بعد أسبوع وفوزين مرهقين في مسيرة أنتونيو كونتي المهنية كمدرب في الدوري الإنجليزي الممتاز، أصبح المدرب الإيطالي يدرك الآن على نحو أفضل قيمة أحد العناصر التي ورثها عن سلفه سيسك فابريغاس. والملاحظ أن فابريغاس تحول إلى أحد الموضوعات المكررة خلال المؤتمرات الصحافية الموجزة التي يعقدها المدرب الإيطالي في أعقاب المباريات، سواء عندما يشرح أسباب غياب اللاعب صانع الألعاب عن التشكيل، أو عندما يشيد به لسعيه الحثيث للعودة إلى التشكيل الأساسي أو عندما يثني على تأثيره الإيجابي على الفريق أثناء جلوسه على مقعد البدلاء.
وبعد الفوز الذي حققه على ووتفورد، السبت الماضي، قال كونتي: «جميعنا نعلم أن سيسك لاعب رائع يملك جوانب فنية ممتازة، ودائمًا ما يبدي قدرة جيدة على تمرير الكرة والمعاونة في تسجيل أهداف»، وبالفعل، نجح فابريغاس في إثبات صحة هذا الرأي عندما صنع البديل سيسك فابريغاس هدف الفوز بتمريرة رائعة لمواطنه الإسباني دييغو كوستا الذي أودع الكرة بهدوء في الشباك قبل النهاية بثلاث دقائق ليؤمن لمدربه الجديد أنطونيو كونتي فوزه الثاني على التوالي في الدوري الإنجليزي.
ومع ذلك، مرات فترات هذا الصيف بدت فيها هذه المهارات أمرًا يمكن الاستغناء عنه. في الواقع، منذ منتصف أبريل (نيسان)، بدأت الشكوك تخالج فابريغاس حيال ما إذا كان قادرًا على التواؤم مع الفريق، الأمر الذي اتضح أثناء استضافة قناة «سكاي» له في تغطيتها لقاءات الدوري الممتاز مع ورود أنباء أن كونتي في طريقه إلى جنوب غربي لندن، معقل نادي تشيلسي بعد اختتام فعاليات «يورو 2016».
خلال ذلك اللقاء، أقر فابريغاس بأنه ربما لا يكون لاعب خط الوسط المناسب لأسلوب اللعب المفضل لدى المدرب كونتي. المعروف أن اللاعب (29 عامًا) لا يجول كثيرًا بأرجاء الملعب، وإنما يحرص على البقاء قريبًا من الخصوم أو العمل بدأب على استعادة الاستحواذ على الكرة. والواضح أن أسلوب فابريغاس لا يميل إلى الاعتماد على السرعة الكبيرة أو الحركة الدؤوبة لدى الاضطلاع بواجبات دفاعية، وإنما يقوم بدلاً عن ذلك بتقديمه لمسات ذكية.
ومن الواضح أن فابريغاس لا يزال يحمل بداخله الندوب الناجمة عن الفترة التي قضاها في صفوف برشلونة عندما جرى إقصاؤه عن خط وسط الفريق لافتقار أسلوبه إلى القوة الكافية. وعليه، بدأ أن فابريغاس يعقد آماله على أن يختاره كونتي في دور أندريا بيرلو. وخلال لقائه سالف الذكر الذي أذيع مساء ليلة اثنين، سُئِل فابريغاس إذا كان يوافق على اللعب في مركز بالربع الأخير، وأجاب: «لمَ لا؟»، المركز الذي شغله بيرلو في صفوف يوفنتوس. وأضاف: «أحب التحرك نحو العمق للاستحواذ على الكرة. كما أعشق التمريرات الطويلة والاتصال مع اللاعبين في الصف الأمامي».
وبطبيعة الحال، تكمن المشكلة في أن أسلوب كرة القدم الإنجليزية المحموم نادرًا ما يتواءم مع هذا الأسلوب الهادئ الرصين الذي يعتمد على الانطلاق من العمق. والملاحظ أن اختيار تشيلسي الأول في وسط الملعب يتمثل في نيغولو كونتي، وهو لاعب لا يعرف إلى الهدوء والاستكانة سبيلاً. في الوقت ذاته، فإن فكرة كونتي عن الدرع الدفاعي تقوم على الاعتراض وتضييق الخناق على الخصوم قدر اعتمادها على توزيع الكرة. في المقابل، نجد أن اللاعب الإسباني يفضل المشاركة الأكثر رصانة، مع السعي على اختيار اللحظات المناسبة للتحرك على نحو يؤثر على مسار المباراة.
الواضح أن كانتي سيبقى التشكيل الأساسي لفترة ليست بالقصيرة، خصوصا مع تعرض فابريغاس للطرد أمام ليفربول خلال أول مباراة ودية للفريق خلال جولته بالولايات المتحدة قبل انطلاق الموسم الجديد للدوري الممتاز، بسبب مخالفة بحق راغنار كلافين على استاد روز باول، الأمر الذي جاء في توقيت بالغ السوء للاعب الإسباني. وإذا كان ما فعله فابريغاس في مواجهة ليفربول هذه لإقناع كونتي بجعله عنصرًا بالتشكيل الأساسي للفريق، فإن فرصة تحقيق ذلك قد ولت.
وبعد ما يزيد قليلاً على ثلاثة أسابيع وخمس مباريات للفريق الأول، لا يزال فابريغاس محرومًا من فرصة المشاركة كلاعب أساسي على مدار 90 دقيقة. إلا أن غيابه عن التشكيل الأساسي في بداية المباراة أمام وستهام وووتفورد بدا أمرًا لا مفر منه، ذلك أنه من الواضح أن كونتي لم يكن مقتنعًا بأن فابريغاس يملك مهارات تمكنه من التألق في إطار خطة لعب تقوم على أربعة لاعبين بخط الوسط أمام كانتي المنضم حديثا من ليستر سيتي. جدير بالذكر أنه خلال الموسم الذي شهد فوز تشيلسي بالدوري الممتاز، وهو الموسم الأول لفابريغاس مع النادي، تألق أداء اللاعب الإسباني لدرجة مكنته من إحراز ثلاثة أهداف والمعاونة في 18 آخرين، مع الاستفادة في الوقت ذاته من الأداء المبهر لنيمانيا ماتيتش إلى جانبه.
ونجح هذا المزيج في تقديم أداء مثير، لكن مع تراجع مستوى اللاعب الصربي في الوقت الحالي تحول فابريغاس، لاعب آرسنال السابق، إلى عنصر هامشي بالفريق. ومع هذا، نجح فابريغاس في تقديم أداء قوي على ملعب ووتفورد، في محاولة واضحة لإثبات قدراته. وقد دفع اليأس كونتي إلى الدفع باثنين من اللاعبين إلى المقدمة خلال مبارياته بالدوري الممتاز حتى اليوم، لكن يبقى فابريغاس اللاعب الوحيد بالفريق الذي بمقدوره ضمان وجود خط إمداد عبر خطوط الخصم المزدحمة.
وقد يصبح هذا دوره من الآن فصاعدًا. وعندما يسعى الخصوم لإحكام الخناق على الفريق، يتحرك فابريغاس لتشتيتهم، بينما يمزق كانتي صفوفهم. من جانبه، أشاد إدين هازارد علانية بفابريغاس الذي بدا حريصًا على استغلال أي فرصة سانحة لإثبات مهاراته. ومع هذا، يبقى هناك شعور قوي بأن العلاقة لا تعدو كونها زواج مصلحة، مع عدم وجود خيار أمام المدرب وصانع الألعاب سوى العمل على إنجاح الموقف الحالي.
وقد يكون قد نما إلى مسامع فابريغاس حديث عن اهتمام يوفنتوس به في وقت سابق من الصيف، لكن سرعان ما تلاشى ذلك ولم يثمر شيئًا. في هذه المرحلة من مسيرته الكروية، ومع وجود ذكريات الموسم الأخير المؤلمة حية بالأذهان، هل من الممكن حقًا أن تسعى أندية أخرى بجدية نحو ضمه إليها؟ من جانبه، من الواضح أن الوقت ينفد أمام تشيلسي لإبرام صفقة جديدة كبرى لتعزيز وسط الملعب، وليس بإمكان النادي عرض «جزرة» البطولات الأوروبية لإغراء اللاعبين الذين يتمنى حقهم ضمهم إليه، التي كان يمتلكها يوما ما. وعليه، فإنه لا مفر من محاولة استغلال مهارات اللاعب الذي نال شرف حمل كأس العالم. والواضح أن فابريغاس يتألق أداؤه لأقصى حد لدى تعاونه مع كوستا، خصوصًا أنهما صديقان حميمان داخل الملعب ويتمتعان بعلاقة تواصل خاصة للغاية لدرجة أن المهاجم مقتنع أن سجله من الأهداف بالنسبة للموسم قد يزيد ما بين خمسة وعشرة أهداف، حال ضم زميله الإسباني إلى التشكيل.
في الواقع، يذكرنا الهدف الذي جلب لتشيلسي الفوز، السبت، بفترة تألق النادي نهاية عام 2014 عندما كان قوة لا تقهر. ورغم أن فابريغاس لا يتواءم مع الفريق حاليًا بذات الصورة الممتازة التي كان عليها من قبل، تظل الحقيقة أن على كونتي الشعور بالامتنان لوجود هذا اللاعب في صفوف فريقه.
ويثق كونتي في أن فريقه يعيد اكتشاف الروح القتالية لديه بعد تعويض تأخره إلى فوز 2 - 1 على ووتفورد في الدوري الإنجليزي الممتاز السبت الماضي. وعكف المدرب الإيطالي على شحن معنويات لاعبيه بعد إنهاء الموسم الماضي في المركز العاشر بشكل مخيب. وقال كونتي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «ينتابني شعور جيد لما لمسته من روح قتالية عالية والتزام حقيقي بين أفراد الفريق. لم تكن المباراة سهلة لأننا تأخرنا 1 - صفر»، وأضاف: «أنا سعيد برد فعل اللاعبين»، وانتفض تشيلسي بهدفين للبديل ميشي باتشواي إضافة إلى الهدف الذي صنعه فابريغاس لكوستا بعد التأخر بهدف ايتيين كابو ليحقق الفوز في أول جولتين بالدوري.
وتابع كونتي: «هذا الفوز مهم جدا لأنه يمنح ثقة للجميع، ومن الخطأ أن تزور ملعب ووتفورد وتعتقد أن الفوز سهل جدا»، كانت المباراة متوازنة بين الفريقين في الشوط الأول، وأعتقد أننا لعبنا بندية شديدة في الشوط الثاني وضغطنا عليهم كثيرا ويجب أن نتفهم ضرورة القتال معًا.
إلا أن كونتي عاد وقال إن تشيلسي يجب أن يطور عقليته لقتل المباريات، وألا يترك فرصة للمنافسين للضغط عليه بعد أن واجه فريقه فترة صعبة في فوزه 3 - 2 على بريستول روفرز فريق الدرجة الثالثة في كأس رابطة الأندية الإنجليزية لكرة القدم الثلاثاء الماضي. وتقدم تشيلسي 3 - 1 بنهاية الشوط الأول بفضل هدفين من ميشي باتشواي، لكن هدف ايليس هاريسون من ركلة جزاء في بداية الشوط الثاني لصالح روفرز تسبب في نهاية متوترة لمباراة الدور الثاني بالنسبة للفريق اللندني.
وأبلغ كونتي «الغارديان»: «يجب أن نفهم أنه عندما تمتلك اللاعبين القادرين على قتل المباراة فيجب أن تفعل ذلك»، وأضاف: «عندما تترك الأمور مفتوحة فإن موقفًا مثل الليلة من الممكن أن يحدث وحتى نهاية المباراة أنت خائف (من التعادل)».
وقال سام ألاردايس مدرب منتخب إنجلترا أخيرًا إنه من الممكن أن يدخل في محادثات مع جون تيري حول عودة محتملة للعب الدولي وقال كونتي إنه ليس من المناسب أن يتدخل في هذا الأمر.
ومضى مدرب إيطاليا السابق قائلاً: «أنا مدرب سابق لمنتخب وطني، لذا أعرف هذا الموقف وأفضل أن يتم حله بين سام ألاردايس وجون تيري. هذه هي الطريقة المناسبة»، وتابع: «يمتاز جون تيري بسلوك رائع خلال التدريبات وهو يبذل جهدا كبيرا. أنا سعيد للغاية بالتزامه. لكن بالنسبة للمنتخب الوطني.. فمن المهم أن تحل المسألة بين سام ألاردايس وجون تيري»، ويلعب تشيلسي على أرضه مع بيرنلي في مباراته التالية بالدوري الإنجليزي الممتاز يوم السبت المقبل.
فابريغاس وكونتي.. «زواج مصلحة» يمكن أن ينتهي بالانفصال في أي وقت
بعد 5 مباريات خاضها تشيلسي مع المدرب الجديد ما زال اللاعب محرومًا من المشاركة أساسيًا
فابريغاس وكونتي.. «زواج مصلحة» يمكن أن ينتهي بالانفصال في أي وقت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة