مارسيل خليفة يغني لسيد درويش في مدينته الإسكندرية

في افتتاح مهرجان الصيف الدولي الرابع عشر

مارسيل في حفل الافتتاح
مارسيل في حفل الافتتاح
TT

مارسيل خليفة يغني لسيد درويش في مدينته الإسكندرية

مارسيل في حفل الافتتاح
مارسيل في حفل الافتتاح

بعاصفة من التصفيق الحار، استقبل جمهور الإسكندرية الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة في حفله الذي افتتح به مهرجان الصيف الدولي الرابع عشر بمكتبة الإسكندرية، الذي يقام في الفترة من 29 يوليو (تموز) الحالي إلى 8 سبتمبر (أيلول) المقبل.
استهل مارسيل الحفل بأغنية «صبح الليل»، ثم ساد الحفل أجواء حميمية بين مارسيل والجمهور، فقال مارسيل وسط تهليل المئات: «سعيد بوجودي بمدينة الإسكندرية وبالغناء على مسرح مكتبة الإسكندرية»، وبنبرة لم تخل من الأسى، قال: «سعيد بمدينة سيد درويش، زرت منزله بالأمس لكني حزين جدًا للحال الذي وجدت عليه منزل فنان الشعب»، حيث تعرض منزله بحي كوم الدكة للهدم وأصبح محاطا بأبراج سكنية.
بعدها تغنى مارسيل مع أوركسترا المكتبة السيمفوني أغنية سيد درويش الخالدة «طلعت يا محلا نورها»، وتفاعل معه الجمهور بغناء مقاطع منها ككورال مصاحب له. وعلى مدار ساعتين، استمر الموسيقار اللبناني صادحا بأروع قصائد الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وأشهر الأغاني ذات الطابع الوطني والحماسي والرومانسي أيضا، ومنها: «ريتا»، و«منتصب القامة أمشي»، و«أحن إلى خبز أمي»، كما شاركه ابنه رامي خليفة في عدد من الأغنيات الحديثة التي يقدمها مع «تريو خليفة»، والتي تمثل الجانب العصري من ألحان خليفة وأغنياته والتي تمزج ما بين الآلات الغربية والشرقية.
وقال المايسترو هشام جبر، مدير مركز الفنون بالمكتبة وقائد الأوركسترا المصاحبة للحفل، لـ«الشرق الأوسط»: «كان الحفل ناجحًا جدًا ولقي تفاعلاً كبيرًا جدًا من الجمهور الذي ظل يردد مع مارسيل أغانيه على مدى ساعتين»، وأضاف: «كان أمرًا رائعًا أن يهدي مارسيل خليفة أغاني جديدة لأول مرة لجمهور الإسكندرية، خاصة وأنه يكن معزة خاصة لمدينة سيد درويش الذي يعتبره ملهما له بقصة حياته وعشقه للموسيقى، فهو لا يقدم أغنيات لملحنين آخرين».
وفي تحية منه للجمهور المصري، لعب مارسيل خليفة على أوتار عوده مقطوعة موسيقية مصرية فلكورية تسمى «الحنة» وهي ذات إيقاع شرقي متميز، فكانت تجربة جميلة لأوركسترا المكتبة السيمفوني». حضر الحفل عدد كبير من أبناء الجاليات العربية بمصر وخصوصًا اللبنانية والسورية والفلسطينية، وعدد من قناصل الدول العربية والأوروبية. وتستمر حفلات المهرجان التي يبلغ عددها 40 بشكل يومي، بمشاركة فرق ومطربين من دول عربية وأوروبية، كما تحل الهند ضيفه شرف للمهرجان، وتختتمه المطربة الجزائرية العالمية سعاد ماسي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».