إسبانيا دون حكومة.. ودعوة لانتخابات في أكتوبر كمَخرَج

مفتاح الحل بيد أحزاب اليسار واليمين و17 مقعدًا كتالونيًا

إسبانيا دون حكومة.. ودعوة  لانتخابات في أكتوبر كمَخرَج
TT

إسبانيا دون حكومة.. ودعوة لانتخابات في أكتوبر كمَخرَج

إسبانيا دون حكومة.. ودعوة  لانتخابات في أكتوبر كمَخرَج

أخفق البرلمان الإسباني للمرة الثانية في انتخاب رئيس جديد للوزراء، وبعد نقاشات مطولة في اجتماعات نهاية الأسبوع ناقش ترشيح ماريانو راخوي، زعيم الحزب الشعبي لهذا المنصب، إلا أن راخوي لم يستطع إلا من جمع 170 صوتا لصالحه، وهي أصوات حزبه وحزب «مواطنون» وائتلاف جزر الكناري. وكان بحاجة إلى ستة أصوات أخرى كي يحصل على الأغلبية المطلقة في البرلمان، وهي 176 صوتا، كي تؤهله لتستلم منصب رئيس الوزراء رسميا.
وعارض انتخاب راخوي 180 نائبا، علما بأن البرلمان الإسباني يتكون من 350 مقعدا، وسيتحتم الانتظار حتى يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) القادم لإجراء مناقشة ثالثة في البرلمان حول اختيار رئيس وزراء جديد.
هناك احتمالات كثيرة لما سيجري خلال هذين الشهرين، منها أن يتمكن راخوي من إقناع بعض الأحزاب الصغيرة لتأييده، مقابل حصولها على بعض الامتيازات، أو أن يقوم الحزب الشعبي بترشيح شخص آخر غير راخوي لرئاسة الوزراء. أو أن تتفق الأطراف التي عارضت انتخاب راخوي، من اختيار شخص فيما بينها، لكن هذا الاحتمال يصطدم بصعوبات كثيرة. وفي حالة فشل البرلمان في اختيار رئيس وزراء في أكتوبر، فسوف يتم حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة ومن المحتمل أن تجرى الانتخابات في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) القادم.
وكان راخوي، رئيس وزراء تصريف الأعمال، وزعيم الحزب الشعبي، قد ناشد زعيم الحزب الاشتراكي، بيدرو سانجيث، ضرورة إنهاء الأزمة من خلال تأييد ترشيحه (أي تاييد راخوي) باعتبار أن حزب راخوي هو الحزب الفائز بالأغلبية، لكن زعيم الحزب الاشتراكي رفض بشكل قاطع، وقرر التصويت بـ«لا»، وفي الوقت نفسه لم يتقدم بحل بديل، مما دعا راخوي إلى مخاطبة سانجيث: «لماذا لا تقول رأيك بشكل صريح، ماذا تريد؟»
من جهة أخرى، ناشد زعيم «متحدون قادرون» بابلو أغليسياس زعيم الحزب الاشتراكي، بيدرو سانجيث، التحالف معه ومع أحزاب صغيرة أخرى لتشكيل الحكومة، وقال: «إن المجموعات التي تمثل قوى التغيير لديها مسؤولية التقدم بالحل البديل لهذا البلد». وأضاف أنه من الممكن أن تكون هذه الفرصة الأخيرة كي يتحالف الحزب الاشتراكي مع «متحدون قادرون» إلى جانب الأحزاب الصغيرة الأخرى، لكونها في مجموعها تستطيع الحصول على الأغلبية المطلقة وهي 176 صوتا.
وفي استطاعة بيدرو ساجيث التحالف مع بابلو أغليسياس، لكن المشكلة التي تواجه الطرفين هي أن بعض كبار أعضاء الحزب الاشتراكي، ومنهم أبرز شخصية تاريخية فيه، فيليبي غونثاليث، يعارضون أي اتفاق مع بابلو أغليسياس، وبالإضافة إلى هذا فإن مشكلة استقلال كتالونيا تشكل عائقا من أجل الاتفاق بين الحزبين. فالحزب الاشتراكي لا يؤيد انفصال كتالونيا بأي شكل من الأشكال، بينما يرى حزب «متحدون قادرون» بأن من حق الشعب الكتالوني أن يقرر مصيره بنفسه، وهي نقطة حساسة خاصة في الوقت الحاضر، ولهذا فإن أي اتفاق بين الطرفين لا بد له أن يأخذ بالاعتبار رأي حزبين كتالونيين لهما 17 مقعدا في البرلمان الإسباني.
وخارطة الأحزاب الإسبانية في تغير مستمر، فمنذ الثمانينات وحتى 2015، سيطر على الساحة حزبان رئيسيان هما الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي، لكن بروز حزبين جديدين غير الكثير من قواعد اللعبة الديمقراطية، وهما حزب «قادرون» بزعامة اليساري بابلو أغليسياس، وحزب «مواطنون» بزعامة ألبرت ريبيرا، وهو حزب يميني لكنه على خلاف مع الحزب الشعبي.
وكمثال على التغير الكبير الذي أصاب الأحزاب الإسبانية في السنوات الأخيرة، نلاحظ أن مجلس النواب الإسباني المتكون من 350 نائبًا، حصل فيه الحزب الشعبي في انتخابات عام 2011 على 186 مقعدا، أي على الأغلبية المطلقة، وحصل الحزب الاشتراكي على 110 مقاعد، واليسار المتحد 11 مقعدا. ثم بدأ التغير يدب في الساحة السياسية الإسبانية، ففي انتخابات عام 2015، حصل الحزب الشعبي على 123 مقعدا والحزب الاشتراكي على 90 مقعدا، وحزب «قادرون» على 69 مقعدا، وحزب «مواطنون» على 40 مقعدا، واليسار المتحد مقعدين، ثم عاد التغير من جديد في انتخابات عام 2016 عندما حصل الحزب الشعبي على 137 مقعدا، والحزب الاشتراكي على 85 مقعدا، وحصل تحالف حزب «قادرون» مع «اليسار المتحد»، والذي اتخذ اسم «متحدون قادرون» على 71 مقعدا، وحزب «مواطنون» على 32 مقعدًا.
وعلى الرغم من تحكّم هذه الأحزاب الأربعة في الساحة الإسبانية، لكن الأحزاب الصغيرة لها ثقل واضح في ترجيح مجموعة سياسية على أخرى، فالحزب الجمهوري اليساري الكتالوني له 9 مقاعد، والحزب الديمقراطي الكتالوني 8 مقاعد، والحزب الوطني الباسكي 5 مقاعد، والحزب الباسكي بيلدو مقعدان.
من هنا فإن كل الاحتمالات واردة خلال الشهرين القادمين، فمن الممكن انتخاب ماريانو راخو رئيسا للوزراء، وكذا يمكن أن يتقدم الحزب الشعبي بترشيح شخص آخر لرئاسة الوزراء، أو قد يترشح بيدرو سانجيث زعيم الحزب الاشتراكي بتأييد من «متحدون قادرون» وبعض الأحزاب الصغيرة، وفي الوقت نفسه قد تتم الدعوة إلى انتخابات جديدة إذا ما أخفق البرلمان في التوصل إلى انتخاب رئيس جديد للوزراء.
يشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تعاد فيها الانتخابات في إسبانيا منذ إرساء قواعد الديمقراطية بعد وفاة الجنرال فرانكو عام 1975، وذلك بعد أن تم انتخاب رئيس حزب الوسط الديمقراطي، أدولفو سواريث عام 1976 رئيسا للوزراء، واستمر سواريث في السلطة نحو خمس سنوات، ثم اضطر إلى الاستقالة بسب الانشقاقات داخل حزبه، وفي انتخابات عام 1982، فاز فيليبي غونثاليث زعيم الحزب الاشتراكي برئاسة الوزراء، وانتخب ثلاث مرات متتالية، وفي انتخابات عام 1996 فاز الحزب الشعبي بزعامة خوسيه ماريا اثنار، ومرة أخرى في انتخابات عام 2000، واستمر في السلطة حتى عام 2004، عندما عاد الحزب الاشتراكي بزعامة خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو ليفوز في انتخابات عام 2004، ثم فاز مرة أخرى عام 2008. وفي انتخابات عام 2011 فاز الحزب الشعبي بزعامة ماريانو راخوي بالأغلبية الطلقة، ثم في انتخابات عام 2015، استطاع الحزب الشعبي الحصول على الأغلبية، ولكنه لم يستطع الحصول على الأغلبية المطلقة، أي أنه لم يستطع الحصول على تأييد 176 صوتا في البرلمان من مجموع 350 مقعدا، وبذلك استمر راخوي في القيام بأعمال رئيس الوزراء، وأعيدت الانتخابات عام 2016، ولم يحصل أي من الأحزاب على الأغلبية المطلقة، مرة أخرى.



العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
TT

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)

بينما يشهد العالم ركوداً في التجارة العالمية وتراجع الاستثمارات عبر الحدود، هناك استثناء صارخ لهذه الفوضى الاقتصادية: العصابات الدولية والجريمة المنظمة التي تشهد ازدهاراً غير مسبوق، مستغلة التكنولوجيا الحديثة وانتشار المخدرات الصناعية لتوسيع نفوذها عالمياً. وفقاً لتقرير لمجلة «إيكونوميست».

الجريمة المنظمة تنمو بمعدلات قياسية

يورغن ستوك، الذي أنهى مؤخراً فترة عمله أمينا عاما لـ«الإنتربول»، أكد أن العالم يشهد نمواً غير مسبوق في احترافية واتساع نطاق الجريمة المنظمة. وبينما أظهرت الإحصائيات انخفاضاً عالمياً في معدلات جرائم القتل بنسبة 25 في المائة منذ بداية القرن، تحذر منظمات دولية من ارتفاع هائل في أنشطة العصابات التي تتجاوز الحدود الوطنية لتتحول إلى شبكات عالمية متعددة الأنشطة.

التكنولوجيا: سلاح جديد في يد العصابات

أسهمت التقنيات الحديثة، مثل التطبيقات المشفرة والعملات الرقمية، في تسهيل عمليات الاتصال ونقل الأموال بين العصابات دون ترك أي أثر. الإنترنت المظلم بات سوقاً مفتوحاً لتجارة البضائع الممنوعة، بينما ظهرت الجرائم الإلكترونية كمجال جديد يدر أرباحاً بمليارات الدولارات.

تقديرات تشير إلى أن عائدات الاحتيال والسرقات الرقمية بلغت 7.6 مليار دولار في عام 2023، في وقت يستغل فيه المجرمون أدوات الذكاء الاصطناعي لابتكار طرق جديدة للاحتيال.

يحمل الناس أمتعتهم أثناء فرارهم من حيهم بعد هجمات العصابات التي أثارت رد فعل مدنياً عنيفاً في بورت أو برنس بهايتي (رويترز)

المخدرات الصناعية تغير قواعد اللعبة

مع التحول إلى المخدرات المصنعة كالميثامفيتامين والفنتانيل، أصبحت العصابات أقل اعتماداً على مناطق زراعة النباتات المخدرة مثل الكوكا أو الأفيون. هذه المخدرات، الأرخص والأقوى تأثيراً، ساهمت في توسيع نشاط العصابات إلى أسواق جديدة، خصوصاً في جنوب شرق آسيا، حيث زادت المصادرات بأربعة أضعاف بين 2013 و2022.

تنويع الأنشطة والانتشار الجغرافي

لم تعد العصابات تقتصر على نشاط واحد؛ فهي الآن تجمع بين تجارة المخدرات، الاتجار بالبشر، القرصنة الرقمية، وحتى تهريب الأحياء البرية. على سبيل المثال، أصبحت عصابات ألبانيا لاعباً رئيسياً في سوق الكوكايين بالإكوادور، بينما تستغل عصابة «ترين دي أراجوا».الفنزويلية أزمة اللاجئين لتعزيز أرباحها من تهريب البشر.

يستجوب السكان شخصاً ليس من الحي بعد محاولة هجوم ليلي شنتها عصابات على ضاحية بيتيون فيل الثرية ما أثار استجابة مدنية عنيفة في بورت أو برنس بهايتي (رويترز)

العصابات والسياسة: تأثير متصاعد

امتدت أيدي العصابات إلى التأثير على السياسة في بعض الدول. ففي الإكوادور، اغتيل مرشح رئاسي على يد أفراد يُعتقد ارتباطهم بعصابات كولومبية، بينما شهدت المكسيك مقتل عشرات المرشحين السياسيين في الانتخابات الأخيرة.

العالم في مواجهة تحدٍّ عالمي

على الرغم من النجاحات الفردية لبعض الدول في مكافحة الجريمة، يبقى التعاون الدولي في مواجهة العصابات محدوداً مقارنة بتوسعها السريع عبر الحدود. خبراء يؤكدون أن النهج التقليدي لإنفاذ القانون يحتاج إلى تحديث جذري لمواكبة التحديات التي تفرضها الجريمة المنظمة في عصر العولمة.