قالت الفنانة ريتا حايك إن أداءها الطبيعي في التمثيل هو نتاج الخبرة والنضوج اللذين تزوّدت بهما في مشوارها الفنّي. وتابعت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لدي أسلوبي وطريقتي في الأداء وهما يتطوران بشكل تلقائي مع الدور الذي أجسده. فأتعاطف مع الشخصية التي ألعبها، وأعيشها بكلّ جوارحي حتى تصبح جزءًا لا يتجزأ منيّ». وتابعت: «أغذيها عادة من مواقف وأحاسيس سبق ومررت بها، وبعد فترة من التصوير تنصهر مع الدور لتؤلّف الحالة التي ترونها على الشاشة».
نجحت ريتا حايك في شهادة غالبية النقّاد والقائمين على ساحة الدراما اللبنانية في جذب المشاهد، من خلال تميّزها في دور (نسرين) الذي تجسّده في مسلسل «وين كنتي». فهي لم تحاول بذل الجهد أو اصطناع مواقف ولحظات معيّنة، بل كانت انسيابية في أدائها العفوي وعلى طريقة الكريشاندو، فحقّقت النجاح تكتيكيا وبتأن، وبلغت ذروته في الحلقتين الأخيرتين من الجزء الأول للمسلسل. فالتقط المشاهد أنفاسه وهو يتابعها عاشقة إلى حدّ الذوبان وغاضبة إلى حدّ الإجرام. ليس هناك من أمر واحد ساهم في بلوغي هذا المستوى من التمثيل، فكلّ خطأ ارتكبته وكلّ صفعة تلقّيتها وكلّ رجل كسر قلبي وكل دور ندمت على أدائه، وغيرها من أمور سلبية وإيجابية شكّلت حافزا في تكوين شخصيتي التمثيلية. توضح ريتا حايك التي عادت إلى الدراما التلفزيونية بعد غياب وتضيف: «الممثل برأيي هو مجموعة تجارب عليه أن يعرف كيفية الاستفادة منها، فيتغذّى منها لتصبح قوته اليومي فيحصد بعدها ما زرعه منها هنا وهناك».
وعن كيفية اختيارها لأدوارها عامة وللشخصية التي جسّدتها في «وين كنتي» خاصة تقول: «لقد قرأت النصّ مليّا وأعجبت بشخصيّة (نسرين)، فهي مجموعة من الطبقات لا تنتهي. هي امرأة محبّة أخطأت أحيانا وكانت على صواب أحيانا أخرى، وفي النهاية حقّقت الانتصار، فأخذتني بتركيبتها إلى مساحات تمثيل واسعة خصوصا وأنها أضرمت نار الشغف في داخلي، فلم أتردد في العودة إلى الدراما التلفزيونية من خلالها بعد فترة من الغياب، فكان الدور المثالي الذي لطالما تمنيّت أن أعود معه إلى الساحة». وعمّا إذا سكنها هذا الدور إلى حدّ وجدت صعوبة في الانفصال عنه في حياتها الطبيعية، لا سيما وأن العمل يتألّف من ثمانين حلقة فقالت: «الفصل ما بين المهنة وحياتنا العادية هو أمر لا بدّ منه وإلا أصيب الممثل بالضياع. لا شكّ أن هناك مشاعر معيّنة تجتاحه لفترة أثناء التصوير فتلازمه بصورة غير مباشرة، إلا أنه على الممثّل أن يعي ما يقوم به لينجز هذا الانفصال. وفي أوقات كثيرة أبحث في داخلي عما يغذّي الدور من مواقف مررت بها في حياتي الشخصيّة، وهو أمر يصبّ في خانة التقنية التي أعتمدها في أدائي التمثيلي. وهنا على فكرة أريد أن أؤكد أن لكلّ ممثل تقنية ومدرسة خاصتين به، فلا أحد منّا يشبه الآخر في هذا الموضوع، كما أنه لا يمكن اختصارها بواحدة أو اثنتين لأنها تختلف بين ممثل وآخر ولذلك هي كثيرة لا تعدّ ولا تحصى».
وعن سبب غيابها عن الدراما التلفزيونية توضح: «يمكن القول إن انشغالي بالمسرح أثّر على ابتعادي هذا، وبالتالي عدم اقتناعي بالعروض التمثيلية التي سبق وتلقيتها. فالمسرح أعطاني حقّي في ظلّ وقت لم ينصفني فيه العمل التلفزيوني. فاكتشفت أشياء كثيرة في داخلي وطاقة كبيرة في أعماقي فجّرتها على الخشبة، وإلا لما كنت هنا اليوم وبذلك انتظرت ونلت، وعندما عرض علي (وين كنتي) وافقت على مشاركتي فيه لأنه حاكى تطلعاتي في عالم الدراما». وعما إذا هي جاهزة اليوم للمشاركة في أعمال الدراما العربية المختلطة أجابت: «أنا حاضرة من زمان ولكن عدم تجاوبي مع النصوص التي عرضت علي أخّرني في ذلك. والسؤال البديهي الأهم في هذا الموضوع، هو إذا ما كنت أرغب في القيام بهذه الخطوة أو لا. فأنا بالكاد انتهيت من تصوير (وين كنتي) حتى انتقلت إلى تصوير فيلم سينمائي مع المخرج زياد الدويري (الإهانة)، فلست بصدد وضع خطّة أطبّقها حاليا ولا أضع البطولات الجماعية نصب عيني.» وهل أنت مع هذا النوع من الأعمال العربية المختلطة؟ «الممثل اللبناني نجح فيها ولكني أعتقد أنها موجة وستنتهي، خصوصًا وأن هذا النوع من الأعمال لم يلق النجاح المرجو في رمضان الماضي. فأعتقد أن شركات الإنتاج وبالتالي محطات التلفزة اللبنانية ستنتقل إلى خطّة برمجية أخرى في العام المقبل، بحيث سيكون فيها لإنتاج الدراما اللبنانية نصيب الأسد».
وعن قصة الفيلم السينمائي «الإهانة» ودورها فيه تقول: «لا أريد أن أفصح عن تفاصيلها ولكن يمكن القول بأنه التتمة لفيلم (وست بيروت)، الذي حقق نجاحا مدويا في الماضي للمخرج نفسه. والقصّة تحكي عن رجل لبناني أيام الحرب وقع خلاف بينه وبين فلسطيني آخر أثناء حفلة كانا يحضرانها ومن هنا تبدأ مجريات القصة». وتضيف: «كنت أحلم بالعمل مع زياد الدويري هذا المخرج الرائع، وحققت ذلك مع هذا الفيلم الذي يشكّل أول تجربة سينمائية لي». وعمّا اكتسبته من التجربة السينمائية: «كل شيء تعلّمته من المسرح والتلفزيون، قد يكون باختصار عنوانا لهذه التجربة. فالسينما كالمجهر تماما تفضح كلّ شاردة وواردة لدى الممثل شكلا وأداء، كل شيء فيها يكون حجمه مضاعفا، ولذلك تكشف عن الأمور كما هي. فكما لغة العيون كذلك لغة الجسد، فتلغي تفاصيل لتضع أخرى نافرة أمام عين المشاهد».
قريبا ستنتقل ريتا حايك إلى العاصمة الفرنسية لتقديم مسرحية «فينوس»، التي قدّمتها في بيروت على مدى اثنين وثمانين يوما. «هذه المسرحية شكّلت علامة فارقة ونقطة تحوّل في حياتي وفي مشواري التمثيلي، حتى أنها لفتت نقاد مسرح لبنانيين وأجانب، وأكدوا أنها على مستوى مسرحيات عالمية تعرض في لندن وأوروبا عامة. ولذلك نحن بصدد تقديمها في باريس في أواخر الشهر المقبل (22 و23 و24 ) على مسرح (إديار) في الدائرة السابعة. كما سيتم عرض الترجمة للنصّ، على شاشات خاصة ليتم فهمها من قبل الحضور الفرنسي». لم تستطع الممثلة ريتا حايك متابعة أعمال دراما في رمضان الماضي، فشاهدت فقط بعض الحلقات من «مش أنا» لكارين رزق الله وبديع أبو شقرا. وتعلّق: «حتى (وين كنتي) لم أستطع متابعته لانشغالي بتصوير الفيلم». أما عمّن تستمتع في مشاهدة أدائه التمثيلي من النجوم اللبنانيين فهو الممثل بديع أبو شقرا، الذي شاركها العمل المسرحي «فينوس». وتقول: «أنا معجبة به كثيرا ولفتني في أدائه في مسلسل (مش أنا)، رغم الحلقات القليلة التي استطعت مشاهدتها».
بعد اليوم ستأخذ ريتا حايك وقتها في اختيار أعمالها المستقبلية كما قالت لنا، وعن السلاح الذي تحمله في وجه من يمكن أن يحاربها على الساحة التمثيلية تقول: «عشقي للمهنة وحبّ مساندة الناس لي، هما سلاحي القوي الذي أحمله في وجه أي شخص يتمنى لي الأذى، فمع أشخاص أثق بهم ويساندونني أستطيع الانتصار على كلّ شيء».
ريتا حايك: ما مررت به من سلبيّات وإيجابيات أوصلني إلى ما أنا عليه اليوم
مسلسل «وين كنتي» كرّسها نجمة تلفزيونية بامتياز
ريتا حايك: ما مررت به من سلبيّات وإيجابيات أوصلني إلى ما أنا عليه اليوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة