تراجع الثقة في «اليورو» وتوقعات بالركود في النصف الثاني من 2016

المفوضية الأوروبية تلزم «آبل» بدفع 14.5 مليار دولار لآيرلندا

أحد العاملين بمصنع في ألمانيا (رويترز)
أحد العاملين بمصنع في ألمانيا (رويترز)
TT

تراجع الثقة في «اليورو» وتوقعات بالركود في النصف الثاني من 2016

أحد العاملين بمصنع في ألمانيا (رويترز)
أحد العاملين بمصنع في ألمانيا (رويترز)

في الوقت الذي تحاول فيه دول منطقة اليورو تخطي أزمة البريكست، تبدأ انعكاسات قرار التصويت البريطاني على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي في تشكيل خسائرها على كتلة العملة الموحدة، لينخفض مؤشر الثقة الاقتصادية التابع للمفوضية الأوروبية بشكل أكبر مما توقعه الاقتصاديين، كما انخفض مؤشر مناخ الأعمال إلى أدنى مستوياته.
وأظهرت بيانات المفوضية الأوروبية أن الثقة في 19 دولة تراجعت في أغسطس (آب) الحالي، لأقل مستوى منذ مارس (آذار) في مؤشر جديد على ضعف المعنويات بعد تصويت بريطانيا لصالح الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي، ونزل مؤشر منطقة اليورو للمعنويات الاقتصادية إلى 103.5 نقطة في أغسطس، مقارنة بنحو 104.5 نقطة في يوليو (تموز) الماضي، ويظل أقل كثيرا من مستوى 104.1 نقطة الذي جاء في متوسط التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» وشمل 38 من خبراء الاقتصاد، الذي تراوحت التوقعات فيه بين 103 و104.9. كما هبط مستوى الثقة بين المديرين في قطاع الصناعة إلى سالب 4.4 مع هبوط تقييم سجل الطلبيات بأكبر وتيرة منذ فبراير (شباط) 2009. وانخفضت الثقة بين مديري قطاع الخدمات إلى 10 نقاط بسبب تراجع توقعات الطلب، كما انخفض مؤشر مناخ الأعمال إلى أدنى مستوياته في ثلاث سنوات إلى 0.02 في أغسطس، من معدل سابق بلغ 0.38 في يوليو.
وقالت جاكلين ألين، الخبيرة الاقتصادية، إن المؤشرات تشير إلى حدوث تباطؤ في منطقة اليورو، فسقوط مؤشر الثقة في أغسطس في منطقة العملة الموحدة يدعم «وجهة نظرنا» بأن النمو في الاتحاد النقدي سيتباطأ في النصف الثاني من العام الحالي.
وأكدت ألين، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن تراجع الثقة كشف عن تراجع في قطاعات الخدمات والتجزئة والمؤشرات الصناعية.
وفي الوقت ذاته، فمن بين أكبر أربعة اقتصادات في منطقة اليورو، كانت فرنسا الدولة الوحيدة التي ارتفع بها مؤشر الثقة، في حين هبط مؤشر إيطاليا إلى أدنى مستوى له منذ 18 شهرا، ويعكس ذلك حالة عدم اليقين السياسي وتصاعد مخاوف البنوك بشأن ما يحدث في البلاد.
وعلى صعيد آخر، استمر معدل التضخم الألماني عند مستوى متدن، حيث ارتفعت أسعار المستهلكين في أغسطس بمعدل ارتفاعها نفسه في يوليو الماضي بنحو 0.4 في المائة، حسبما أفاد مكتب الإحصاء الألماني أمس الثلاثاء، وانخفض المعدل السنوي للتضخم في المنطقة في أغسطس إلى 0.3 في المائة من 0.4 في المائة.
ولا تزال أسعار الطاقة تلقي بظلالها على الأسعار، وتكبح جماح التضخم، وارتفعت أسعار السلع الغذائية في أغسطس بمعدل 0.9 في المائة على أساس سنوي مقارنة بالمعدل نفسه في هذا الوقت من العام.
وقال كارستن بيرسزكي الاقتصادي في «أي إن جي»، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن ألمانيا والبنك المركزي الأوروبي لديهما مهمة صعبة في اجتماع السياسة النقدية الأسبوع المقبل.
ويأتي ذلك، فيما اقترح رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، أن يقوم اليسار الأوروبي «بإسماع صوته بشكل أكبر» من أجل تليين ميثاق الاستقرار الذي يفرض ألا يتجاوز العجز العام لأي دولة في منطقة اليورو نسبة 3 في المائة.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي، في اجتماع للأغلبية في مدينة كولومييه يوم الاثنين الماضي، إن «اليسار الأوروبي الاشتراكي الديمقراطي يجب أن يسمع صوته بشكل أكبر حول الإنعاش الاقتصادي وتخفيف قواعد ميثاق الاستقرار لمكافحة الإغراق الاجتماعي والتهرب الضريبي وحول ملف العمال المنتدبين».
ويأخذ جزء من اليسار الأوروبي على الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند عدم نجاحه في إعادة توجيه قواعد الميزانية لأوروبا كما وعد خلال حملته في 2012 بقبوله بخفض كبير في النفقات العامة وزيادة الضرائب لخفض العجز.
وقال فالس إنه بعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي «يجب إعادة تأسيس كل شيء» في أوروبا. وتحدث عن «إعادة بناء قواعد سليمة والعودة إلى الأمور الأساسية: الحماية والأمن، والنمو والوظيفة، وإدارة أزمات البيئة والهجرة الكبرى». وأضاف أن «أوروبا فكرة جميلة: فكرة السلام الذي ينتصر على الحرب والاتحاد الذي يتجاوز النزعات القومية». لكنه أضاف: «لحماية الجوهر، يجب علينا تغيير كل شيء».
وفي الوقت ذاته، أمرت سلطات مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي شركة آبل عملاق التكنولوجيا أمس الثلاثاء بدفع ضرائب للحكومة الآيرلندية تصل قيمتها إلى 14.5 مليار دولار بعد أن قضت بأن نظاما خاصا لتحويل الأرباح عبر آيرلندا بمثابة مساعدة غير قانونية من جانب الدولة، وقالت المفوضية الأوروبية الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، في بيان، إنه قد يجري تخفيض المبلغ إذا طلبت دول أخرى ضرائب إضافية من الشركة الأميركية، وقالت المفوضية إن آبل سددت ضرائب على أرباحها في أوروبا بين 0.005 في المائة وواحد في المائة.
من جانبها، قالت آبل، في بيان أعقب صدور القرار، إنها ستطعن عليه وأضافت الشركة الأميركية: «تلتزم آبل بالقانون وتسدد جميع الضرائب المستحقة علينا أينما نعمل. سنطعن على القرار، وواثقون من إلغائه، مشكلة المفوضية ليس مبلغ الضرائب الذي تسدده آبل بل أي من الحكومات تحصل المبلغ»، مضيفة أن هذا القرار ستكون له عواقب وخيمة على الاستثمار وتوفير فرص العمل في أوروبا.
وانتقدت «آبل» بشدة الحكم الصادر عن مفوض شؤون التنافسية بالاتحاد الأوروبي الذي يلزمها بإعادة مليارات من اليورو لآيرلندا، وقالت إن التكتل يتدخل في أعمالها في أوروبا.
وقالت الشركة إن «المفوضية الأوروبية بدأت مسعى لإعادة كتابة تاريخ آبل في أوروبا، وفي إطار ذلك تتجاهل القوانين الضريبية في آيرلندا، وتقلب النظام الضريبي الدولي». وأعلنت الشركة أنها ستستأنف على القرار الذي قالت إنه سيكون له «تأثير كبير وضار على الاستثمار وتوفير فرص العمل في أوروبا».
من جهته، قال وزير المالية الآيرلندي، مايكل نونان، إن «نظامنا الضريبي مبني على الالتزام الصارم بالقانون»، مضيفا أنه يختلف «بصورة عميقة» مع الحكم الصادر عن المفوضية.
وتجدر الإشارة إلى أن قضية «آبل» واحدة من بين عدة حالات يجري التحقيق فيها لقيام دول بالاتحاد الأوروبي بمنح مزايا ضريبية تفضيلية لشركات متعددة الجنسيات، تشمل سلسلة مقاهي مثل «ستاربكس» وشركة «فيات» لصناعة السيارات وموقع «أمازون» لتجارة التجزئة عبر الإنترنت ومطاعم «ماكدونالدز».
وتعد الضرائب من الأمور الخاصة بكل دولة من دول الاتحاد الـ28، إلا أن المفوضية تعتقد أن بإمكانها التدخل لكون هذه المزايا الضريبية تشكل مساعدة حكومية، وهو أمر تقوم هي بتنظيمه.
وانتقدت وزارة الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي توجه المفوضية، وقالت إنه «يتناقض» مع الأعراف الدولية ويقوض الحملة العالمية لمكافحة التهرب الضريبي.



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».