طيران التحالف يواصل دك تعزيزات الانقلابيين.. وتحضيرات مكثفة لتحرير صنعاء

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: لقاءات سرية لنائب الرئيس اليمني بقيادات عسكرية وحزبية في مأرب

طائرة تابعة للصليب الأحمر في مطار صنعاء بعد أن استجاب التحالف العربي لمطالب إنسانية بإعادة فتحه أمس (أ.ف.ب)
طائرة تابعة للصليب الأحمر في مطار صنعاء بعد أن استجاب التحالف العربي لمطالب إنسانية بإعادة فتحه أمس (أ.ف.ب)
TT

طيران التحالف يواصل دك تعزيزات الانقلابيين.. وتحضيرات مكثفة لتحرير صنعاء

طائرة تابعة للصليب الأحمر في مطار صنعاء بعد أن استجاب التحالف العربي لمطالب إنسانية بإعادة فتحه أمس (أ.ف.ب)
طائرة تابعة للصليب الأحمر في مطار صنعاء بعد أن استجاب التحالف العربي لمطالب إنسانية بإعادة فتحه أمس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تستمر فيه قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة صنعاء في تطهير مناطق مديرية نهم، شرقي صنعاء، واحدة تلو الأخرى من ميليشيات الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح، يواصل نائب الرئيس اليمني، الفريق الركن علي محسن الأحمر، وضع اللمسات الأخيرة لمعركة تحرير العاصمة صنعاء والمناطق المجاورة، في إطار العملية العسكرية التي أطلق عليها «التحرير موعدنا»، والتي انطلقت منذ أكثر من أسبوع.
ويرابط الأحمر حاليا في محافظة مأرب، التي تعد المركز الرئيسي لإدارة العمليات العسكرية، وإلى جانب زياراته إلى المعسكرات وتفقد الجاهزية القتالية، قالت مصادر مقربة من الأحمر لـ«الشرق الأوسط» إنه يعمل، بتنسيق كامل ومباشر مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، على إعادة ترتيب صفوف قوات الشرعية، من خلال ترتيب الوضع الإداري والقيادي للألوية العسكرية، ومناقشة كافة تفاصيل العمليات العسكرية في الطريق إلى صنعاء، وهي مناطق جبلية وعرة.
وتتحفظ قوات الشرعية على تحركاتها العسكرية شمال شرقي البلاد، وتحديدا في شرق العاصمة صنعاء، غير أن المصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن جزءا من المهمة التي يقوم بها الفريق الأحمر في مأرب هو حشد القبائل المحيطة بالعاصمة في محافظة صنعاء، إلى جانب الجيش الوطني. وذكرت المصادر المطلعة أن نائب الرئيس اليمني «أجرى لقاءات واتصالات (سرية) مهمة بقيادات أمنية وعسكرية ومشايخ قبليين وقيادات تنظيمية وسياسية في حزب المؤتمر الشعبي العام، ما زالت في صف الانقلاب في صنعاء وعمران»، ورفضت تلك المصادر الحديث عن الشخصيات التي انضمت مؤخرا إلى صفوف الشرعية، واكتفت بالإشارة إلى مئات الضباط والأفراد الذين انضموا قبل أيام إلى صفوف الشرعية، بعد أن غادروا المعسكرات التي كانوا ينتمون لها والتي تخضع للانقلابيين. وقالت تلك المصادر إن «الأيام، إن لم تكن الساعات القليلة المقبلة، سوف تشهد مفاجآت كثيرة على مختلف الجبهات».
من جهته، قال عبد الكريم ثعيل، عضو المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في صنعاء إن هذه اللقاءات تأتي في إطار «الاستعدادات للمرحلة الأخيرة لعملية تحرير صنعاء»، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن نتائج اللقاءات إيجابية على 3 مستويات؛ «الأول يتمثل في الموافقة على الانضمام للشرعية والعمل ضمن خطة الشرعية بكل الوسائل والإمكانات المتوفرة وسيكونون في الجبهات الشرعية ويجري الإعداد لإعلان ذلك. أما الثاني، فيتعلق بالانضمام الصامت بالتنسيق والعمل من الداخل على كل المستويات وذلك ابتداء من الآن بالتنسيق والتواصل والترتيب وسحب من أمكن من جبهات الانقلاب والاستعداد لساعة الصفر. فيما المكسب الثالث هو الدعم السياسي والجماهيري المدني في اللحظات الأخيرة، حيث سيقوم كثير ممن أجبرهم الانقلاب على الخضوع بالإسهام في تأييد وصول الشرعية إلى صنعاء مباشرة».
وأضاف القيادي ثعيل أن الرئيس عبد ربه منصور هادي «يشرف بشكل مستمر على كل ذلك، بل لا نخفي أنه أكثر شخص يقدم الأفكار والخطط المقترحة لقوات الشرعية بحكم اختصاصه وخبرته العسكرية الواسعة»، مؤكدا أنه «وعلى الرغم مما يطرحه البعض من أن الرئيس بعيد عن تفاصيل المعركة، إلا أننا في صنعاء لمسنا حضوره المستمر من خلال نائبه ورئيس أركان الجيش بل وتوجيهات والاستراتيجية المهمة في صلب الخطط وأثناء المعارك»، مؤكدا أنه كان لزيارة الرئيس هادي، الشهر الماضي، لمأرب «أثر كبير جدا». وأردف: «اليوم قوات الشرعية والمقاومة على الأرض والحشود الشعبية داخل صنعاء وأمانة العاصمة تنتظر قرارات شجاعة، وأعتقد أن ذلك سيكون قريبا جدا، وفقا لوعود فخامة الرئيس والنائب ورئيس الوزراء لتسهيل نجاح عملية الحسم وإرساء مدامك الشرعية قبل وأثناء وبعد الحسم».
في السياق ذاته، التقى الأحمر أمس بأعضاء السلطة المحلية والمشايخ والأعيان في محافظة مأرب، وشدد «على خيار اليمنيين المتمثل في الدولة الاتحادية ورفض فوضوية الانقلابيين وجماعات العنف والإرهاب». وقال الأحمر إن القيادة السياسية، ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، بذلت «جهودا حثيثة لاستئناف العملية السياسية والتوصل إلى حل سلمي يضمن استعادة الدولة وعودة الأمن والاستقرار، سواء من خلال مشاورات الكويت الأخيرة أو ما قبلها»، مشيرا إلى أن «تلك الجهود قوبلت بتعنت وصلف للانقلابيين وإصرار منهم على سفك مزيد من دماء اليمنيين». كما شدد الفريق الأحمر على «ضرورة قيام (القيادة السياسية) بواجبها في استعادة الدولة ومؤسساتها في كل أرجاء اليمن». وتطرق إلى «التضحيات الجسيمة التي قدمتها دول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات إلى جانب اليمنيين»، واعتبر «قرار دعمهم للشرعية في اليمن قرارًا تاريخيًا وأخويًا صادقًا جنَّب اليمن والمنطقة الكثير من الويلات». وخلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، صدر عدد من القرارات الجمهورية بتعيينات مهمة في قوات الجيش الوطني، لقيادات عسكرية ذات تجربة وباع طويل في محاربة المتمردين الحوثيين، على مدى السنوات الاثنتي عشرة الماضية. ونص أحد تلك القرارات على تعيين اللواء صغير بن عزيز، نائبا لرئيس هيئة الأركان العامة لشؤون التدريب، وهو أحد قيادات الحرس الجمهوري (سابقا)، وأحد ضحايا الميليشيات الحوثية، حيث شردته من دياره وصادرت ممتلكاته؛ في حين لم تتأكد لـ«الشرق الأوسط» بعض المعلومات عن تعيين قيادات عسكرية جنوبية في مواقع عسكرية مهمة، في سياق التحضير لعمليتي صعدة وعمران.
إلى ذلك، يواصل طيران التحالف، بقيادة السعودية، دك معاقل الانقلابيين وميليشيات الحوثي - صالح، في العاصمة صنعاء ونهم ومحافظات حجة وصعدة وعمران. ففي العاصمة صنعاء استهدفت سلسلة غارات معسكر الصيانة في منطقة الشيراتون - سعوان، إلى جانب سلسلة غارات استهدفت تعزيزات للميليشيات الحوثية في منطقة ثومة واللواء 63 حرس جمهوري (سابقا - الاحتياط حاليا)، في منطقة بيت دهرة، بمديرية نهم، التي تشهد أعنف المواجهات بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح، من جهة أخرى.
وقال مصدر ميداني في نهم إن «الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تمكنا من السيطرة على تبة البيضاء، بعد معركة شرسة مع ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، استطاع على إثرها مقاتلو الجيش والمقاومة، الذين جرح أحد أفرادهم، أن يدحروا الميليشيات التي فرت من التبة مخلفة وراءها ثمانية قتلى وعددا من الجرحى».
وأشار المصدر إلى أن زيارة نائب الرئيس الفريق على محسن الأحمر إلى جبهات مديرية نهم «كان لها وقع كبير على معنويات قيادات وأبطال الجيش والمقاومة حيث حثهم على التقدم»، وإلى أن الزيارة «أسهمت، بشكل كبير، في رفد الجبهات بالمقاتلين وعززت من ترتيب الصفوف وتنسيق الجبهات ورسم ملامح المعركة المقبلة بل والانتصار بإذن الله».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.