نجوى كرم: صوت جبلي يصدح فوق «هضبة قرطاج»

بعد 4 سنوات من الغياب.. أثبتت أنها «شمس الأغنية العربية»

كرم تطرب جمهور قرطاج
كرم تطرب جمهور قرطاج
TT

نجوى كرم: صوت جبلي يصدح فوق «هضبة قرطاج»

كرم تطرب جمهور قرطاج
كرم تطرب جمهور قرطاج

أطلت نجوى كرم على جمهورها الكبير في المسرح الأثري بقرطاج بعد 4 سنوات من الغياب، وأثبتت «شمس الأغنية العربية» كما يطلق عليها النقاد، أن صوتها المتوهج والنقي، لا تزال مساحته واسعة بفضل تميزه الجبلي، وأن الجمهور التونسي يحفظ أغانيها الشبابية عن ظهر قلب.
وكانت على حد عبارة أحد النقاد الفنيين في تونس: «أميرة تقتفي آثار عليسة (حاكمة قرطاج) بثوبها المميز الذي استوحت تصميمه من الأزياء الملكية القديمة مع لمسة عصرية امتزج فيهما اللونان الأبيض والذهبي لتسلط وهجًا مخدرًا على آلاف المتفرجين»، من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية.
العرض انطلق بمقطعين للرحابنة استحضر معهما الجمهور السيدة فيروز من خلال أغنيتي «نسم علينا الهوى» و«بحبك يا لبنان»، قبل أن تطل نجوى كرم متهادية مثل أميرات قرطاج، لتقوم بسهرة مميزة من سهرات الدورة الثانية والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي.
المطربة اللبنانية افتتحت السهرة بأغنية «عزك دايم يا قرطاج»، ثم قدمت «كوكتالاً» أدت فيه مقاطع من «شو ها الحلا» و«أنا عم بامزح معك» و«كيف بداويك» و«عاشقة»، ثم توقفت لتؤدي أغنية «خليني شوفك بالليل»، بمرافقة متميزة لعازف الطبلة.
وتواصلت السهرة على مدى ساعة ونصف الساعة على نفس وتيرة النجاح، وحاولت نجوى كرم أداء أكثر ما يمكن من أغانيها القديمة والجديدة، من بين رصيد غنائي يضم 24 ألبومًا.
سهرة المطربة اللبنانية عرفت النجاح وتحكمت جيدًا في هذا العرض، وغنت وأمتعت الجمهور، واقترحت عددًا من المواويل، وقدم العازفون على آلات الإيقاع استعراضًا جميلاً تفاعل معه الجمهور، كما حافظت على إيقاع سهرتها الناجحة منذ بدايتها حتى اللحظات الأخيرة من الحفل. وبشأن غيابها عن المهرجانات التونسية لمدة 4 سنوات خلت، فسرت نجوى كرم في مؤتمر صحافي سبق العرض الفني هذا الغياب بـ«بتوتر الوضع الأمني في المنطقة العربية بشكل عام».
وعبرت عن شوقها للقاء جمهور مهرجان قرطاج، وذكرت أنها اختارت إنتاج ألبومها الغنائي الأخير بتمويل ذاتي، بدل تجديد عقدها مع شركة «روتانا»، التي أنتجت لها كثيرًا من ألبوماتها الغنائية، ونفت في هذا السياق وجود أي خلافات مع الشركة المذكورة.
وخلال هذه السهرة، غنت نجوى كرم آخر إنتاجها «داني يا دانا»، وتجولت في رصيدها القديم «عم يرجف قلبي» و«بالروح بالدم»، و«يا بي» و«لو ما بتكذب»، و«ما في نوم» و«خيروني»، و«لشحت حبك»، و«خليلي قلبك»، وغيرها من الأغاني التي رددتها بمنتهى الحرفية مجزأة أو كاملة، وشاركها الجمهور التونسي كالعادة الغناء والرقص دون توقف كامل السهرة وأضفى على حفلها عنصر النجاح الجماهيري.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».