«المخبر السري» يؤجل البت في قانون العفو العام بالبرلمان العراقي

تمرير مشروع قانون جهاز مكافحة الإرهاب

«المخبر السري» يؤجل البت في قانون العفو العام  بالبرلمان العراقي
TT

«المخبر السري» يؤجل البت في قانون العفو العام بالبرلمان العراقي

«المخبر السري» يؤجل البت في قانون العفو العام  بالبرلمان العراقي

فيما نجح البرلمان العراقي في تشريع قانون جهاز مكافحة الإرهاب خلال الجلسة التي عقدها أمس فإن خلافات على بنود معينة في قانون العفو العام حالت دون التصويت عليه في وقت أكد فيه رئيس البرلمان سليم الجبوري عرضه مع قانون المساءلة والعدالة للتصويت خلال جلسة يوم غد بعد الانتهاء من صياغة بعض المواد من قبل اللجنة القانونية.
ويعد جهاز مكافحة الإرهاب بمثابة الفرقة الذهبية للجيش العراقي التي تمكنت من حسم الكثير من المعارك الفاصلة التي خاضها الجيش العراقي ضد تنظيم داعش لا سيما في معارك الرمادي والفلوجة وصلاح الدين. وقد تم تشكيل قطعات هذا الجهاز بعد الاحتلال الأميركي للعراق وخضع لتدريب خاص من قبل الأميركيين بالإضافة إلى أنه حظي بتسليح متقدم مما جعله يشترك في المعارك التي تحتاج إلى حسم.
وفي الوقت الذي كان قانون العفو العام جاهزا للتصويت عليه فإن جرائم الفساد والسرقة وإعادة المحاكمة بسبب «المخبر السري» أدت إلى رفعه من جدول الأعمال في اللحظات الأخيرة. وقال رئيس البرلمان سليم الجبوري خلال كلمة له داخل جلسة البرلمان إن «تأجيل التصويت على قانون العفو العام جاء بناء على طلب من اللجنة القانونية»، مشيرا إلى أنه «سيتم عرضه للتصويت خلال جلسة الاثنين مع قانون المساءلة والعدالة».
ويعد قانونا العفو العام والمساءلة والعدالة من بين أكثر القوانين المثيرة للجدل بين القوى السياسية يضاف إليهما قانون حظر حزب البعث الذي نجح البرلمان في تمريره قبل أزمة استجواب وزير الدفاع بينما بقي قانونا العفو والمساءلة والعدالة دون تصويت برغم أن التوافق السياسي كان يقتضي التصويت على هذه القوانين كسلة واحدة.
وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون والعضو في جبهة الإصلاح البرلمانية أحمد طه الشيخ علي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قانون العفو العام كان قد تم التوافق عليه بين الكتل السياسية برغم وجود خلافات على الكثير من بنوده لكن تم تسوية الكثير منها داخل اللجان المعنية وفي المقدمة منها اللجنة القانونية لكنه وعند عرض القانون للتصويت خلال جلسة السبت وجدت بعض الكتل السياسية أن هناك فقرات في القانون لا يمكن تمريرها وفي المقدمة منها إعادة المحاكمة وجرائم السرقة والفساد».
وأضاف الشيخ علي أن «قضية إعادة المحاكمة بناء على المخبر السري يمكن أن تفتح الباب أمام خروج الكثير ممن تم اعتقالهم والحكم عليهم بناء على معلومات صحيحة بصرف النظر عن الإساءات المعروفة في عمل المخبر السري وبالتالي فإن هذا الأمر يحتاج إلى إعادة نظر»، مبينا أن «العفو عن جرائم السرقة والفساد أمر خطير ولا يمكن القبول به لأنه سيفتح الباب أمام الكثير من حالات الفساد التي مرت ويمكن أن تمر من دون حساب في المستقبل».
إلى ذلك أكدت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أنه مع التصويت على قانون العفو العام «شريطة أن لا يشمل الدواعش». وقال رئيس اللجنة حاكم الزاملي في مؤتمر صحافي: «نحن مع التصويت على العفو العام» معربا عن «سفه لوجود 30 معتقلا قاوموا الاحتلال الأميركي في العراق بعد 2003»، معتبرا أن «هؤلاء يستحق إخراجهم ضمن العفو كونهم كانوا يدافعون عن العراق». وأضاف: «نحن ضد إخراج الدواعش من السجون». وكشف رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية عن «قرب تقديم لجنته مشروع قانون للحشد الشعبي يحفظ حقوق المقاتلين وسيتم قريبا إكماله والتصويت عليه».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية رعد الدهلكي لـ«الشرق الأوسط» أن «قانون العفو العام والمساءلة والعدالة من القوانين الهامة التي يمكن أن تؤسس لعهد جديد ومرحلة جديدة من التعايش وطي صفحة الماضي»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «التجاذبات السياسية جعلت كل كتلة وكل طرف تنظر إلى مثل هذه القوانين من زاويتها الخاصة وليس في إطار المصلحة الوطنية العامة».
وأضاف أنه «بصرف النظر عن وجود آلاف المعتقلين الأبرياء في السجون الذين هم إما دون محاكمات منذ فترات طويلة أو تم انتزاع اعترافاتهم بالعنف والإكراه أو هم ضحايا المخبر السري فإن إقرار القانون يعطي رسالة لجماهير غفيرة بأن هناك جدية في النظر إلى المستقبل من زاوية مختلفة عن الفترة الماضية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.