أميركا «المحبطة» في سوريا.. في سباق بين الخيارات الدبلوماسية والعسكرية

خبراء يرون أن دعم المعارضة يبقى الأكثر «منطقيا» في آخر ولاية أوباما

وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمر صحافي في جامعة توفس بمدينة ميدفورد الأميركية (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمر صحافي في جامعة توفس بمدينة ميدفورد الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أميركا «المحبطة» في سوريا.. في سباق بين الخيارات الدبلوماسية والعسكرية

وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمر صحافي في جامعة توفس بمدينة ميدفورد الأميركية (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمر صحافي في جامعة توفس بمدينة ميدفورد الأميركية (أ.ف.ب)

تقف الأزمة السورية والتصعيد الروسي في حلب أمام مفترق طريق دبلوماسي وعسكري وضع الولايات المتحدة الأميركية في موقف حرج خلال الأسابيع الأخيرة لولاية الرئيس باراك أوباما، وذلك بعدما وصلت المحادثات بين موسكو وواشنطن إلى حائط مسدود وأسقطت معها الاتفاق الأخير بينهما.
ويعكس «إحباط» وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي عبّر عنه أمام شخصيات سورية الأسبوع الماضي، من عدم توفير دعم عسكري لجهوده الدبلوماسية، هذا الواقع المأزوم الذي يضع بلاده أمام خيارات محددة، أكثرها «منطقيا» إسقاط الفيتو الأميركي عن دعم المعارضة بالسلاح النوعي. وهو ما قد يؤدي إلى تبديل في موازين القوى العسكرية على الأرض تمهيدا للعودة إلى طاولة المفاوضات، بحسب ما يشير إليه كل من مدير «مركز الحدث للدراسات» الدكتور بهاء بو كروم، والخبير في مركز «كارنيغي للأبحاث» ماريو أبو زيد.
وكان نائب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، قد أعلن أن وكالات الأمن القومي الأميركية «تبحث عن خيارات جديدة» في محاولة لإنهاء الحرب الأهلية السورية، وهو ما رأى فيه أبو كروم تأكيدا على أنّه لم يكن لدى أميركا «خطة ب»، مرجّحا تقدّم خيار البنتاغون «العسكري» على رهان كيري الدبلوماسي.
ويعتبر أبو كروم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «وبعدما أصبح الاتفاق الأميركي الروسي وراءنا باتت واشنطن اليوم أمام بعض الخيارات السياسية والعسكرية»، موضحا «الخيارات العسكرية هي عبر إفساح المجال أمام بعض الدول لتزويد المعارضة السورية بأسلحة نوعية للتعديل في موازين القوى داخل سوريا من دون أن يعرّضها هذا الأمر إلى الدخول في حرب كبيرة في المنطقة، أو عبر دعم التدخل التركي العسكري من خلال التمهيد لإقامة المنطقة الآمنة والسماح لها للتوغّل أكثر في سوريا».
أما سياسيا، فيرى أبو كروم أن الأسابيع الأخيرة من ولاية أوباما قد تكون فعالة في هذه الأزمة إذا اتخذت واشنطن قرارا بالتصعيد السياسي والدبلوماسي تجاه موسكو على خلفية الملف الإنساني ما من شأنه فتح مسارات محاكمة النظامين السوري والروسي على جرائمهما في سوريا، إضافة إلى الضغط على الأوربيين لزيادة العقوبات الاقتصادية على روسيا». وهو يعتبر أن خيار تسليح المعارضة هو الأقرب إلى التطبيق في هذه المرحلة بالنسبة إلى أميركا التي تتعرض لضغوط نتيجة كل ما تقوم به روسيا في حلب. وفي حين لا يرى أن إسقاط فيتو التسليح قد يغيّر موازين القوى العسكرية على الأرض، يعتبر أنّه مجرّد الوقوف أمام طموحات موسكو في سوريا وصمود المعارضة هو هزيمة للمشروع الروسي، وعندها قد يمهّد الأمر إلى عملية سياسية متكافئة تعيد أحياء المفاوضات السياسية.
بدوره، يرى الباحث في مركز كارنيغي، ماريو أبو زيد، أن ما نقل عن كيري يؤكّد وصول أميركا إلى حائط مسدود. ويوضح أبو زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «منذ البداية كان واضحا أن الدبلوماسية لن توصل إلى نتيجة في سوريا، وما يحصل اليوم في حلب من دمار شامل يؤكّد أكثر هذا الأمر». ويرى أبو زيد أن الأمر الوحيد الذي تستطيع واشنطن القيام به في المرحلة الانتقالية بين الولايتين الأميركيتين، هو دعم المعارضة بالأسلحة النوعية ولا سيما منها المضادة للدروع والطائرات، ليتم بعد ذلك البحث في إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات. ويضيف «يبدو واضحا أن روسيا تعمل تماما انطلاقا من هذا الواقع بحيث تحاول إنهاء قوة المعارضة لاستنزاف القدرة الدبلوماسية لديها لتفرض نفسها على طاولة المفاوضات. ومن هنا إذا لم تتخذ أميركا قرارا بهذا الشأن ستدرك روسيا كيف تستفيد من هذا الغياب».
وانطلاقا من المعطيات والحراك الدبلوماسي العربي والغربي، ولا سيما منه التقارب التركي – السعودي، يقول أبو زيد «لا بد أن تسليح المعارضة بات أمرا مطروحا ويدرس بشكل جدي، على أن يكون عبر أصدقاء سوريا وليس أميركا نفسها، ويترافق مع دعم التدخل التركي في سوريا ودعم المعارضة عبر أنقرة التي دخلت الحرب تحت عنوان حماية الحدود وصولا إلى تحقيق مخطّط المنطقة الآمنة»، مضيفا: «ومما لا شك فيه سيكون ذلك عبر فتح خطوط إمداد للمعارضة عن طريق تركيا منعا لانهيارها بشكل كامل».
وبعدما كانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد نقلت عن كيري قوله أمام عدد من المدنيين السوريين وشخصيات أخرى أنه فقد الحجة داخل إدارة أوباما لدعم الجهود الدبلوماسية لإنهاء إراقة الدماء في سوريا بسبب التهديد باستخدام القوة العسكرية. عاد وزير الخارجية الأميركي أول من أمس، وأكد في اتصال مع رئيس الهيئة العليا التفاوضية رياض حجاب: «عزم بلاده على الاستمرار في استكشاف مدى صدقية روسيا والتزامها بتعهداتها والسعي الجاد لإيقاف القصف العشوائي على المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية». وفي المقابل، اعتبر حجاب «أنّه وللوقوف في وجه كل المخططات لا بد من تعزيز قدرات فصائل الجيش الحر ليكون قادرًا على حماية المدنيين من همجية وعدوان النظام وحلفائه ومحاربة التطرّف والإرهاب والسعي الجاد للتوصل إلى وقف إطلاق نار».
كيري بحسب ما نقلت الصحيفة الأميركية قال «عدم اكتراث الأسد بأي شيء قد يدفع إدارة أوباما إلى التفكير في خيارات جديدة» ولكنه قال أيضا «إن أي جهود أميركية أخرى لتسليح المعارضة أو الانضمام للقتال قد تؤدي لنتائج عكسية». كذلك قال كيري في تسجيل صوتي للاجتماع الذي عقد بعد أيام من انهيار الهدنة واستمر 40 دقيقة في مقر البعثة الهولندية بالأمم المتحدة في 22 سبتمبر (أيلول)، وحصلت عليه الصحيفة: «أعتقد أنكم تنظرون إلى ثلاثة أشخاص أو أربعة أشخاص في الإدارة يدافعون كلهم عن استخدام القوة وقد فقدت الحجة.. إننا نحاول انتهاج الدبلوماسية وأعرف أنه أمر محبط. لن تجدوا أحدا أكثر شعورا بالإحباط منا». وتابعت الصحيفة أن وزير الخارجية الأميركي شكا مرارا من أن جهوده الدبلوماسية لا تحظى بدعم بسبب تهديد خطير باستخدام القوة العسكرية.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.