حمية ترامب على غرار حملته الرئاسية.. غير منظمة

دجاج مقلي على متن طائرته الخاصة ومأدبة بيرغر وبطاطس للاحتفال بفوزه

هيلاري كلينتون مع زوجها بيل في زيارة إلى أحد مطاعم ماكدونالدز - المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري مولع بالوجبات السريعة («نيويورك تايمز»)
هيلاري كلينتون مع زوجها بيل في زيارة إلى أحد مطاعم ماكدونالدز - المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري مولع بالوجبات السريعة («نيويورك تايمز»)
TT

حمية ترامب على غرار حملته الرئاسية.. غير منظمة

هيلاري كلينتون مع زوجها بيل في زيارة إلى أحد مطاعم ماكدونالدز - المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري مولع بالوجبات السريعة («نيويورك تايمز»)
هيلاري كلينتون مع زوجها بيل في زيارة إلى أحد مطاعم ماكدونالدز - المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري مولع بالوجبات السريعة («نيويورك تايمز»)

الرئيس أوباما في غاية الالتزام لدرجة أن زوجته قالت مازحة إنه يتناول بالضبط 7 حبات من اللوز المملح بشكل خفيف كل ليلة.
وكان جورج دبليو بوش الأب مواظبا على التمارين الرياضية، ومهووسا بالحفاظ على رشاقته من خلال جولاته بالدراجة في الطرق الجبلية، وقص العشب في مزرعته في كروفورد بولاية تكساس.
لكن دونالد ترامب يتخذ أسلوبا مغايرا، يأمل عاشق الوجبات الجاهزة بأن يصبح أول رئيس للوجبات السريعة في البلاد. وكان أشاد ترامب لأندرسون كوبر في مقابلة في فبراير (شباط) مع «سي إن إن» على غرار المقابلات العامة، بفضائل أطعمة ماكدونالدز، وقال: «أتناول وجبة (فيش ديلايت) أحيانا. ووجبات البيغ ماك رائعة. كذلك الكوارتر باوندر. إنها عظيمة».
إن حملة ترامب الرئاسية مرتجلة، وغير منظمة ومندفعة وتسير حسب الأهواء. وكذلك الأمر بالنسبة إلى نظامه الغذائي.
في عصر خبراء الأطعمة وهاجس المقادير الصحية، يبدو ترامب كرجع صدى لزمن غابر، عندما كان الأميركيون أكثر تحررا من الحيطة في مأكلهم، وعندما لم يكن أحد يعبأ بالسؤال عما إذا كانت الطماطم محلية المصدر أم لا، وبالتأكيد لم يكن لدى السيدة الأولى آنذاك حديقة خضراوات، فيها خلايا نحل، في الرواق الجنوبي للبيت الأبيض.
لكن في تعليقاته على «فيسبوك» و«إنستغرام» و«تويتر»، يذيع ترامب على الأمة ما يفضله من مأكولات، حيث يلتهم وجبة دجاج مقلي من كنتاكي، بينما يطالع صفحات «وول ستريت جورنال»، ويقيم مأدبة من وجبات البيرغر والبطاطس المقلية من ماكدونالدز (ليحتفل بفوزه بترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة)، فيما يأكل وجبة تاكو (في محاولة لاستمالة الناخبين الهسبانيين).
وترامب من عشاق الوجبات السريعة، وشرائح اللحم المطهية، والمأكولات الخفيفة من أمريكانا. يفضل وجبات البيرغر وأرغفة اللحم، وسلطة قيصر والإسباجيتي، وسيز كاندي ودايت كوك. وهو يجتنب الشاي والقهوة والكحوليات.
لكن صورة الملياردير الذي يأخذ معه وجبات الدجاج المقلي على متن طائرته الخاصة، حيث يغطي طلاء الذهب أحزمة الأمان فيها، هي صورة مرسومة بعناية كذلك.
إذا كان الرئيس جورج بوش كشف نشأته الأرستقراطية بطلب «المزيد» من القهوة عند محطة شاحنات في نيوهامشير، وإذا كان جون كيري ساعد في تعزيز صورته كأحد نبلاء نيو إنغلاند بمحاولة طلب وجبة من شرائح اللحم مع الجبن السويسري في فيلادلفيا الجنوبية، فإن طعام ترامب يجد صدى كذلك في قاعدته العمالية، إذ يشير إلى أنه واحد منهم.
قال روس شريفر، مخطط الحملات السياسية ومختص بالدعاية الانتخابية: «لا شيء يتعلق بالصبغة الأميركية والارتباط بالجماهير أكثر من الوجبات السريعة. والتميز يكمن في قدرته على الجلوس على متن طائرته التي يساوي سعرها ملايين الدولارات.. ويتناول وجبات ماكدونالدز في الوقت نفسه، وما يجعل هذا مثاليا هو أنه يقوم بكل هذا بشوكة وسكين، بينما يقرأ (وول ستريت جورنال)».
أو بحسب تعبير كيليان كونواي، المستشارة الأولى وخبيرة استطلاعات الرأي في حملة ترامب: «ينسجم هذا مع مصداقيته». وتضيف: «لا أعتقد بأن هيلاري كلينتون يمكن أن تظهر وهي تتناول بسكويت بوبايز والدجاج المقلي».
في أبريل (نيسان) الماضي، قامت هيلاري كلينتون بالفعل بزيارة إلى أحد مطاعم سلسلة تشيبتلوي قرب توليدو، بولاية أوهايو، ولم ينتبه إليه أحد فيما كانت ترتدي نظارة سوداء، وتطلب وجبة دجاج «تشيكن بوريتو». كذلك ربما كان الرئيس بيل كلينتون، أول قائد أعلى للوجبات السريعة في البلاد، وكان يشتهر بزياراته لمطاعم ماكدونالدز. (يتبع كلينتون نظاما غذائيا نباتيا الآن). لكن يظل ترامب مدفوعا بشكل أصيل بشهيته للوجبات السريعة.
وفي حين أن الوجبات السريعة ظلت طويلا من الأمور الأساسية في الحملات الانتخابية، حيث سبق وأن حذرت حملة رومني في 2012، من المخاطر الصحية لما يسمى بـ«الغداء الثاني» أو تناول وجبة إضافية بعد وجبة العشاء، فإن اعتماد ترامب على الوجبات السريعة ذات السعرات الحرارية العالية، مدفوع بمزيج من السرعة والكفاءة، وفوق كل شيء آخر، النظافة.
وقال ترامب لصحيفة «ديلي ميل» العام الماضي، بينما كان يتناول وجبة من بيرغر كينغ على متن طائرته البوينغ 757 - 200. قال إنه رغم أنه يطلب وجبات من مطعم «ترامب غريل» عندما يوجد في عمله في برج ترامب في مانهاتن، فإنه يتناول الأطعمة السريعة عدة مرات أسبوعيا في الطريق لأنها «سريعة».
*خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».