانتخابات، إن «ما ذهبت له المحكمة هو أنها قررت تكليف مجلس الوزراء بما تمتلكه من سلطة، بموجب قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية في المادة 291، بالاستمرار في العملية الانتخابية في الضفة الغربية، وبخصوص قطاع غزة قررت تكليف الحكومة باتخاذ كل الإجراءات التي تضمن إجراءها هناك».
وكان يفترض أن تجرى الانتخابات في الضفة وغزة، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول)، لاختيار مجالس بلدية ومحلية في نحو 416 مدينة وبلدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن المحكمة قررت في الثامن من سبتمبر (أيلول) وقفها بعد إسقاط حماس قوائم لحركة فتح في قطاع غزة.
وأنهى قرار المحكمة أي فرصة لعقد أول انتخابات مشتركة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكانت ستشارك فيها حماس منذ سيطرتها على القطاع عام 2007.
ويفترض أن تقرر الحكومة الفلسطينية هذا الشهر، موعد إجراء هذه الانتخابات في الضفة، إذا لم يستجب الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتوصية اللجنة المركزية للانتخابات بتأجيلها العملية برمتها 6 أشهر.
وكانت لجنة الانتخابات عقدت اجتماعا طارئا أمس عقب تلقيها قرار محكمة العدل العليا القاضي بإجراء الانتخابات المحلية في كل الهيئات المحلية ما عدا قطاع غزة.
وقالت اللجنة في بيان إنها إذ تحترم قرار محكمة العدل العليا، «فإنها ترى أن ذلك سيزيد من حدة الانقسام بين شطري الوطن، ويضر بالمصلحة العامة، والمسيرة الديمقراطية في فلسطين». وبناء عليه، «فقد أوصت لجنة الانتخابات المركزية في رسالة بعثتها إلى سيادة الرئيس محمود عباس بتأجيل إجراء الانتخابات المحلية لمدة ستة أشهر، بحيث يتم خلالها ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، ومعالجة الأنظمة والقوانين ذات الصلة؛ بما يخدم المصلحة العليا للشعب الفلسطيني». وجاءت توصية لجنة الانتخابات في ظل رفض فصائل فلسطينية لقرار المحكمة وتهديدات بإجراءات من حماس.
وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، إن قرار محكمة العدل العليا بإجراء الانتخابات في الضفة دون غزة، «هو تسيّيس للقضاء، وتعميق للانقسام، وتقسيم مرفوض للوطن».
ورفضت حركة حماس قرار المحكمة العليا بإجراء الانتخابات المحلية بالضفة دون غزة، مبينة أنه يمارس التجزئة بين أبناء الشعب الفلسطيني.
وقالت الحركة في تصريح صحافي اليوم الاثنين: «إنها صدمت والشعب الفلسطيني بالقرار المفاجئ للمحكمة العليا بإجراء الانتخابات في الضفة فقط دون غزة، معتبرة أنه قرار مسيس يكرس حالة الانقسام، ويعكس حالة التمييز التي تمارسها المؤسسة الرسمية والقضائية في الضفة تجاه غزة».
ودعت حماس لجنة الانتخابات المركزية إلى عدم تطبيق هذا القرار؛ حفاظًا على وحدة الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع.
وجاء ذلك في وقت هاجم فيه الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري ما وصفه بـ«التفرد والعبث الانتخابي»، ردًا على مطالبة حركة فتح بمراجعة قوانين الانتخابات، مؤكدًا أنه سيكون لحماس قراراتها التي تحول دون استمرار ذلك.
أما كتلة حماس البرلمانية فوصفت ما جرى «بهروب فتحاوي من المشهد الانتخابي».
وأضافت الكتلة «أن هذا القرار المستند إلى مرافعة قدمتها النيابة هو دليل إضافي على أن هذه الحكومة تتعامل بعقلية حزبية ومناطقية بعيدًا عن الإرادة الوطنية والمجموع الفلسطيني، وهو دليل آخر على أن حركة فتح غير جاهزة للانتخابات وغير مستعدة لها، في ظل تنافس شريف ولا يبشر بأي تعاط فتحاوي مع إمكانية إجراء أي انتخابات عامة، استنادًا إلى اتفاقات المصالحة على الصعيد التشريعي والرئاسي والمجلس الوطني، وهو ما أكده البيان الأخير للمجلس الثوري لحركة فتح باعتبار المصالحة عبثية».
كما رفضت فصائل فلسطينية القرار، ورأت الجبهة الشعبية في بيان لها، إجراء الانتخابات المحلية بالضفة دون قطاع غزة قطعًا مع الجهود التي بُذلت ولا تزال لأن تُشكل هذه الانتخابات محطة يتم البناء عليها، وآلية من آليات مغادرة حالة الانقسام، وصولاً لإجراء انتخابات المجلسين الوطني والتشريعي، وانتخابات الرئاسة.
وقالت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، إنها تعترض على قرار محكمة العدل العليا بتعطيل عملية الانتخابات البلدية، ومنع إجراء الانتخابات البلدية في قطاع غزة.
وقالت إن «هذا القرار يتعارض مع المصالح الوطنية والديمقراطية للشعب الفلسطيني، ويطيح بفرصة إجراء الانتخابات لأول مرة في الضفة والقطاع معاً منذ عام 2006، وبما كان يمكن أن يفتح الطريق لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني».
ولم تعقب الحكومة الفلسطينية أو حركة فتح على قرار المحكمة، لكن المسؤول في فتح محمد أشتية، وهو عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وصف حرمان أهل غزة من المشاركة بـ«الأمر المحزن»، متهمًا حماس بتحويل الانتخابات لأداة لترسيخ الانقسام، ومحاولة إضفاء شرعية عليها. وحمّل أشتية حركة حماس كامل المسؤولية عن تعطيل المسار الديمقراطي، عبر تدخلها في الانتخابات والطعونات غير القانونية التي أقدمت عليها، ولجوئها إلى محاكم غير الشرعية.
وقال المسؤول الكبير في فتح «إنهم يأملون أن يتم خلق مناخ مناسب لتمكين إجراء الانتخابات المحلية مع أهالي قطاع غزة».
وطالب أشتية وزير الحكم المحلي بأن يقوم بتعيين بلديات في قطاع غزة بصفته وزيرًا في حكومة التوافق الوطني، وأنه صاحب الشأن في هذا الأمر.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.