عام السعودية الـ86.. يحل مع «رؤية» نحو المستقبل

مع خريطة طريق شاملة الأركان تتوازى مع طموحات الشعب

الملك سلمان داعمًا للتطوير والصناعة والعقول السعودية في كل المحافل وفي الصورة لدى زيارته أحد المصانع الوطنية في الرياض إبان توليه إمارة العاصمة
الملك سلمان داعمًا للتطوير والصناعة والعقول السعودية في كل المحافل وفي الصورة لدى زيارته أحد المصانع الوطنية في الرياض إبان توليه إمارة العاصمة
TT

عام السعودية الـ86.. يحل مع «رؤية» نحو المستقبل

الملك سلمان داعمًا للتطوير والصناعة والعقول السعودية في كل المحافل وفي الصورة لدى زيارته أحد المصانع الوطنية في الرياض إبان توليه إمارة العاصمة
الملك سلمان داعمًا للتطوير والصناعة والعقول السعودية في كل المحافل وفي الصورة لدى زيارته أحد المصانع الوطنية في الرياض إبان توليه إمارة العاصمة

حين يرفرف علمها الأخضر، فهو يرفرف والنبض معه عربي وإسلامي، والفخر الداخلي لدى شعبها بأنها السعودية، التي أضحت دولة رصيدها المعنوي قوة ومنعة وثباتًا.
تاريخها طويل وكبير، لا تحصره العقود الثمانية، ولا تختصره كلمات في كل الأصعدة، سياسيًا أو اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، فمع كل عام تحتفل فيه المملكة العربية السعودية، لا بد فيها من جديد، من نواحٍ شتى، لكن هذا اليوم الوطني للبلاد يحلّ وفي جعبته الخطة الوطنية الأكبر، ليكون وقودها بجسر من الآمال والطموحات والخطط، قبل أن تكون السعودية دولة اليوم في طريقها إلى بلوغ عامها المائة.
حين تحل ذكرى يومها الوطني، يحضر مؤسس كيانها الكبير وموحد أرجاء جغرافيتها الواسعة، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، السلطان القديم لنجد والحجاز، وهو اسمه القديم قبل أن يعلن توحيد المملكة العربية السعودية على هذا المسمى في عام 1932 في أول أيام برج الميزان الذي يوافق اليوم 23 سبتمبر (أيلول)، ليعلن انطلاقة بناء ما يلزم وتنظيم أعمال المؤسسات برفقة أبنائه الملوك من بعده.
تدخل السعودية اليوم عامها الـ86 وسط تحولات كثيرة يشهدها العالم، وخصوصًا منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، وحضور مؤثر على المستوى الداخلي، عبر حزمة من القرارات المؤثرة التي تمس الاحتياجات الخدمية، وكذلك الوظيفية، وقوة في تطوير المهام الخدمية وتوسعًا في مجالات مختلفة، وعلى المستوى الخارجي قوة في الحضور الدولي المؤثر مع أزمات الشرق والغرب، وهي في ذلك البحر تمر قاطعة عباب الأمواج وتلاطمها بثقة وثبات.
يعكس ذلك حضورها بتحول تاريخي على صعيد العمل الإداري والتنموي في «الحكم الرشيد» بإعلان «رؤية السعودية 2030» في لحظة تُسجّل كتأريخ جديد في كتاب تاريخ البلاد الكبير، لتكون بذلك بداية وضع ملف الرؤية في مسيرة السعودية للخمسة عشر عامًا القادمة، قياسًا بإنجازاتها وتصاعدًا في مسيرة العمل، لتكون تحولاً تاريخيًا في البلاد.
الدولة السعودية شهدت الكثير من «الرؤى» الوطنية التاريخية، كان من ضمن نقاط تحولها الكبيرة، نواة التشكل بأساسها، بعد لقاء تاريخي بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب، حيث بدأت هذه الدولة السعودية في بناء كيانها وتوحيد بعض أجزاء الدولة، معتمدة على المنهجين السياسي والديني، تبعتها دولتان سعوديتان بعمر تجاوز 140 عامًا.
نقطة تحول تاريخية أخرى، هي قلب لا يزال ينبض حتى اليوم ومع تراكم السنين يزداد قوة، دولة سعودية ثالثة، بقيادة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، بدأت في بواكير عام 1902 بعد أن حشد الملك عبد العزيز قوته برجاله، للعودة إلى الرياض، واستعادة حكم آبائه وأجداده، وإعادة رحلة التوحيد بشكل أشمل، حيث انطلق واستعاد الرياض، في ليلة كانت نقطة التحول الكبرى لبدء دولة ثالثة هي الأقوى، وانضمت المناطق تباعًا لتكون ضمن الكيان الكبير، الذي تمت تسميته في عام 1932 (المملكة العربية السعودية)، وتسمية دولة أضحت اليوم الأهم على الخريطة الجيوسياسية.
بعد وفاة الملك المؤسس عبد العزيز، رحمه الله، في عام 1953 تولى ابنه الملك سعود الحكم، وتم في عهده استكمال إنشاء بعض القطاعات وبناء مؤسسات مختلفة وإنجازات كثيرة، واستمر كذلك الملك فيصل الذي تسلم الحكم في عام 1964 فملأ التاريخ اسمه، وشهدت معه السياسة الخارجية تحولات كثيرة، وفي عام 1975 تولى بعده الملك خالد الحكم، حيث يعرف عهده على المستوى الداخلي بعهد الرخاء والتحول الحقيقي نحو الصناعة، وتنويع سبل العيش لدى طيف واسع من السعوديين.
بعد وفاة الملك خالد عام 1982 تولى ولي عهده الأمير فهد الحكم، ليكون ملكًا على السعودية لأكثر من 22 عامًا، واختار أن يكون الأمير عبد الله بن عبد العزيز وليًا لعهده (الملك لاحقًا)، وشهدت السعودية في عهد الملك فهد أزمات كثيرة وحروبًا مختلفة، كان أشدها وأكثرها تأثيرًا حرب الخليج الثانية العام 1990، واحتلال نظام الرئيس العراقي صدام حسين دولة الكويت، لكن السعودية كانت على الأركان ذاتها، قوية واثبة، رغم الأزمات.
في عهد الملك فهد، كان هناك تحول تاريخي مهم، تمثل في تأسيس أنظمة للحكم والمناطق والوزراء والشورى، وذلك في عام 1992، وهي أنظمة لا يزال العمل بها حتى اليوم ساريًا، وتم في عهده كذلك توقيع عدد من اتفاقيات ترسيم الحدود مع بعض الدول الخليجية.
في عهد الملك عبد الله، رحمه الله، الذي بدأ 2005 وشهدت البلاد توسعًا كبيرًا في الإجراءات الإدارية والتوسع الكبير والشامل في التوظيف وتوطين المهن والأعمال، ودخول المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، والتوسع في أعداد الجامعات والمعاهد التعليمية، وغيرها من المشاريع الكبرى التي استفادت من طفرات تاريخية في سوق صناعة النفط، إضافة إلى إصلاحات أخرى.
في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي تسلّم الحكم أواخر يناير (كانون الثاني) 2015، كانت التحولات تترى قياسًا بالزمن القصير، فخلال عام واحد، كانت البلاد تسير في المسارين الداخلي والخارجي بخطى ثابتة، على الوجه الخارجي؛ كان في صالح الإقليم، وخطواته السريعة تصب للمصلحة الدولية، مع الحرص على الفوائد للشعب السعودي من الأبواب كافة، مكافحة الإرهاب عنوان، تتبعها عناوين في إعادة بعض الدول للحصن العربي بعد أن كانت في أوغال التدخلات الخارجية ذات المنهج المذهبي، وصياغة نهج جديد في العلاقات الدولية الذي يتيح تكوين دوائر جديدة، وخلق فرص استثمارية على المدى البعيد.
25 أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت السعودية تفاصيل برامج «رؤية السعودية 2030» والقرارات الحكومية لم تهدأ، بل كانت ذات فاعلية في الوثب نحو تحقيق تفاصيل الرؤية، فالكثير من الخطوط العريضة لـ«رؤية السعودية 2030» أصبحت علامات معروفة للكثيرين، وتشمل حملة لتعزيز الكفاءة داخل الحكومة ودورا أكبر للقطاع غير النفطي وتغيير طريقة إدارة الدولة للاحتياطيات الأجنبية لزيادة العوائد.
السعودية تأمل في أن يكون قلب الحياة التنموية أكثر نبضًا بالحياة والتجدد بدماء جديدة وذات خبرة إدارية كبرى، لتغذية جسد المشروع الأساسي في البلاد، الذي يحوي أكثر من ثلاثة عشر برنامجا المندرجة تحت استراتيجية السعودية للأعوام الخمس عشرة المقبلة.
قطاعات أعيدت هيكلتها، ودمج بعضها، وحفلت الأوامر الملكية الكبرى التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بأسماء جديدة في ساحة الوثبة السعودية القادمة، بعد أن بنت فكرتها العامة عبر الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، حول التغييرات في السياسة الاقتصادية والاجتماعية السعودية وقعا على جرد الواقع الداخلي السعودي، وتشخيص الفراغات التي يعاني منها.
ذلك في وقت أشادت فيه بعض الدول العظمى في المجتمع الدولي، والمنظمات الاقتصادية العالمية بالإصلاحات السعودية على صعيدي الاقتصاد والعمل الاجتماعي، ورحبت الأوساط الاقتصادية بإعلان المصادقة على خطة التحول الاقتصادي، حيث عبر صندوق النقد الدولي في مايو (أيار) الماضي عن تأييده لخطة الإصلاح الاقتصادي واسعة النطاق التي أعلنتها السعودية، وقال إن خطة الإصلاح تهدف إلى إجراء «تحول جريء وواسع النطاق في الاقتصاد السعودي، بما يلائم أوضاع البلاد».
وشهدت محطات زيارات الأمير محمد بن سلمان الخارجية، فرصة التواصل لآذان أرادت أن تسمع وترى عن كثب لتفاصيل الخطة السعودية الجديدة ومستقبلها بإصلاحات مختلفة، فضلاً عن معرفة آليات التعاون الاقتصادي بعد الإجراءات السعودية في تنويع الاقتصاد، كما كانت فرصة لقادة دول منها: أميركا، فرنسا، اليابان، الصين، وغيرها فرص للاطلاع على برنامج للتغيير في السعودية الأكثر شمولا في النواحي الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وحملت طابعا تنفيذيا بلقائه وبحثه سبل التعاون مع عدد من كبريات الشركات الأميركية، بشراكات استراتيجية جديدة ومبادرات تدعم أهداف «رؤية السعودية 2030»، تشمل شراكات في قطاعات التعدين والطاقة والتكنولوجيا.
وبعد خمسة وأربعين يوما من إعلان «الرؤية السعودية»، كانت التوجهات متماهية مع الطموح، وما تم التخطيط له لإحداث النقلة النوعية في الاقتصاد والمجتمع السعودي، العمود الفقري لـ«رؤية السعودية 2030» متبعا بغالب الوزراء في الكشف عن بعض التفاصيل أمام الرأي العام، في رحلة تركز على تنويع الاقتصاد وضمان استمرارية التفوق والريادة المالية السعودية، بحكم موقعها كدولة مؤثرة وحاضرة في مجموعة الدول العشرين الكبرى، واتفاقياتها مع عدد من الدول المتقدمة في مجالات عدة، وهو ما يجعل المملكة تتجه بقوة نحو النفاذ في الطاقة والأسواق والاستثمار والتقنية بـ543 مبادرة عبر 24 هيئة حكومية بميزانية قدرها 72 مليار دولار.
الشباب السعودي الذي يتجاوز حضوره المجتمعي 60 في المائة من إجمالي السكان، أصبحوا أكثر معرفة بتاريخهم ودور بلادهم المؤثر في المستوى الخارجي، وتكشفت لهم الأدوار التي تنتهجها بلادهم لضمان استقرار المملكة ومواصلة حضورها وضمان مستقبل لأبنائها الذين يثبتون أن وجه النور أكبر وأشمل من ظلاميات يتبعها بعض الخارجين.
برامج عدة، بدأت البلاد في وضعها أمام المحك العملي، فبرنامج آخر من ضمن قوائم البرامج «الرؤية السعودية»، يهتم بـ«رأس المال البشري» وكشفتها مبادرات أغلب قطاعات ومؤسسات الدولة، واتضحت السياسة التنموية للسعودية عبر قرارات تصب في خدمة الاقتصاد والشعب السعودي، بإقرار إنشاء هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وإطلاق برنامج «الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية»، الذي يهدف إلى رفع جودة أداء الموظف الحكومي وإنتاجيته في العمل، وتطوير بيئة العمل ووضع سياسات وإجراءات واضحة لتطبيق مفهوم الموارد البشرية، وإعداد وبناء القادة من الصف الثاني.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)