اتفاق بـ«شروط قاسية» بين النظام ووجهاء داريا يخرج الأهالي والمسلحين من المدينة

المقاتلون طالبوا بنقلهم إلى درعا.. ووفد الأسد تمسك بترحيلهم إلى إدلب

داريا التي تقع غرب دمشق دمرتها براميل متفجرة ألقاها طيران النظام خلال أربع سنوات من الحصار والقصف (المجلس المحلي لمدينة داريا)
داريا التي تقع غرب دمشق دمرتها براميل متفجرة ألقاها طيران النظام خلال أربع سنوات من الحصار والقصف (المجلس المحلي لمدينة داريا)
TT

اتفاق بـ«شروط قاسية» بين النظام ووجهاء داريا يخرج الأهالي والمسلحين من المدينة

داريا التي تقع غرب دمشق دمرتها براميل متفجرة ألقاها طيران النظام خلال أربع سنوات من الحصار والقصف (المجلس المحلي لمدينة داريا)
داريا التي تقع غرب دمشق دمرتها براميل متفجرة ألقاها طيران النظام خلال أربع سنوات من الحصار والقصف (المجلس المحلي لمدينة داريا)

بدأ الحصار الذي يفرضه النظام السوري وحلفاؤه على مدينة داريا في الغوطة الغربية لدمشق منذ أربع سنوات، والقصف بالبراميل المتفجرة وقنابل النابالم الحارقة، يحقق أهدافه، وهذا ما تجلّى عبر فرض النظام شروطه على وجهاء المدينة، أمس، بعدما وضع المدنيين والمسلحين أمام خيارين لا ثالث لهما، إما إخلاء المدينة بالكامل من الأهالي والمقاتلين وإلقاء السلاح، كفرصة أخيرة، وإما تدمير المدينة على رؤوس سكانها وإبادتهم جميعًا. غير أن وجهاء داريا فضّلوا الخروج على الموت جوعًا وقتلاً: «بعدما خذلهم العالم كلّه»، بحسب ناشطين شاركوا في المفاوضات التي دارت بين الطرفين.
وجاء اتفاق الخروج من داريا، نتيجة مفاوضات مضنية خاضها الوجهاء وقيادة «لواء شهداء الإسلام» الذي يمسك بالقرار العسكري، مع وفد النظام الذي وصل صباح أمس إلى داريا، لإبرام هدنة بشروط قاسية جدًا، وأبلغهم بأن «الحل الوحيد لبقاء المدنيين والمسلحين على قيد الحياة، هو خروجهم جميعًا من المدينة والانتقال إلى إدلب بإشراف الأمم المتحدة بعد أن يسلّم المقاتلون كل أسلحتهم».
وينص الاتفاق، بحسب تصريح عمّار الحسن، مدير «شبكة رصد» في ريف دمشق، لـ«الشرق الأوسط»، على 3 نقاط رئيسية:
خروج المدنيين لمراكز الإيواء وتسوية أوضاعهم، وخروج المسلحين الراغبين بتسوية أوضاعهم إلى الكسوة (ريف دمشق)، وخروج المسلحين غير الراغبين بتسوية أوضاعهم بسلاحهم الفردي الخفيف إلى إدلب.
وكان أحد أعضاء المجلس المحلي لمدينة داريا، كشف لـ«الشرق الأوسط» عن الملابسات التي سبقت الاتفاق، وقال إن وفد النظام الذي دخل داريا: «أبلغ مسؤولي المدينة، بضرورة خروج المدنيين اليوم، والمسلحين غدًا، السبت، على أن يُنقل المسلحون إلى محافظة إدلب بإشراف الأمم المتحدة». وأكد عضو المجلس المحلي الذي رفض الكشف عن اسمه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوفد أبلغ محاوريه، أنها المرّة الأخيرة التي سيفاوض النظام فيها بشأن داريا، فإما أن يخرج المقاتلون والمدنيون، وإما إبادة كاملة للمدينة ومن فيها».
من جهته، رأى عمّار الحسن، مدير «شبكة رصد» في ريف دمشق، أن مدينة داريا «هي أكثر جبهة عانت في سوريا، بسبب الحصار المفروض عليها من أربع جهات: الحرس الجمهوري، ومطار المزّة، والفرقة الرابعة وأتوستراد دمشق بيروت». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «داريا تتعرض لحملة عنيفة جدًا بالبراميل المتفجرة والقنابل المحرمة دوليًا، وبأرقام مخيفة، فضلا عن فقدان المواد الغذائية، وقرب نفاد الذخيرة لدى المسلحين». وأكد أن «الثوار والمدنيين قبلوا بمبدأ الخروج من المدينة، إلا أن الخلاف لا يزال على كيفية تطبيق هذا الخروج».
وعلى الرغم من القبول بمبدأ الخروج وإفراغ المدينة من أهلها، فإن هذا الخروج مرتبط حتى الآن بشروط النظام الذي كان الطرف الأقوى في التفاوض، حيث أوضح عضو المجلس المحلي لداريا أن «جيش الإسلام، حاول ضمّ مدينتنا إلى المفاوضات التي يجريها حول دوما في الغوطة الشرقية، لكن النظام رفض، وقال إن داريا خط أحمر، ولا يريد بقاء إنسان واحد فيها». وأضاف: «يبدو أن فرص البقاء في داريا باتت معدومة، نحن قبلنا بخروج المدنيين وبقاء المسلحين، لكن وفد النظام قال، سيخرج المدنيون اليوم ونضعهم في صحنايا تحت سيطرتنا، ويجب خروج المسلحين بعد غد، فإذا رفضوا المغادرة سنقتل المدنيين جميعًا».
وعبر عضو المجلس المحلي عن أسفه على الحالة التي وصل إليها أهل داريا والثوار، وتابع: «كلّهم خذلونا، منذ خمس سنوات وهم يغدقون علينا الوعود». وختم: «والله لا نعرف كيف سنترك بيوتنا وأرضنا، وقبور شهدائنا التي سيدنسها جيش بشار الأسد؟ ولكن ما لنا إلا الله».
لكن الصورة الحقيقية لوجهة الخلاف على آلية المغادرة، أظهرها عمّار الحسن، الذي أشار إلى أن «وفد النظام طرح خروج المسلحين إلى إدلب والمدنيين باتجاه الكسوة، لكن الثوار طلبوا نقلهم إلى درعا، وهذا ما لم يوافق عليه النظام، وهذه نقطة الخلاف»، لافتًا إلى أن «الثوار وافقوا على الخروج لإنقاذ حياة المدنيين بالدرجة الأولى، وثانيًا، لأنهم بدأوا يفقدون مقومات الصمود بعد أكثر من أربع سنوات على الحصار والقصف والتدمير».
من جهته، طالب «فيلق الرحمن»، أحد فصائل المعارضة المسلّحة بالغوطة الشرقية، «جيش الإسلام» بـ«تشكيل غرفة عمليات عسكرية مشتركة لحماية الغوطة من محاولة قوات الأسد التقدم إليها». وقال في بيان أصدره: «نطالب (جيش الإسلام) بتشكيل غرفة عمليات عسكرية مشتركة تضمّ جميع فصائل الغوطة وفتح الطرقات أمام مؤازرات الفيلق وباقي الفصائل لصدّ محاولات تقدُّم قوات الأسد على جبهات الغوطة وبلداتها». ودعا البيان من أسماهم «أهل الحل والعقد» في الغوطة الشرقية إلى «التدخل في الأمر وإنقاذ الغوطة»، معتبرًا أن «سقوط أي منطقة لصالح نظام الأسد سيؤدي إلى سقوط كامل الغوطة».
وتشهد مناطق الغوطة الشرقية معارك عنيفة بين النظام ومقاتلي المعارضة، وأشدها على الجبهات التي يتواجد فيها «جيش الإسلام»، وذلك للتعويض عن التراجع الذي حصل في القطاع الجنوبي والمرج لصالح النظام في الأشهر الأخيرة.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.