مصر ترفض رهن أنقرة تحسين العلاقات بقبول الرؤية التركية إزاء التطورات في القاهرة

مندوبها بمجلس الأمن يمتنع عن التصويت على نشر قوة حماية بجنوب السودان

مصر ترفض رهن أنقرة تحسين العلاقات بقبول الرؤية التركية إزاء التطورات في القاهرة
TT

مصر ترفض رهن أنقرة تحسين العلاقات بقبول الرؤية التركية إزاء التطورات في القاهرة

مصر ترفض رهن أنقرة تحسين العلاقات بقبول الرؤية التركية إزاء التطورات في القاهرة

فيما رفضت مصر تصريحات أدلى بها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قال فيها إن «أنقرة على استعداد لتحسين علاقتها الثنائية مع القاهرة؛ شريطة حدوث تطورات داخلية في مصر تتفق مع وجهة النظر التركية»، امتنع مندوب مصر في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن التصويت على قرار بنشر قوة حماية إقليمية في جنوب السودان.
وقال وزير الخارجية سامح شكري، أمس، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه «من غير المقبول أن يرهن وزير خارجية تركيا تحسين العلاقات بشرط احتضان مصر للرؤية التركية إزاء التطورات السياسية بها».
وكان شكري يرد على تصريحات لنظيره التركي أدلى بها الأخير لوكالة «الأناضول» التركية، وقال أغلوا في التصريحات التي أثارت غضب القاهرة «إذا أرادت مصر أن تخطو خطوات إيجابية فنحن مستعدون لمساعدتها، هناك إمكانية لإجراء لقاءات على مستوى الوزراء.. من غير الممكن في ظل استمرار هذه الإجراءات، تحسين العلاقات بليلة وضحاها، نتمنى أن تحدث تطورات بالمستوى الذي تحدثْتُ عنه».
وقال وزير الخارجية المصري، إنه على الرغم مما تضمنته تصريحات الوزير التركي من موضوعات إيجابية تشير إلى وجود رغبه لدى الحكومة التركية لتحسين العلاقات مع مصر، فإن حديث الوزير التركي في مجمله يدعو إلى الاستغراب لما ينطوي عليه من تناقض. وشدد على أنه ليس من المقبول «قبول إسهاب الوزير التركي في تقييم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بمصر بما يشمله من افتئات على النظام القضائي المصري». وأشار الوزير التركي في تصريحاته للصعوبات الاقتصادية التي تواجهها مصر، قائلا إن «مصر تواجه في الوقت الراهن خطرًا على أمنها، وللأسف فإنها تشهد حاليا أزمة اقتصادية كبيرة، وفي حال أوقفت الدول دعمها ستنهار البلاد في أسبوع». وقال شكري، في بيانه أمس إن «الحديث عن تحسين علاقات ثنائية على المستوى الدولي يفترض احترام المبادئ المستقرة في التعامل بين الدول، ومنها عدم التدخل في الشؤون الداخلية، إلا أن الشروط التي يضعها الوزير التركي توحي وكأن لتركيا ومسؤوليها وصاية على الشعب المصري عليه أن ينصاع لها». وتابع: «هذه أمور تدعو إلى التعجب على أقل تقدير، وغير مقبولة بشكل مطلق»، مضيفا أن النزعة لمحاولة تطويع إرادة الشعب المصري بما يتوافق مع رؤية أي طرف خارجي هو ضرب من الوهم.
وجدد شكري تأكيده على التزام مصر بالاستمرار في سياستها من حسن الجوار وتحقيق المصالح المشتركة، والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، والانفتاح على إقامة علاقات تحقق مصلحة الشعوب، والاستعداد الدائم لإيجاد أرضية من التفاهم المشترك.
وتوترت العلاقات بين مصر وتركيا منذ عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في يوليو (تموز) قبل ثلاث سنوات؛ ما أدى إلى تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
وعرقلت مصر، الشهر الماضي، صدور قرار من مجلس الأمن يدين محاولة انقلاب في أنقرة بعد اعتراضها على بند في مشروع القرار يطالب بـ«احترام الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في تركيا». وعللت مصر رفضها للبند قائلة إنه «لا يحق لمجلس الأمن وصف أي حكومة بأنها منتخبة ديمقراطيا». وفي غضون ذلك، قالت الخارجية المصرية أمس أيضا إنها امتنعت عن التصويت على قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بنشر قوة حماية إقليمية في جنوب السودان، مشيرة إلى أن القرار يقضي بنشر 4000 جندي في جوبا وما حولها، مضيفة أنه تم اعتماد القرار بتصويت 11 دولة لصالحه وامتناع 4 دول، هي مصر، روسيا، الصين وفنزويلا.
ونقل بيان الخارجية عن وفد مصر في مجلس الأمن قوله إن «موافقة الحكومة على نشر القوات هو ضرورة عملية وعملياتية، كما أنه ضرورة قانونية، إلا أن القرار يغفل موقف الحكومة الانتقالية للوحدة الوطنية من مسألة نشر قوة الحماية الإقليمية ويتجاهل ما نص عليه بيان تجمع الإيجاد الصادر في أغسطس (آب) الحالي، بشأن التنسيق مع الحكومة في مسائل حجم القوة وتسليحها وولايتها وتوقيت نشرها».
وأضاف، أن القرار تضمن «إشارات تلوح وتهدد بفرض إجراءات عدة، حال عدم قبول الحكومة لما ورد بالقرار من استحقاقات، ويستبق القرار اجتماع قادة أركان دول المنطقة في مشاوراتهم القادمة التي تشكل جوهر الموافقة المبدئية للحكومة الانتقالية».
وتشهد جنوب السودان منذ أكثر من عامين قتالا ضاريا بين أنصار الرئيس سلفا كير ومنافسه ريك مشار؛ ما أثار مخاوف من انعدام الاستقرار في شرق أفريقيا. وأدى القتال إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص ونزوح أكثر من مليونين آخرين.
وقال الوفد بحسب بيان الخارجية، إنه «حاول التوصل إلى صياغات وسط (لمشروع قرار مجلس الأمن) تكون محل توافق جميع الأطراف، بهدف توحيد المجلس واعتماد القرار بالإجماع، ولكن كان هناك إصرارًا على الدفع بترتيبات وقوات دون منح حكومة جنوب السودان فرصة القبول أو الرفض».
وقالت مصر، الأسبوع الماضي، إنها حريصة على التشاور مع حكومة جنوب السودان والدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن بشأن مقترح نشر قوة حماية إقليمية، مؤكدة دعمها جميع الجهود المبذولة لاستعادة الأمن والاستقرار بجنوب السودان.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.