سعودية تصمم الألبسة الرياضية.. وتصل لـ40 متجرا في نيويورك

تنافس «أديداس» و«نايكي».. وتبحث عما يناسب قوام المرأة العربية

فاطمة باطوق («الشرق الأوسط»)
فاطمة باطوق («الشرق الأوسط»)
TT

سعودية تصمم الألبسة الرياضية.. وتصل لـ40 متجرا في نيويورك

فاطمة باطوق («الشرق الأوسط»)
فاطمة باطوق («الشرق الأوسط»)

لم تكن السعودية فاطمة باطوق تعلم أن عملها كمدربة لياقة بدنية سيدفعها لتأسيس أول ماركة نسائية للألبسة الرياضية في المملكة، وهو مجال جديد من نوعه في البلاد، حيث جاءتها الفكرة من اقتراح طرحته عليها إحدى صديقاتها، لتؤسس مشروعها قبل نحو عام، واليوم، تباع ألبستها الرياضية في عدد من دول العالم، من بينها 40 متجرا في نيويورك، جنبا إلى جنب مع الألبسة الرياضية العالمية كـ«أديداس» و«نايكي».
وعلى الرغم من كون باطوق تصمم بنفسها الألبسة الرياضية بمساعدة مصممة التقتها أثناء إقامتها في لوس أنجليس، فإنها لا تحبذ أن تسمي نفسها «مصممة أزياء»، وتفضل مناداتها بـ«صاحبة العلامة التجارية»، موضحة في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن نقطة انطلاق مشروعها تأتي من شغفها بالرياضة، قائلة «حصلت على الكثير من الشهادات العالمية في التدريب الرياضي، وأسافر دائما لتعلم فنون الرياضة، ودربت كثيرا من السيدات السعوديات والخليجيات، في البحرين ودبي وغيرهما». وتضيف باطوق «بعد نحو خمس سنوات من التدريب الرياضي وجدت أن وعي السيدات ازداد، وأصبح هناك تقبل لوجود مدربة رياضة سعودية، بعد أن كان هذا المجال مقتصرا على السيدات الأجنبيات، بعد ذلك نصحتني إحدى صديقاتي بعمل مشروع للملابس الرياضية، وفي عام 2012 بدأت مشروعي، ووجدت دعما كبيرا من الفتيات في دول الخليج، وعدد من الولايات المتحدة الأميركية».
وتوضح باطوق أنها تبحث من خلال مشروعها عن «إيجاد ملابس رياضية تكون مناسبة للمرأة السعودية والعربية على وجه التحديد»، متابعة بالقول «جسم المرأة العربية مختلف عن النساء الأجنبيات، وأنا شخصيا كنت أعاني عندما أشتري ملابس رياضية، الأمر الذي كان يدفعني لشراء عشر قطع من اللباس الواحد الذي يعجبني، لندرة ما هو مناسب».
وبسؤالها عن سبب عدم توجهها لإنشاء مركز رياضي بدلا من مشروع الألبسة الرياضية، خاصة أنها تؤكد أكثر من مرة أنها دخلت هذا المجال بدافع شغفها بالرياضة وليس حبا في تصميم الأزياء، قالت باطوق «سبق أن حاولت إنشاء مركز رياضي مرخص من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لكن هذا المجال ما زالت إجراءاته صعبة، إلى جانب أنني لا أفضل أن أتقيد بمكان معين لمشروعي، فأنا أحاول نشر رسالة تتضمن تغيير نمط الحياة».
وبالنظر إلى المنافسة العالمية الشرسة التي تشهدها كبريات الشركات المتخصصة في تصميم الألبسة الرياضة، تبدو باطوق متفائلة بأنها ستقتحم الأسواق العالمية، قائلة «أنا لا أمتلك القوة الصناعية التي لدى (أديداس) و(نايكي) وغيرهما من الشركات العالمية، لكني أتوجه في تصاميمي إلى الطبقة الأعلى دخلا، ممن يبحثون عن الجودة الأفضل».
وتوضح باطوق تكنيك تصاميمها الرياضية بالقول «أفكر في كيفية جعل التصميم يظهر المرأة بصورة أنحف، ويجعلها تشعر بثقة أكبر في قوامها، ولقد اعتمدت اللون الأسود كلون أساسي، لأن كثيرا من السيدات العربيات يرتحن لهذا اللون، مع إدخال بعض القطع الصغيرة الملونة». وتفيد باطوق بأن ألبستها تُصنع في البرازيل، ويتم بيعها على الموقع الإلكتروني لكل دول العالم، إلى جانب متاجر البيع المباشر في نيويورك ودبي والرياض وجدة والخبر.
وحول المعوقات التي واجهت باطوق، خاصة مع كون هذا المشروع هو الأول من نوعه في السعودية، تقول «للأسف إن كثيرا من الناس لا يفضلون دعم المنتج الوطني، ويبحثون عن الأسماء التجارية الشهيرة عالميا.. أنا لم أجد الدعم المحلي الذي كنت أتوقعه، بينما وجدت دعما كبيرا خارج السعودية، خاصة من السيدات الخليجيات، الأمر الذي يدعوني للتركيز على دول الخليج في المرحلة المقبلة».
وفي السياق ذاته، تفيد باطوق بأن هناك احتياجا كبيرا جدا لدخول المرأة السعودية إلى عالم الاستثمار الرياضي، سواء عبر إنشاء مراكز متخصصة أو تصنيع الألبسة الرياضية وغيرها من المجالات، قائلة «نحن ما زلنا في البداية، لكن ارتفاع معدلات السمنة وتزايد احتياج السوق السعودية جميعها أمور تدفع للتفكير جديا في دخول هذا المجال الذي يشهد نموا دائما في كل دول العالم».
من ناحية أخرى، وبالسؤال عن الرياضة التي تركز عليها مدربة اللياقة البدنية فاطمة باطوق، تقول «تركيزي على كل الرياضات التي يحتاج إليها الجسم، وهي ثلاثة أنواع: الأول يسمى الرياضة الحركية المتعلقة بتنشيط نبضات القلب، مثل الركض والمشي وركوب الدراجة، والنوع الثاني يتعلق برياضة تقوية العضلات، والنوع الثالث رياضة تمديد العضلات، وهذا النوع يقي جسم الإنسان في عمر متقدم».
وحول المعدل المطلوب لممارسة الرياضة، تقول «إذا كان هدف الإنسان تقليل وزنه يكون المعدل من خمس إلى سبع ساعات أسبوعيا، أما من يرغب في الحفاظ على وزنه فمن ثلاث إلى أربع ساعات في الأسبوع». وتضيف «البعض يمارس الرياضة حتى يُنقص وزنه وبعدها تكون لديه أهداف أكثر تحديدا، وهذا ما نفضله»، إلا أن باطوق تعود لتؤكد أن هناك خطوات كبيرة ما زالت المرأة السعودية تحتاج إليها لزيادة وعيها الرياضي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».