المفاوضات السورية بانتظار انتخاب رئيس أميركي جديد.. والمعارضة تعوّل على كلينتون

مراقبون يتحدثون عن تمدد مرحلة «تغيير النفوذ العسكري» في الوقت الضائع

رجل من سكان حي الصاخور بحلب يحمل طفلة بعد إخراجها من تحت مبنى تهدم بفعل غارة من الطيران الحربي أول من أمس (أ.ف.ب)
رجل من سكان حي الصاخور بحلب يحمل طفلة بعد إخراجها من تحت مبنى تهدم بفعل غارة من الطيران الحربي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

المفاوضات السورية بانتظار انتخاب رئيس أميركي جديد.. والمعارضة تعوّل على كلينتون

رجل من سكان حي الصاخور بحلب يحمل طفلة بعد إخراجها من تحت مبنى تهدم بفعل غارة من الطيران الحربي أول من أمس (أ.ف.ب)
رجل من سكان حي الصاخور بحلب يحمل طفلة بعد إخراجها من تحت مبنى تهدم بفعل غارة من الطيران الحربي أول من أمس (أ.ف.ب)

لا يعول الفرقاء المعنيون بالأزمة السورية على المشاورات الروسية – الأميركية المستمرة وآخرها الاتصال الذي رُصد يوم أول من أمس، بين وزير خارجية موسكو سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، لإطلاق عجلة العملية السياسية مجددًا لحل الأزمة في سوريا، لاقتناعهم بأن أي حراك جدي في هذا الإطار لا يمكن أن يبصر النور قبل تبلور ملامح الإدارة الأميركية الجديدة وتحديد سياستها الخارجية.
ولم يتعاط أي من أطراف النزاع السوري مع إعلان كيري الأسبوع الماضي تفاهمه مع لافروف، وبعد 12 ساعة من المحادثات الماراثونية، على «إجراءات ملموسة» لإنقاذ الهدنة ومحاربة «الجماعات المتطرفة» في سوريا دون الكشف عن تفاصيل الاتفاق، من منطلق أنّها ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الطرفان عن اتفاقات لا تلحظ أي تطبيقات عملية. فبحسب مصدر في الوفد المفاوض في جنيف التقى أخيرًا مسؤولين أميركيين في واشنطن قال: «قد بات محسومًا أن أي تحرك جدي لحل الأزمة في سوريا مؤجل لما بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية»، لافتًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى إمكانية انطلاق جولة جديدة من المفاوضات في حد أقصاه شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، «وهو ما يسعى إليه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، من دون أن يكون هناك أي شيء نهائي في هذا الإطار». وأضاف المصدر: «باتت هناك قناعة لدى كل الفرقاء وخصوصًا لدى دوائر الأمم المتحدة أن لا جدوى من العودة إلى المفاوضات، إذا لم تكن الانطلاقة الجديدة جدية وقوية ومبنية بشكل أساسي على تفاهمات واضحة روسية – أميركية».
وكان دي ميستورا، أعلن في وقت سابق أن المفاوضات بين النظام والمعارضة ستستأنف في شهر يوليو (تموز) الحالي، إلا أنه عاد ليُطالب بتوضيح عدة أمور تتعلق بالملفين الإنساني والسياسي، وذلك لتحديد موعد لجولة محادثات السلام المقبلة.
وانتهت في أبريل (نيسان) الماضي الجولة الأخيرة من مفاوضات السلام السورية في جنيف، التي استمرت لنحو 14 يومًا، وشهدت انسحاب وفد الهيئة المعارضة للمفاوضات احتجاجًا على الوضع الأمني والإنساني. وتتركز الخلافات بشكل أساسي بين الوفدين السوريين حول مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، والانتقال السياسي في البلاد. ويبدو أن المعارضة السورية تعول على فوز هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطي بالانتخابات الرئاسية الأميركية، من منطلق أنّها تمتلك رؤية لحل الأزمة في سوريا، بخلاف منافسها مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، وهو ما أشار إليه مدير (المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية) بواشنطن رضوان زيادة، مشددًا على وجوب أن تكون هناك «أفكار جديدة لدى الإدارة الأميركية المقبلة للتعاطي مع الملف السوري بعد حالة العجز المتمادية لدى الإدارة الحالية». وقال «زيادة» لـ«الشرق الأوسط»: «تصريحات ترامب السابقة بخصوص الملف السوري مخيفة، خاصة وأنّه قال بتسليم الملف لبوتين، كونه يتعامل بشكل أفضل مع الإرهاب في سوريا، وهو كلام إذا نمّ عن شيء فعن عدم معرفة وجهل». وإذ رجّح «زيادة» أن يستمر الوضع السوري في حالة المراوحة المستمرة منذ نحو عامين، بحيث لا تقدم حقيقي لأي من طرفي الصراع وبالتالي لا تغيير جوهريا يؤسس لمتغيرات كبيرة، أعرب عن أسفه الشديد لكون ذلك سيؤدي لمزيد من الاستنزاف لسوريا والمدنيين. وأضاف: «الحملة العسكرية التي يقودها الأسد إن كان في حلب أو داريا لن تتكلل بالنجاح، والمعارضة ستبقى محافظة على الروح المعنوية العالية التي ستتيح لها الصمود».
واستبعد «زيادة» أن يكون هناك أي تغيير في الموقف التركي من الملف السوري، مشددا على أن أنقرة «تبقى الحليف الصادق للمعارضة، وإن كانت محاولة الانقلاب الفاشلة ستغير بعض الشيء من أولوياتها ليكون التركيز على الوضع الداخلي، سعيًا لإمساك المبادرة من جديد».
رؤية «زيادة» للموقف التركي يشاركه بها محمد سرميني مدير مركز «جسور للدراسات»، الذي أكد أن المعارضة لا تزال تعوّل على الجانب التركي وبالتحديد بلعب دور أساسي على مستوى الحل السياسي، لافتا إلى أن «المشكلات الداخلية التي ترزح تحتها أنقرة حاليا قد تعطّل دورها الخارجي، خاصة بعد التبدل الذي طرأ على موقفها، وإعراب أكثر من مسؤول تركي عن قناعتهم بأن لا حل للأزمة السورية إلا سياسيًا، وهم من كانوا يعتقدون وحتى فترة قصيرة بجدوى الحل العسكري». وقال سرميني لـ«الشرق الأوسط»: «أي حل سياسي يجب أن يقترن بخطوات تنفيذية جدية تبدأ بتوافق أميركي – روسي بالتوازي مع وجود نية إقليمية حقيقية بالانطلاق بهذه العملية، وقرار لدى الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن ليمهد كل ذلك للوصول لتوافقات مع طهران، تضع حدًا للحرب الدموية المستمرة». وأوضح سرميني أن المرحلة التي تفصلنا عن تبلور ملامح الإدارة الأميركية الجديدة ستكون وبامتياز مرحلة «تغيير النفوذ العسكري» في الميدان السوري، والتي ستنعكس لاحقًا على تغيير النفوذ السياسي على طاولة المفاوضات. وأضاف: «أما كل ما يحكى عن تفاهمات واتفاقات روسية – أميركية بالمرحلة الراهنة، فتبقى تكتيكية - آنية طالما لا اتفاق بينهما على مصير الأسد، وشكل المرحلة الانتقالية».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.