الميليشيات تصعّد من هجماتها العسكرية.. وتهجّر سكان مديريات وقرى في الحُجرية

قوات «الشرعية» تفرض حالة الطوارئ وحظرًا للتجوال في «التربة» بتعز

الميليشيات تصعّد من هجماتها العسكرية.. وتهجّر سكان مديريات وقرى في الحُجرية
TT

الميليشيات تصعّد من هجماتها العسكرية.. وتهجّر سكان مديريات وقرى في الحُجرية

الميليشيات تصعّد من هجماتها العسكرية.. وتهجّر سكان مديريات وقرى في الحُجرية

فرضت قوات الجيش الوطني في محافظة تعز، حالة الطوارئ وحظرا للتجوال في مدينة التربة، ثاني كبرى مدن المحافظة ومركز قضاء الحجرية في المحافظة، وذلك بعد أن باتت المواجهات مع ميليشيات الحوثي - صالح الانقلابية تدور في أكثر من منطقة بالقرب من المدينة، وبعد قيام مسلحين حوثيين، من أبناء المنطقة، بتفجير قناة تصريف مياه على الطريق العام الرابط بين تعز وعدن، وهو الأمر الذي أدى إلى قطع الطريق بشكل مؤقت، قبل أن تقوم المقاومة الشعبية بإصلاحه وردمه. وبدأ سريان حظر التجوال وحالة الطوارئ، اعتبارا من مساء أول من أمس، لفترة غير محددة.
ونص قرار الطوارئ - حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه - على أنه «نظرًا لما تقتضيه المصلحة العامة، ولدواع أمنية قررت قيادة محور تعز وقيادة (اللواء 35 مدرع)، إعلان حالة الطوارئ في مدينة التربة والمناطق المجاورة لها حتى إشعار آخر، وحظر التجوال في مدينة التربة والمناطق المجاورة لها ابتداء من الساعة الثامنة حتى السادسة صباحًا وحتى إشعار آخر». ودعا البيان جميع المواطنين في المناطق المذكورة إلى الالتزام بالقرارات الصادرة. مع تأكيد أن «من سيخالف ذلك سيتعرض للمساءلة».
وبعد ساعات من إصدار البيان، جابت أطقم عسكرية شوارع مدينة التربة والمناطق المحيطة بها، تحذر الأهالي عبر مكبرات الصوت من عدم الخروج من منازلهم، بحسب ما حدده قرار المحور العسكري وقيادة «اللواء 35 مدرع»، وذلك جراء تقدم ميليشيات الانقلاب باتجاه هيجة العبد.
وبحسب مصادر عسكرية في الجيش الوطني بتعز لـ«الشرق الأوسط»، فقد «عقدت قيادات عسكرية في (اللواء 35 مدرع)، بينهم العميد عدنان الحمادي، قائد اللواء، وقيادات في المقاومة الشعبية، بينهم عادل أبو فارع المكنى بأبي العباس، لمناقشة التطورات المتسارعة في جبهات القتال وسير المعارك، خصوصا بعد فتح ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح لجبهات قتالية جديدة متجهة إلى مناطق وجبال الحُجرية في مديريات حيفان والصلو، جنوب المحافظة، وكذلك في الشقب في صبر».
وأضافت: «تعيش الميليشيات حالة تخبط كبير، بل إنها تتهاوى يوما بعد يوم جراء الخسائر الكبرى التي تتكبدها جراء المواجهات في جبهات القتال وغارات التحالف التي تساند قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، مما يجعلها تدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى المناطق التي تسيطر عليها وتواصل قصفها المستمر على الأحياء السكنية بمدينة تعز، علاوة على تهجيرها للأهالي من قراهم وتحويل المنازل إلى ثكنات عسكرية».
وأكدت المصادر ذاتها «تنفيذ حملة عسكرية خلال الساعات المقبلة لقوات الشرعية في منطقة التربة والمناطق المحيطة بها، وبالتنسيق مع قيادات التحالف التي تساند القوات بشن غاراتها المكثفة على مواقع وتجمعات وتعزيزات الميليشيات الانقلابية، من أجل استعادة المواقع التي تمت السيطرة عليها ودحرهم منها».
وفي وقت استمرت فيه الميليشيات الانقلابية بالدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى جبهات القتال في محافظة تعز وبشكل خاص إلى محيط المدينة وقرى حيفان والوازعية ومحيط «اللواء 35 مدرع»، غرب المدينة، في محاولة للاستيلاء عليه، فقد شرعت هذه الميليشيات في حملة تهجير جديدة طالت سكان عزلة الأكبوش في الأحكوم بمديرية حيفان، جنوب تعز، والسكان القريبين من هيجة العبد في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج الجنوبية، حيث تعد الشريان الرئيسي للخط الواصل بين محافظتي عدن وتعز.
وجاء التهجير الجديد، بعد قيام الميليشيات الانقلابية بتفجير عبارة مياه في طريق هيجة العبد في نهاية طريق الأسفلت، الأمر الذي أدى إلى قطع الطريق الرئيسي بين محافظتي عدن وتعز.
وعلى صعيد المواجهات في مدينة تعز، تمكنت قوات الشرعية من صد هجوم ميليشيات الانقلاب في الجبهة الشرقية، حيث تركزت المواجهات في حي قريش في الجحملية وفي التموين، وكذلك في الجبهة الغربية، حيث تركزت في شارع الثلاثين والضباب وجبل المربعة، وأجبروا الميليشيات على التراجع وسط سقوط قتلى وجرحى من الجانبين. كما تمكنت من صد هجوم شنته ميليشيات الانقلاب في جبهة الشقب، شرق جبل صبر، استمر لأكثر من ثلاث ساعات حتى فجر الأمس، وهو الهجوم المصحوب بقصف عنيف على مواقع المقاومة الشعبية والجيش الوطني في الشقب.
في سياق متصل، واصل طيران التحالف شن غاراته الجوية، واستهدف تجمعا لأفراد وآليات عسكرية لميليشيات الانقلاب في قرية الشرف بمديرية الصلو، وغارات أخرى استهدفت فيها طقمين عسكريين للميليشيات في منطقة الأحكوم في حيفان، وسط تصاعد النيران في الأماكن المستهدفة.
في موضوع آخر، دشن وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة، عبد الرقيب فتح، في مدينة تعز مشروع علاج 50 جريحا من جرحى العيون في محافظة تعز الذين وصل عددهم إلى 350 جريحا، وذلك بتمويل من فريق «عطاء المرأة الكويتية الإنسانية»، وتنفذه شبكة «استجابة» للأعمال الإنسانية الإغاثية في اليمن. وأشاد الوزير، خلال التدشين، بالمساعدات المقدمة من دولة الكويت، معبرا عن «تقدير الحكومة اليمنية ممثلة باللجنة العليا للإغاثة للمكرمة الثانية المقدمة من أمير وشعب الكويت الشقيق للشعب اليمني والمتمثلة في علاج جرحى العيون من أبناء محافظة تعز».
ومن جانبه، قال الرئيس الدوري للهيئة اليمنية الكويتية، شوقي باعظيم، إن «شبكة (استجابة) ستقوم بعلاج 50 جريحا من جرحى العيون من محافظة تعز الذين استعصي علاجهم داخليا بعلاجهم في دولة الهند الصديقة، فيما سيتم علاج بقية الجرحى البالغ عددهم 300 جريح في الداخل»، مبديا استعداد الشبكة على تبني إقامة عشرة مخيمات علاجية داخلية وعلاج 500 حالة من جرحى المخ والعظام داخليا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.