حقائب عملية لرجل عملي

بعد عقد من الزمن والمحاولات نجحت في اقتحام عالمه الخاص

حقائب عملية لرجل عملي
TT

حقائب عملية لرجل عملي

حقائب عملية لرجل عملي

استغرقت عملية تسويق حقيبة اليد للرجل عقدا كاملا من الزمن، ما بين محاولات إقناعه بأنها لا تتعارض مع مظهره الرجولي، وبين الخدع التسويقية لإغوائه وإضعاف مقاومته، من خلال استقطاب النجوم. ومع ذلك، لم ينجح ظهور ديفيد بيكام أو كريستيانو رونالدو وغيرهما من نجوم كرة القدم في إقناعه بها كليا. بل وحتى الحملات الترويجية التي قامت بها بعض بيوت الأزياء، مثل «لوي فويتون» وظهر فيها غورباتشوف ومارادونا وغيرهما ممن تعدوا الشباب، لم تزحزح فكرة الرجل المتحفظ عنها إلا بمشقة وبعد طرح عدة تصاميم.
بيد أن عقدا من الزمن على ما يبدو كان كافيا لكي تتغير النظرة والحسابات. فأرقام المبيعات تؤكد أن الإقبال عليها زاد عالميا بنسبة 25.4 في المائة وفضل كبير في هذه الزيادة يعود إلى السوق الآسيوية، حسب دراسة أجرتها مجموعة «يورو مونيتور» لأبحاث السوق. فالرجل الآسيوي على ما يبدو مهتم أكثر بالإكسسوارات ولا يتخوف من حمل حقيبة يد، أيا كان شكلها ما دامت من الجلد الطبيعي وتحمل اسم ماركة عالمية لها باع في هذا المجال. وتجدر الإشارة إلى أنه على غير المتوقع، فإن الرجل الهندي وليس الصيني هو الذي سجل أسرع ارتفاع في العام الماضي، وإن كان هذا لا يعني أن الأسواق التقليدية مثل أوروبا وأميركا لم تواكب هذا التطور. بل العكس، فهي الأخرى سجلت ارتفاعا ملحوظا وإن ليس بنفس الوتيرة والحجم. وحسب دراسة مماثلة قامت بها مجموعة «إن بي دي» للأبحاث، ارتفعت المبيعات في الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 3 في المائة، أي نحو مليار دولار أميركي. وهي نسبة لا يستهان بها ويعود الفضل فيها إلى وسائل التكنولوجيا الجديدة، مثل الـ«آي باد» والـ«آي بود» والهاتف المحمول وغيرها من الإكسسوارات التي لم يعد الرجل العصري يستغني عنها، وفي الوقت ذاته لا يمكنه حملها في جيوب بدلته الرشيقة والمفصلة. لهذا كله، كان من البديهي أن تزيد معظم بيوت الأزياء العالمية من جرعة اهتمامها بهذا الإكسسوار، بدءا من «مالبوري» التي دخلت هذا المجال بكل قواها منذ عامين تقريبا وأصبحت تقدم خطا خاصا في محلات «سيلفريدجز» يزيد عدده في كل موسم. «دانهيل»، «بيربيري» إضافة إلى «ديور»، «لوي فويتون»، «تودز»، «هيرميس» وغيرها أيضا لم يتأخروا عن تلبية طلبات السوق، حيث أطلقت «لوي فويتون» هذا العام، مثلا، حقيقة «فواياج (Voyage)» التي يقدر سعرها بـ2.410 جنيه إسترليني. وهي حقيبة تتميز بشكل عملي وجلد مترف وقوي يمكن أن يصمد في وجه كل التغيرات الجوية والبيئات، والأهم من هذا تخاطب رجل الأعمال الذي يسافر كثيرا. وتقول الدار انها استلهمتها من حقيبة طرحتها في عام 1934 صممت لكي تستوعب بطانية سفر، وكانت موجهة أيضا حينذاك للمسافرين بالسيارات والقطارات. أما الآن وبعد أن تطورت وسائل السفر والتكنولوجيا، فهي مخصصة لاستيعاب جهاز كومبيوتر و«آي باد» ومحفظة نقود وغيرها من الأمور التي يحتاجها رجل كثير الأسفار، ويحتاج أن تكون كل أساسياته في متناول اليد. «تودز» بدورها، قدمت تصاميم متنوعة من الحقائب لهذا الموسم بأحجام معقولة، من ضمنها مجموعة «دوبل سترايب» التي تتميز بشريط جلدي مزدوج يبرز على الجانبين وسحاب ومحفظة بثلاث سحابات لمزيد من العملية. ويبدو أن عنصر العملية كان القاسم المشترك في تصاميم هذا الموسم، وهو الذي نجح في تذويب مخاوف الرجل المتحفظ وجعله يقبل عليها أكثر. فعلى الأقل هو أكثر استعدادا من ذي قبل لكي يستثمر فيها، ويتعامل معها بنفس الطريقة التي يتعامل بها مع بدلته المفصلة أو حذائه، مما يشير إلى أنها ستتحول إلى إكسسوار أساسي في المستقبل القريب.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.