تتربع السعودية على قائمة أكثر البلدان العربية استخداما لبرنامج التواصل الاجتماعي «سناب شات»، مما فتح شهية كثير من الوزارات والجهات الحكومية للتواجد في هذا التطبيق الشهير خلال الآونة الأخيرة، على الرغم من كون برنامج «سناب شات» الذي تأسس عام 2011 لا يتمتع بالديمومة ولا التوثيق، بل كل محتوياته مؤقتة وتختفي بعد 24 ساعة فقط.
والطريف كذلك أن «سناب شات» هو من التطبيقات خفيفة الظل التي تعتمد على التعابير المضحكة وإضافة التأثيرات المرحة على الصور، ويركز في تقاريره اليومية على الأخبار الطريفة من مختلف بلدان العالم، مما يجعل الطابع «الكوميدي» هو الغالب على محتواه، الأمر الذي يثير الجدل بين خبراء الإعلام الرقمي إن كان حضور الجهات الحكومية في هذا التطبيق ملائما ومجديا أم هو جهد مهدر؟ وهل رواج تطبيق اجتماعي معين أمر كاف للحاق بركبه أم أن الأفضل هو اختيار الوسيلة الأكثر تناسبا مع هويّة الجهة الحكومية؟
يأتي ذلك على خلفية إعلان وزارة الصحة السعودية هذا الأسبوع عن إطلاق حسابها الرسمي في منصة «سناب شات»، لتكون آخر الجهات الحكومية التي حطت رحالها في هذا التطبيق الشهير، يسبقها في ذلك عدد من الوزارات مثل وزارة التعليم ووزارة التجارة والاستثمار، إلى جانب بعض الهيئات الرسمية مثل الهيئة السعودية للمهندسين والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة.
و«سناب شات» لمن لا يعرفه هو تطبيق رسائل مصورة يُمكن المستخدمين من التقاط الصور وتسجيل الفيديو وإضافة النصوص والرسومات، وإرسالها إلى قائمة التحكم من المتلقين، على أن يحدد المستخدمون مهلة زمنية لعرض لقطاتهم من ثانية واحدة إلى 10 ثوان، ولا يتجاوز عمر هذه الصور ومقاطع الفيديو القصيرة أكثر من 24 ساعة، ثم تختفي تماما من خانة العرض.
ويرى الدكتور خالد الحلوة، الأستاذ المساعد في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود في الرياض، أن خصائص تطبيق «سناب شات» تجعله موجها للشبان وصغار السن بدرجة كبيرة، إلى جانب أنه تطبيق سريع وفي الغالب لا يخدم الجهات الحكومية ذات الاتجاه الجاد والرسمي، بحسب قوله. مضيفا: «ليس بالضرورة أن تصل الجهة الحكومية إلى جمهورها عن طريق جميع وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة، فقد يسبب ذلك تشتيتا لجهودها».
ويتابع الحلوة حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «الأفضل هو تركيز الجهات الحكومية على وسائل محددة من تطبيقات التواصل الاجتماعي، لتصل من خلالها إلى الجمهور، خصوصا ونحن نعلم أنه كل فترة يُولد تطبيق جديد، فمن الصعب على هذه الجهات اللحاق بركب التطبيقات كافة، مع كون بعض التطبيقات لا يصل محتواها إلى شريحة كبيرة من الجمهور المستهدف، فـ«سناب شات» على سبيل المثال معظم مستخدميه من صغار السن». أما تيسير المفرج، وهو متخصص علاقات عامة وإعلام، فيرى أن الأمر مرهون بالذكاء في استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي، قائلا: «في المنصات الإلكترونية هناك نوعان: المنصات المستأجرة والمنصات المملوكة، فالمنصات المستأجرة هي جميع المنصات والتطبيقات التفاعلية التي تندرج تحت مسمى التواصل الاجتماعي، ومن ضمنها (تويتر) و(فيسبوك) و(انستغرام) و(كيك) والآن (سناب شات)».
ويضيف «ستستمر كثير من المنصات في التوالد كمنصات مستأجرة، والجهات الحكومية أو الخاصة هم المستأجرون فيها، فهي منصة للتواصل مع مجموعة محددة من الجمهور»، ويردف: «أما المنصات المملوكة فهي المواقع والتطبيقات المملوكة لجهة ما، وعلى الجهات الحكومية العمل على بناء منصاتها المملوكة والاستفادة من المنصات المستأجرة في خلق مجتمعات مهتمة بمجال عملها ونقلها إلى المنصة المملوكة، فتبقى المنصة المستأجرة وسيلتها الرئيسية هي كيفية جمع المتابعين المهتمين ونقلهم إلى المنصة المملوكة».
ويؤكد المفرج، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن ما دون ذلك هو «جهد مهدر»، قائلا: «لدينا تجارب كثيرة في ذلك، منها (منتدى المسافرون العرب) الذي كان في يوم من الأيام هو المرجع الأساسي لأي مسافر إلى خارج السعودية، لكنه انتهى الآن لأنه ركز على منصة مستأجرة تتبع (ياهو) و(مكتوب)، وبعد انتهاء (ياهو) اختفى الجمهور، وبعد أن وصلت قيمته السوقية إلى 7 ملايين ريال أصبح لا يساوي آلاف بسيطة من الريالات».
ويخلص المفرج إلى «ضرورة التوجه إلى الاستفادة من أي منصة مستأجرة مناسبة في عرض المحتوى الملائم ونقل أنشطة وفعاليات الجهة، شريطة ألا تكون هي المنصة الرئيسية للأخبار والتواصل مع الجمهور، بل منصة داعمة للمنصة المملوكة التي هي الموقع الإلكتروني أو التطبيق الخاص بالجهة»، مردفا: «هذا هو الاستخدام الذكي وليس الهدف هو مجرد مواكبة تطبيقات التواصل الاجتماعي».
من جهته، يرى عمار محمد، وهو مستشار ومدرب الإعلام الرقمي من دولة قطر، أن «الأفضل للوزارات التركيز على 3 منصات اجتماعية ويتم ربطها بالموقع الإلكتروني لزيادة الزيارات الخاصة والوعي بخدمات المؤسسات»، مضيفا: «يحتاج ذلك إلى استراتيجية مدروسة للمحتوى المقدم وفهم حاجات الجمهور إضافة إلى وجود فريق متخصص في حل المشكلات وإدارة الأزمات».
ويعتقد خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «دخول أي وزارة في أي تطبيق دون استراتيجية واضحة يضعف من قيمة اسمها وسمعتها وكذلك انتشارها، كما يمكن الاستفادة من التدريب والاستشارات في تطوير عمل المؤسسات بأفضل الممارسات الممكنة لتطوير خدماتها وقنواتها الاجتماعية»، بحسب قوله.
تجدر الإشارة هنا إلى أن عدد المستخدمين النشطين لتطبيق «سناب شات» يبلغ يوميا نحو مائة مليون مستخدم نشط من جميع أنحاء العالم، وبحسب تقرير سابق نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» وصل عدد مشاهدات «سناب شات» إلى ست مليارات مشاهدة يوميا. ويصل التفاعل في «سناب شات» إلى حد تحميل أكثر من 9 آلاف صورة عليه في الثانية الواحدة، مما جعل موقع «فورتشن» يقول: «يحتاج المرء إلى عشر سنوات كاملة من أجل تصفح الصور التي يتم تحميلها على التطبيق في ساعة واحدة».
الوزارات السعودية تحط رحالها في «سناب شات»
إعلاميون يختلفون: هل الأجدى الانتشار أم انتقاء الوسيلة الأنسب؟
الوزارات السعودية تحط رحالها في «سناب شات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة