استهداف قافلة إغاثة يدفع الأمم المتحدة لتعليق إيصال المساعدات

أوبراين: هجوم وحشي يرقى لجريمة حرب * المعارضة تتجه لتجميد الاتفاقات مع النظام وتفعيل العمل العسكري

واحدة من الشاحنات التي كانت محملة بالمساعدات واستهدفها القصف في منطقة أورم الكبرى بضواحي حلب أمس (أ.ف.ب)
واحدة من الشاحنات التي كانت محملة بالمساعدات واستهدفها القصف في منطقة أورم الكبرى بضواحي حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

استهداف قافلة إغاثة يدفع الأمم المتحدة لتعليق إيصال المساعدات

واحدة من الشاحنات التي كانت محملة بالمساعدات واستهدفها القصف في منطقة أورم الكبرى بضواحي حلب أمس (أ.ف.ب)
واحدة من الشاحنات التي كانت محملة بالمساعدات واستهدفها القصف في منطقة أورم الكبرى بضواحي حلب أمس (أ.ف.ب)

حمل تعليق المنظمات الإنسانية إيصال قوافل المساعدات في سوريا إلى المناطق المحاصرة، مؤشرات على تصعيد غير مسبوق، قاد المعارضة للبحث في خيارات أخرى، أبرزها «مضاعفة التنسيق مع الفصائل العسكرية والتعويل على الأعمال العسكرية»، وسط اعتقاد بأن روسيا والنظام السوري يتجهان إلى مرحلة جديدة من التصعيد العسكري.
وإذ ترك استهداف قافلة المساعدات صدمة دولية، بدا تعليق المنظمات الدولية لعملها، انسحابًا مؤقتًا من المشهد السوري بعد وصول العنف إلى مستوى غير مسبوق، لجهة استهداف قوافل إنسانية. فقد استهدفت قافلة مساعدات إنسانية في ريف حلب الغربي، بغارات جوية بعد ساعتين من إعلان النظام انتهاء العمل بنظام الهدنة الذي استمر أسبوعًا، وأدت إلى تدمير 18 شاحنة من أصل 31 شاحنة محملة بمواد إغاثية، وأسفرت أيضًا عن مقتل مسؤول في الهلال الأحمر السوري على الأقل، إضافة إلى 12 مدنيًا، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
إثر الاستهداف، أعلنت الأمم المتحدة تعليق كل قوافل المساعدات الإنسانية في سوريا. وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لاركي في جنيف: «علقت جميع القوافل بانتظار تقييم جديد للوضع الأمني». وأضاف: «إنه يوم قاتم جدا للعاملين الإنسانيين في سوريا لا بل في العالم»، داعيا إلى إجراء «تحقيق مستقل».
وحذر مدير العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفان أوبراين: «دعوني أكن واضحا: إذا تبين أن هذا الهجوم الوحشي كان استهدافا متعمدا للعاملين في القطاع الإنساني، فسيرقى إلى جريمة حرب».
بدوره، قال المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا إن «هذه القافلة كانت نتيجة عملية طويلة من التراخيص والتحضيرات من أجل مساعدة مدنيين معزولين». وقال الهلال الأحمر العربي السوري أمس إنه سيعلق كل الأنشطة في محافظة حلب لثلاثة أيام احتجاجا على هجوم على مخازنه وعلى قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة.
من جهته، أعلن ينس ليركي أحد المتحدثين باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لوسائل الإعلام أمس أن المكتب طلب فتح «تحقيق» في الهجوم الذي وقع الاثنين في محافظة حلب بينما كان الصليب الأحمر والهلال الأحمر لديهما كل التصاريح اللازمة من أجل نقل مساعدات إلى 78 ألف شخص في أورم الكبرى.
وأعلن الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر أن الغارة التي استهدفت قافلة من المساعدات الإنسانية في سوريا أوقعت نحو عشرين قتيلا مدنيا. وأوضح الاتحاد في بيان: «قتل نحو عشرين مدنيا وموظف في الهلال الأحمر السوري بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية حيوية من الشاحنات. وقد أتلف القسم الأكبر من المساعدات». وصرح رئيس الهلال الأحمر عبد الرحمن العطار في بيان: «نحن مستاؤون جدًا لمقتل هذا العدد من الأشخاص من بينهم زميلنا مدير الفرع المحلي عمر بركات»، مضيفًا: «من غير المقبول أبدا أن يواصل الموظفون والمتطوعون لدينا دفع ثمن باهظ نتيجة استمرار المعارك».
وأظهرت صور في بلدة أورم الكبرى شاحنات خضراء اللون محملة بالمساعدات وقد تبعثرت محتوياتها من صناديق وأكياس بيضاء. ويبدو في صور أخرى عبوات أدوية متناثرة على الأرض. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن إن «الطيران الروسي استهدف القافلة»، موضحًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «سربًا من الطائرات الحربية كان يقصف الطريق الدولي من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا إلى ريف حلب الغربي»، مضيفًا: «النظام لا يستطيع إخراج هذا السرب من الطائرات». وأضاف عبد الرحمن أن القافلة التي تعرضت للقصف «بدأت رحلتها من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في غرب مدينة حلب، عند الساعة 12 ظهرًا، ووصلت إلى أورم الكبرى في الساعة الواحدة، حيث بدأ تفريغ الشاحنات»، لافتًا إلى أن القافلة «كانت معدة للتوزيع على سكان الريف الغربي من المحافظة».
ويأتي ذلك في ظل نفي روسي، ونفي لقوات النظام باستهداف القافلة. فقد ذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشنكوف في بيان أن «أيا من سلاحي الجو الروسي والسوري لم ينفذ أي غارة على القافلة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في ضواحي جنوب غربي حلب».
كما نفى مصدر عسكري باسم النظام السوري ما سماها «ادعاءات عن استهداف وحدات الجيش قافلة مساعدات في ريف حلب».
غير أن المعارضة ترى أن الروس «لم يلتزموا بأي قرار أو اتفاق من بداية تدخلهم العسكري المباشر بسوريا»، كما قال عضو «الائتلاف الوطني السوري» عبد الأحد أسطيفو لـ«الشرق الأوسط»، مضيفًا أن ذلك «أثبتته كل التجارب معهم على المستويين السياسي والعسكري». وأعرب أسطيفو عن اعتقاده أن قصف القافلة «قد يدخل ضمن تصفية الحسابات مع الأميركيين»، مضيفًا أن الضربة «تثبت أن الروس لا يريدون هدنة، وما يحكونه على المستوى النظري، لا ترجمة له في الواقع».
ورأى أسطيفو أن تعليق المنظمات الدولية عملها في سوريا «يخالف القرارات الأممية المتعلقة بالأزمة السورية، وخصوصًا القرار 2254»، مضيفًا: «لم يبق هناك أي شيء يثير دهشتنا واستغرابنا من استجابات الأمم المتحدة للأزمة». وأضاف أسطيفو: «أمام هذه الوقائع، بدأنا تفعيل التنسيق مع الفصائل العسكرية السبعة الكبرى في سوريا، ونذهب سويًا باتجاه التوأمة وترتيب أمورنا، كونه الاتجاه الصحيح لتقصير معاناة الشعب السوري، وخلق حالة ميدانية جديد تدفع النظام إلى طاولة مفاوضات جدية»، مشددًا على أن «التعويل على المجتمع الدولي لم يعد مثمرًا». وأوضح أسطيفو «إننا نرتب أمورنا لإعادة نشر قواتنا وتفعيل الجبهات، وهو قرار نهائي اتخذ بعد التصعيد الكثيف من النظام والروس، كما أننا نتجه لتجميد الاتفاقات مع النظام في المناطق الخاضعة للحصار، وخصوصًا في حي الوعر بحمص، ومعضمية الشام جنوب دمشق»، مشيرًا إلى أن «تعاطي دي ميستورا مع الشاحنات والمناطق المحاصرة والهدن، كان دون المستوى، وهو ما دفعنا لاتخاذ القرار بالترتيب مع القوات العسكرية».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».