إيران وحزب الله دربا 100 ألف سوري لتشكيل قوة «الدفاع الوطني»

نعيم قاسم: إما التفاهم مع الأسد أو بقاء الأزمة مفتوحة

زوار في مرقد السيدة زينب قرب دمشق (نيويورك تايمز)
زوار في مرقد السيدة زينب قرب دمشق (نيويورك تايمز)
TT

إيران وحزب الله دربا 100 ألف سوري لتشكيل قوة «الدفاع الوطني»

زوار في مرقد السيدة زينب قرب دمشق (نيويورك تايمز)
زوار في مرقد السيدة زينب قرب دمشق (نيويورك تايمز)

تبدو منطقة السيدة زينب، التي كانت في السابق مقصدا للصلاة والتجارة، أشبه بثكنة عسكرية بالغة التحصين. داخل الضريح، تحت السقف الذي يتلألأ بالسيراميك الزجاجي، لا يزال الرجال والنساء تلهج ألسنتهم بالدعاء، متوجهين صوب القبر الذي يعتقدون أنه يضم رفات السيدة زينب، حفيدة الرسول، صلى الله عليه وسلم. لكن الشوارع المحيطة بالضريح والتي طالما اكتظت بالزوار والمتسوقين، باتت تشكو الآن ندرة زائريها. وولت الأيام التي كان الفناء المكسو بالسيراميك الأزرق يكتظ فيها بالمتنزهين الذين يتجاذبون أطراف الحديث، وحل محلهم الآن مسلحون يرتدون زيا لا يحمل علامة معينة.
أظهر البعض، في غمرة الإحساس بزوال الخطر الوشيك، بعضا من الارتياح. وأثناء الزيارة اقترب شخص يرتدي قميصا مموها أشبه بقمصان رجال البحرية الأميركية من أحد الزائرين في ساحة الضريح ومد يده قائلا: «أنا من حزب الله».
هذا التقديم غير الرسمي من أحد أفراد منظمة سرية، يعكس انفتاحا جديدا في سوريا تجاه الداعمين الأجانب للحكومة، ويؤكد فيه مقاتلو حزب الله على نحو متزايد أنهم يساعدون النظام على هزيمة الثوار.
أثارت فكرة تضرر ضريح السيدة زينب قلق الكثيرين من الشيعة واجتذبت الآلاف منهم من العراق ولبنان وسوريا، ظاهريا للدفاع عن الضريح، ولكن عمليا للقتال إلى جانب قوات النظام على الكثير من الجبهات، وهو ما دفع المتشددين من معارضي النظام، لإعلان الضريح هدفا لهم.
ونجا الضريح، لكن الثمن كان مكلفا. إذ يسيطر عليه مقاتلون أجانب تسبب دورهم في انقسام بين السوريين، الذين أبدى بعضهم امتنانا كبيرا، فيما أبدى آخرون استياء شديدا جراء تسبب قذائف الهاون التي أطلقها مقاتلو المعارضة التي سقطت بالقرب من الضريح في مقتل مدنيين بينهم أطفال. وتكرر الأمر ذاته عبر القصف الحكومي الذي أدى إلى دمار الأحياء التي يسيطر عليها الثوار، ثم تبعته جرافات سوت المباني المدمرة بالأرض للقضاء على أوكار القناصة.
في المقابل تسببت قذيفة في كسر مئذنة الضريح، وفي الشهر الماضي سقطت قذيفة أخرى وسط المصلين في الساحة أثناء الصلاة، لكنها لم تنفجر واعتبرها البعض معجزة، بحسب وصف إحدى النساء التي جلست للاستراحة على سجادة للصلاة.
وطالما تذرع حزب الله بحماية الضريح، كسبب مقبول لإرسال مقاتليه إلى سوريا في خطوة غيرت التحالفات الإقليمية، وعمقت الانقسامات الطائفية والدينية في لبنان وحولت دفة المعارك المحورية لصالح الحكومة السورية. وكان حزب الله والمسؤولون السوريون يعمدون إلى التقليل من دور الحزب، قائلين إن الجيش السوري هو الذي يقود المقاتلين، لكن الانتصارات الأخيرة، تظهر أن الحسابات تغيرت بالكامل. فزعيم حزب الله، حسن نصر الله، صرح مؤخرا بأن الحكومة السورية لا يخشى عليها من السقوط الآن، وبأن خطأ حزبه الوحيد كان التأخر في دخول المعركة.
وأبدى بعض السوريين رغبة في الحديث عن الدعم الخارجي إلى جانب حزب الله. فيقول ضابط سوري ينسق بين القوات الحكومية ومقاتلي حزب الله حول الضريح، إن «قوات النخبة في الحرس الثوري الإيراني لا تقدم المشورة لدمشق فقط، بل تقاتل بالقرب من مدينة حلب، شمال سوريا». وأشار إلى أن حزب الله وإيران قاما بتدريب أكثر من 100 ألف سوري، في سوريا ولبنان وطهران لتشكيل ميليشيات الدفاع الوطني. وقد سلمت إيران يوم الثلاثاء 30 ألف طن من الغذاء إلى سوريا، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».
وفال المنسق، الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا على حياته: «لقد تبدلت الأوضاع». وأكد كثيرا مما تحدث عنه المسؤولون الغربيون بشأن الدعم الخارجي للحكومة، واصفا إياه بورقة النصر التي أنقذت دمشق في اللحظة المناسبة. وأضاف المنسق «لم يعد الأمر سرا، إنها على الطاولة الآن»، مشيرا إلى أنه لم يكن بمقدور القوات الحكومية التقدم صوب الحدود اللبنانية وشرق دمشق من دون مساعدة مقاتلي حزب الله.
لكن غالبية المتطوعين الشيعة، عراقيون، تلقوا تدريبا بسيطا في العراق وأرسلوا إلى الخطوط الأمامية في ضواحي دمشق، مثل القابون وجوبر، لحاجة الحكومة إلى عدد كبير من المقاتلين هناك. ويقول المنسق «لكن الآن وبعد تدريب جديد، كما هو الحال مع لواء أبي الفضل العباس، تمكنوا من تحقيق بعض الانتصارات بدلا من أن يحضروا إلى هنا ليموتوا».
قبل الحرب، كانت منطقة السيدة زينب ذات غالبية سنية، وكان السكان، الذين فر بعضهم، يتعاملون بأريحية مع الزوار الإيرانيين الشيعة. وقد وجد بعض اللاجئين الفارين من الصراع، أولهم الفلسطينيون ثم العراقيون، ملاذا في هذه المنطقة.
لكن أحد عمال الإغاثة، قال إن العراقيين يواجهون ضغوطا للقتال، ويسعى كل من الشيعة والسنة إلى تجنيد أبناء طوائفهم. وقال عامل الإغاثة، إن «عراقيا سنيا فر من بغداد بعد تلقيه تهديدات من مقاتل ميليشيا شيعي».
وفي أحد الأيام بعد الظهيرة، تم دفن مقاتل شيعي في مقبرة إلى جانب الضريح. وكانت عشرات من أعلام حزب الله والأعلام السورية ترفرف فوق القبور الجديدة البعض منها كان إلى جواره بعض الألعاب أو صورة للقتيل.
في هذا المكان يتجاوز الموالون للحكومة الخطوط الطائفية، فخلال جلوس النساء للبكاء إلى جوار المقابر، زارت لمياء عبد الرحمن شهده وفاطمة عباس محمد قبري ابنيهما، سني وشيعي، قالتا إنهما قتلا أثناء القتال ضد مقاتلي الثورة السورية.
تسيطر الحكومة الآن على الطريق الذي يربط دمشق بمنطقة السيدة زينب والمطار الذي يجري النزاع عليه منذ وقت طويل. وقد بدأت الحياة تعود رويدا رويدا بالقرب من الضريح، لكن الضريح، الذي كان مقصدا ينشده الزائرون في السابق بحثا عن البهجة، صار كئيبا الآن. فالكثير ممن يقدمون إلى هنا من قرى النبول والزهراء الشيعيتين، يفرون من هجمات المتمردين. وتتشابه رواياتهم مع روايات الذين يتعرضون لهجمات قوات الحكومة، من انتشال أجساد الأطفال من بين الحطام وأقارب تعرضوا للاختطاف وأبناء قتلوا أثناء الصراع.
أم أسامة فرت من النبول مستقلة شاحنة إلى تركيا ثم عادت جوا إلى دمشق. ولا تزال تخشى هجمات المقاتلين المحليين والقريبين منها، الذين تقول إنهم سيقتلون عائلتها لأنها شيعية موالية للحكومة. وهمست قائلة: «أنا لا أثق في هؤلاء الكلاب. لا يمكنك الوثوق في أحد في الوقت الراهن».
وقالت نساء من النبول كن يسترحن في ظل الضريح، إن «زوار الضريح الذين كانوا يدعون الله أن يرزقهم المزيد من الأبناء، تحولوا الآن إلى الدعاء لأبنائهم وأقاربهم في الجيش». وأضفن إن «الساحة كانت مكانا لتناول العشاء والنوم والتقاط الصور». وقالت إحداهن: «لم يعد هذا مسموح به في الوقت الراهن. فغالبية النساء ثكالى، لكن أرواحهن تسكن عندما يحضرن إلى الضريح».
* خدمة: «نيويورك تايمز»



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.