«داعش» يلزم تجار النفط بالتداول بعملته الذهبية في دير الزور لإدخال السيولة

بعد تراجع عائداته المالية جراء قصف ناقلات النفط وإغلاق الحدود التركية

«داعش» يلزم تجار النفط بالتداول بعملته الذهبية في دير الزور لإدخال السيولة
TT

«داعش» يلزم تجار النفط بالتداول بعملته الذهبية في دير الزور لإدخال السيولة

«داعش» يلزم تجار النفط بالتداول بعملته الذهبية في دير الزور لإدخال السيولة

فرض تنظيم داعش في محافظة دير الزور على تجار النفط شراء هذه المادة بالدينار الذهبي الذي أصدره رسميًا أمس، وضخه في السوق، وحدد سعره لقاء الدولار الأميركي، في خطوة معنوية تحمل إيحاءات بأنه لا يزال يتمتع بنفوذ في البلاد رغم ضربات التحالف الدولي له، ولكسب سيولة مالية افتقر إليها إثر إغلاق الحدود مع تركيا.
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن التنظيم المتطرف أصدر عملة من فئة الدينار الذهبي في ريف دير الزور، وبدأ تداولها رسميًا أمس السبت في المنطقة.
ورصد نشطاء «المرصد السوري» قيام التنظيم بحصر بيع النفط للتجار مقابل «الدينار الذهبي»، والذي يقوم ببيعه لمحلات الصيرفة، مقابل 190 دولارا للدينار الواحد الذي يصل وزنه لنحو أربع غرامات ونصف الغرام من الذهب، فيما تبيعه محلات الصيرفة للتجار مقابل 190.50 دولار للدينار الواحد. وقال المرصد: «شوهد التجار يقبلون بشكل كبير على شراء (الدينار الذهبي)، من أجل تيسير أمور تجارة النفط التي يقومون بها، والذي منع التنظيم بيعه للتجار إلا مقابل العملة الجديدة - (الدينار الذهبي)».
ويعد هذا الاستخدام، أول خطوة عملية للتنظيم تجاه التداول بعملته الذهبية، بعد عام ونصف العام على إصدار عملته الخاصة التي تعامل بها في مناطق سيطرته، إلى جانب الدولار الأميركي. ويأتي تنفيذها في دير الزور المحاذية للحدود العراقية في شرق سوريا، حيث بصكّ عملة معدنية خاصة به، وطرحها في أسواق الموصل، كبرى معاقله في العراق في الأسبوع الماضي.
وأكد مصدر سوري معارض أن لجوء التنظيم إلى هذه الخطوة: «بهدف الالتفاف على نقص السيولة لديه، مما دفعه لإصدار عملة بلا قيمة فعلية، يدخل عبرها الدولار إلى خزينته»، فضلاً عن أنه ينوي استخدامها لهدف دعائي «يتمثل في الإيحاء بأن لديه سلطة وما زال يحتفظ بنفوذ رغم الضربات التي يتلقاها من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب».
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن التنظيم «يعاني ماليا بسبب إقفال الحدود مع تركيا، مما جفف مصادر تمويله التي كانت تقوم على التبادل التجاري»، إضافة إلى «الضربات الجوية التي استهدفت ناقلات النفط، فأسفرت عن تراجع عائداته المالية القائمة على النفط إلى حد كبير». وأضاف: «تلك الضربات، تزامنت مع ضربات اقتصادية موجعة مثل التوقف عن بيع الآثار، وتراجع عائداته التي كانت تقوم على الفدية مقابل خطف أشخاص».
بدوره، نقل المرصد السوري عن مصادر قولها إن عملية إصدار تنظيم داعش العملة الجديدة وحصر تداولات النفط بها، وعدم قبول أي عملية أخرى في عمليات البيع والشراء لمادة النفط، هي إجراء من قبل التنظيم لكسب أرباح مالية سريعة بعد استهداف مصادر تمويله وعصبه الاقتصادي في عدة مناطق سورية والنقص الكبير في موارده وتمويله.
يذكر أن التنظيم بدأ الأسبوع الماضي بصك عملة معدنية خاصة به، وطرحها في أسواق الموصل، كبرى معاقله في العراق، بحسب ما نقلت وسائل إعلام عراقية عن مصدر من محافظة نينوى، مشيرًا إلى أن «العملة عبارة عن دينار من الذهب عيار 21، ويبلغ وزنه 25.4 غرام»، وأن «قيمتها تعادل 140 دولارا أميركيا و187 ألف دينار عراقي».
ووعد «داعش» في خريف 2014 بإصدار عملته المعدنية، وأصدر في سبتمبر (أيلول) الماضي مقطعًا مصورًا عن تداول عملته الجديدة «الدينار الذهبي» في الموصل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.