أصبح لدى أحزاب المعارضة في الجزائر شبه إجماع على أن لعبة انتخابات البرلمان، المرتقبة في مايو (أيار) 2017، مغلقة لصالح حزبي الأغلبية الحالية، المواليين للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، على اعتبار أن الصيغة الجديدة لقانون الانتخابات، الذي صادق عليه البرلمان حديثا، تقصي أقوى أحزاب المعارضة من الانتخابات، على أساس أنه يشترط حصول كل حزب على 4 في المائة من أصوات الناخبين على الأقل، في آخر اقتراع.
وأكثر من ذلك، خابت آمال المعارضة عندما رفض رئيس الجمهورية مطلبها بإنشاء «لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات»، تتكون من شخصيات مشهود لها بالنزاهة والاستقامة، لم يسبق لهم أن اشتغلوا في الأجهزة الحكومية، على أن يتولى هؤلاء الإشراف على العملية الانتخابية، بعيدا عن السلطات. وبدلا من ذلك أطلق الرئيس بموجب قانون جديد، صادق عليه البرلمان، ضمن ما سميت «حزمة قوانين الإصلاحات»، «هيئة عليا لمراقبة الانتخابات»، تتكون من 400 شخص يختارهم الرئيس بنفسه.
وقالت «هيئة التشاور والمتابعة»، التي تتألف من أهم أحزاب المعارضة، في اجتماع عقدته الخميس الماضي إن «القوانين الناظمة للحياة السياسية، وعلى رأسها قانون الانتخابات، وما سمي (هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات)، تعد تراجعا كبيرا عن المكتسبات المتواضعة في مجال الديمقراطية والتعددية، واستفزازا متعمدا للطبقة السياسية والشعب الجزائري التواق إلى مؤسسات شرعية يختارها بنزاهة، مما سيضع المعارضة أمام كل الخيارات». وتعتبر كلمة «خيارات» تلميحا إلى مقاطعة الاستحقاقات السياسية المنتظرة العام المقبل؛ البرلمانية والبلدية.
وأعلنت «هيئة التشاور» عن تشكيل «فوج عمل لبلورة مذكرة سياسية للمعارضة، تتضمن كل الثغرات والخروقات والتراجعات المفروضة على التعددية السياسية، واعتبار هذه المذكرة قاعدة للعمل السياسي المستقبلي المشترك». ويقود هذا المسعى رئيس «حركة مجتمع السلم» (إسلامية) عبد الرزاق مقري، ورئيس «جبهة العدالة والتنمية» (إسلامية) الشيخ عبد الله جاب الله، ورئيس حزب «جيل جديد» (ليبرالي) جيلالي سفيان، ورئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني) محسن بلعباس، إضافة إلى رئيسي الوزراء السابقين علي بن فليس وأحمد بين بيتور.
ويبدو جاب الله أكثر تشاؤما بخصوص مستقبل العمل السياسي، قياسا ببقية قيادات المعارضة؛ إذ قال لـ«الشرق الأوسط» بهذا الخصوص: «أدعو كل الأحزاب إلى إحراق أوراق اعتمادها بصفة جماعية، لأنه لم تعد هناك جدوى من خوض المنافسة الانتخابية، ما دام قانون الانتخابات سيمنح الأغلبية من جديد لحزبي النظام»، في إشارة إلى «جبهة التحرير الوطني» بقيادة عمار سعداني رئيس البرلمان سابقا، المقرب من محيط الرئيس، و«التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يرأسه أحمد أويحيى مدير ديوان الرئيس.
وأشيع بأن مقري هو من يدفع إلى اتخاذ موقف جماعي من طرف المعارضة، لمقاطعة الانتخابات. وقال في هذا الشأن بصفحته على «فيسبوك»: «لم أدع خلال لقاء هيئة التشاور لا إلى المشاركة في الانتخابات ولا إلى مقاطعتها، فقد اكتفيت بالتركيز على نقطتين أساسيتين: أولهما ضرورة توجه الأحزاب إلى الشعب والحديث معه مباشرة، باعتباره هو الأهم في المعادلة، وأنه لا يقدر على هيمنة السلطة سوى الشعب، وأن الحديث في القاعات والاجتماعات لا يجدي نفعا، إذا كان لا يتبعه اتصال بالجماهير. وثانيهما ضرورة المحافظة على وحدة المعارضة، التي تجد نفسها مضطرة للتنسيق بينها قبل وبعد الانتخابات، باعتبار أن التغيير يفرضه تطور ميزان القوة بين المجتمع والنظام السياسي. وقلت أيضا إن ميزان القوة لا يتطور لصالح النظام السياسي، وإن لقاء المعارضة مجتمعة في زمن المواجهة بين الشعب والسلطة هو أحسن خدمة نقدمها لصالح وطننا واستقراره حين يزول الوهم بسبب ما يتوقع من توترات اجتماعية، جراء الانهيارات الاقتصادية»، في إشارة إلى الأزمة المالية الخانقة التي تتخبط فيها البلاد منذ عامين، بسبب انخفاض أسعار النفط.
المعارضة الجزائرية تلوح بمقاطعة استحقاقات 2017 بحجة انغلاق الأفق السياسي
أهم أحزابها الإسلامية تدعو إلى حرق تراخيص إنشائها
المعارضة الجزائرية تلوح بمقاطعة استحقاقات 2017 بحجة انغلاق الأفق السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة