شرطة طهران تفرض حصارًا على السفارة الفرنسية خشية تعرضها لاعتداء

مخاوف إيرانية من تكرار سيناريو الهجوم على السفارة السعودية في أقل من عام

تجمع لعناصر الباسيج الطلابي أمام السفارة الفرنسية  في يناير 2008 (أ.ف.ب)
تجمع لعناصر الباسيج الطلابي أمام السفارة الفرنسية في يناير 2008 (أ.ف.ب)
TT

شرطة طهران تفرض حصارًا على السفارة الفرنسية خشية تعرضها لاعتداء

تجمع لعناصر الباسيج الطلابي أمام السفارة الفرنسية  في يناير 2008 (أ.ف.ب)
تجمع لعناصر الباسيج الطلابي أمام السفارة الفرنسية في يناير 2008 (أ.ف.ب)

قالت الشرطة الإيرانية، أمس، إنها كثفت تواجدها الأمني في محيط السفارة الفرنسية في طهران خشية تكرار الاعتداء على مقر البعثات الدبلوماسية للمرة الثانية في أقل من عام. وتناقلت وسائل إعلام إيرانية، أول من أمس، عن تدخل قوات خاصة من الشرطة لمنع «تجمع غير قانوني» أمام السفارة الفرنسية، عقب مؤتمر المعارضة الإيرانية في ضاحية باريس السبت الماضي.
ونقلت وكالة «فارس»، المنبر الإعلامي للحرس الثوري الإيراني، عن المساعد الأمني لمحافظ طهران محسن همداني عن فرض حصار دور مقر البعثات الدبلوماسية الفرنسية لمنع اعتداءات مشابهة لتلك التي تعرضت لها السفارة والقنصلية السعوديتين في طهران ومشهد.
وكان الاعتداء على مقر البعثات الدبلوماسية السعودية أثار استنكارا دوليا غير مسبوق لطهران التي لديها سجل حافل بالاعتداءات على مقرات الدبلوماسية. وحصل الاعتداء بين يومي الأول والثاني من يناير (كانون الثاني) في حين كان الأمن الإيراني يتواجد بشكل كبير قرب المقرب، وفقا للتقارير. وشهدت الأيام الماضية مواقف من المسؤولين الإيرانيين على غرار المواقف التي أدت إلى تحريض المهاجمين على مقر البعثات الدبلوماسية. وتعرضت السفارة السعودية إلى هجوم من عناصر الباسيج على الرغم من تلقي الأمن الإيراني طلبات من الخارجية الإيرانية لحماية السفارة، حسب ما أوردته وسائل إعلام إيرانية عقب الهجوم على السفارة السعودية وكان المتحدث باسم القضاء محسن أجئي كشف عن وقف 48 من المتورطين، إلا أنه لم يجر حتى الآن الكشف عن موعد المحكمة أو نتائج التحقيق. وكان المرشد الإيراني علي خامنئي، على رغم من شجبه الهجوم لكنه في الوقت نفسه انتقد المسؤولين الذين استخدموا أوصاف المتطرف والمتشدد للمهاجمين وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني أكثر من استخدم تلك الأوصاف للمهاجمين على الرغم من عدم اعتذاره. وعلى الرغم من الدلائل التي أظهرت تورط الحرس الثوري بالهجوم فإن السلطات اتهمت جماعة أطلقت عليها «الشيعة البريطانية» في إشارة إلى جماعة «الشيرازي» المناوئة لخامنئي.
وأطاح الاعتداء في الهجوم على السفارة السعودية في يناير الماضي بعدد من كبار المسؤولين الأمنيين من بينهم المساعد الأمني لمحافظ طهران صفر علي براتلو وقائد القوات الخاصة في الشرطة الإيرانية اللواء حسن عرب سرخي، بسبب ما اعتبر إهمالا أمنيا في منع الاعتداء على السفارة السعودية. ووفقا لهمداني، فإن «مجموعة حاولت الاحتجاج أمام السفارة الفرنسية ضد مؤتمر منظمة مجاهدين خلق لكن الشرطة منعت التجمع لعدم الحصول على رخصة». ولم يشر همداني إلى هوية المجموعة أو الجهة التي تنتمي إليها، لكن وكالة «راه دانا» ذكرت أن العدد تجاوز 60 شخصا قبل تدخل الشرطة في إبعادهم وفرض حصار أمني في محيط السفارة.
في هذا الصدد، أضاف المسؤول الأمني «طلبنا من الشعب عدم التجمهر حتى لا يصدر تصرف يعارض ما يليق بالبلد».
في سياق متصل، أعربت الخارجية الإيرانية عن عدم رضاها من البيان الفرنسي حول مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس. وأفادت وكالات أنباء إيرانية نقلا عن مصدر مسؤول لم تذكر اسمه أن طهران لا ترى الرد الفرنسي «كافيا» ووصف المسؤول الإيراني منظمة مجاهدين خلق بـ«الإرهابية».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».