خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا يغير التزاماتها في الناتو

تشارك في قمة «تاريخية» للحلف.. وتلتزم بنشر قواتها لمجابهة خطر روسيا

الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون في قمة وارسو لحلف الناتو.. وهذه آخر قمة يحضرانها قبل ترك منصبيهما (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون في قمة وارسو لحلف الناتو.. وهذه آخر قمة يحضرانها قبل ترك منصبيهما (إ.ب.أ)
TT

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا يغير التزاماتها في الناتو

الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون في قمة وارسو لحلف الناتو.. وهذه آخر قمة يحضرانها قبل ترك منصبيهما (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون في قمة وارسو لحلف الناتو.. وهذه آخر قمة يحضرانها قبل ترك منصبيهما (إ.ب.أ)

قالت بريطانيا بأن التزامها بنشر قواتها في دول أوروبا الشرقية يعبر عن رغبتها على المدى الطويل في تثبيت نفسها «كطرف رئيسي محرك داخل الحلف شمال الأطلسي» (الناتو)، وأن قرار خروجها من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي جرى يوم 23 يونيو (حزيران) لا يعني «تقوقعها». إذ أعلن رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون خلال قمة الحلف الأطلسي في وارسو أمس الجمعة عن نشر بلاده 650 جنديا في دول أوروبا الشرقية في إطار تعزيز الدفاعات الأوروبية في مواجهة روسيا.
ويتوقع أن يعلن قادة الأطلسي في وارسو عن «تعزيز عسكري لا سابق له منذ نهاية الحرب الباردة» عبر اتخاذ قرار بنشر أربع كتائب تضم 600 إلى ألف عنصر في استونيا وليتوانيا ولاتفيا وبولندا بهدف طمأنة مخاوفها بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم في 2014 واندلاع النزاع في شرق أوكرانيا.
قمة الحلف الحالية مخصصة بشكل أساسي لتعزيز دفاعات الحلفاء تجاه الأخطار القادمة من الشرق والجنوب، والعمل على تحقيق الاستقرار في دول الجوار. ومن المقرر أن يصادق أعضاء الحلف على قرارات بنشر أربعة آلاف جندي في دول ليتوانيا، واستونيا وبولونيا، لمساعدة هذه الدول على حماية حدودها الشرقية. وحسب مصدر أطلسي مطلع، فإن «الأمر تلبية لطلب هذه الدول لمواجهة أي تهديد روسي محتمل. كما يهدف هذا القرار»، حسب المصدر نفسه، إلى توجيه رسالة «تحذير» لروسيا، التي يرى الحلفاء عبر الأطلسي بأنها باتت أكثر عدوانية، ومفادها أن دولهم متحدة وجاهزة لمواجهة أي تهديد. وعلى الرغم من أن الإحساس بالخوف من روسيا لا يزال يتصاعد لدى ناتو، فإنه يريد الإبقاء على قناة حوار مع موسكو، ومن هنا دعوة أمينه العام يانس ستولتنبرغ، لعقد اجتماع لمجلس الحلف مع روسيا على مستوى السفراء في 13 الجاري في بروكسل.
ومن المواضيع المدرجة أيضًا على جدول أعمال قمة وارسو، معالجة التهديدات القادمة من الجنوب، خاصة تهديد تنظيم (داعش)، وحسب المصدر «ستكون القرارات هنا رمزية أكثر من أي شيء آخر». فمن المقرر أن يوسع الحلف مهمة تدريب القوات العراقية التي كانت تتم في الأردن ليصار إلى تنفيذها داخل الأراضي العراقية، وكذلك تعزيز عمليات المراقبة التي تقوم بها طائرات أواكس على حدود دول الحلف جنوبًا.
وكان الأمين العام للحلف يانس ستولتنبرغ، قد دعا كلا من رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس الاتحاد دونالد توسك، لعقد جلسة خاصة لبحث التعاون بين الطرفين، حيث من المقرر توقيع إعلان مشترك أوروبي – أطلسي حول مواجهة التهديدات، وتقاسم المهام في الرد على التحديات مثل الإرهاب والهجرة، وكذلك تعزيز التعاون المدني والعسكري بين الطرفين. وفي هذا الإطار، أكد الأمين العام للحلف أن التعاون مع الاتحاد الأوروبي سيساهم في تعزيز مناخ الأمن في المنطقة الأطلسية الأوروبية: «كما سيساعد في تكثيف العمل على استقرار الجوار الذي هو في مصلحتنا».
هذا ومن المتوقع أن تفرض مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نفسها بقوة على مناقشات الزعماء المجتمعين في وارسو، فعلى الرغم من تأكيد ستولتنبرغ أن لندن لا تزال عضوًا فعالاً في ناتو، فإن الحلف يريد الاطمئنان على استقرار حليفه البريطاني واستمراره بالوفاء بالتزاماته.
وزير المشتريات الدفاعية البريطانية فيليب دون قال أمس الجمعة بأن قرار الناخبين البريطانيين تأييد الخروج من الاتحاد الأوروبي لا يغير التزام البلاد بأن تبقى شريكا قويا في حلف شمال الأطلسي.
وقال دون خلال العرض الملكي الدولي للطيران وهو أكبر عرض جوي عسكري في العالم بأن بريطانيا «لن تتقوقع على نفسها». وذكر أن بريطانيا لا تزال الشريك الدولي الأكبر في برنامج شركة لوكهيد مارتن لطائرات إف - 35 المقاتلة إذ تنتج مؤسسات في بريطانيا نحو 15 في المائة من كل طائرة يجري تصنيعها.
وسيعلن كاميرون كذلك عن تمديد مهمة طائرات «تايفون» الحربية الأربع في دول البلطيق في إطار «مهمة شرطة البلطيق الجوية» بعد أن تتولى المملكة المتحدة في 2017 الرئاسة الدورية للقوة المشتركة ذات الجهوزية العالية بين جيوش دول الحلف وهي وحدة قادرة على الانتشار خلال 48 ساعة ويمكن أن يصل عددها إلى خمسة آلاف عنصر.
وقال رئيس أركان القوات الجوية الأميركية الجنرال ديفيد جولدفين أمس الجمعة بأنه لا يرى أي مؤشرات على أن بريطانيا تتراجع عن التزاماتها في حلف شمال الأطلسي أو عن علاقاتها الدفاعية القوية مع الولايات المتحدة بعد أن وافقت في استفتاء على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وقال جولدفين «لم أسمع أحدا يتكلم عن التراجع». وأضاف أن من السابق لأوانه التكهن بشأن تداعيات نتيجة الاستفتاء البريطاني على المدى البعيد.
اتخذ الحلف الأطلسي في 2014 تدابير كبيرة لزيادة قدرته على التدخل وبناء قواعد لوجستية في دول الاتحاد السوفياتي السابقة المجاورة لروسيا.
القمة تكتسب طابعا رمزيا في المدينة التي شهدت في 1955 التوقيع على إنشاء حلف وارسو ردا على الحلف الأطلسي.
وقبل محادثات في العاصمة البولندية وارسو مع كبار مسؤولي الاتحاد
الأوروبي، كتب أوباما في صحيفة «فايننشيال تايمز»: «ليس لدي أي شك أن المملكة المتحدة سوف تظل أحد أكثر أعضاء الناتو جدارة. دولة تدفع حصتها كاملة من أجل أمننا المشترك وهي مساهم مهم في مهمات الحلف».
روسيا حذرت الجمعة من أن نشر درع صاروخية أميركية في كوريا الجنوبية «يضر بالتوازن في المنطقة» وقد تكون له «عواقب لا يمكن إصلاحها». وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان بأن «هذا النظام الدفاعي الصاروخي يضر بالتوازن في المنطقة». وأضافت: «نأمل في أن يتجنب شركاؤنا القيام بتحركات ستكون لها عواقب لا يمكن إصلاحها».
وأضافت الخارجية الروسية أن «مثل هذه التحركات أيا تكن مبرراتها، لها تأثير سلبي على الاستقرار العالمي وتثير خطر تفاقم التوتر وستخلق مشاكل جديدة في شبه الجزيرة الكورية».
كما أعربت الصين هي الأخرى عن «رفضها التام» لقرار سيول وواشنطن نشر درع صاروخية أميركية في كوريا الجنوبية، محذرة من أن تنفيذ هذا المشروع «سيلحق ضررا بالغا» بالأمن الإقليمي.
وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان بأن نشر منظومة «ثاد» المضادة للصواريخ «سيلحق ضررا بالغا بالمصالح الأمنية الاستراتيجية لدول المنطقة بما فيها الصين». وأضافت أن الصين «تعرب عن معارضتها الشديدة ورفضها التام» لهذا المشروع.
وكانت سيول وواشنطن بدأتا في فبراير (شباط) المباحثات بشأن نشر منظومة «ثاد»، وذلك بعد شهر من إجراء كوريا الشمالية تجربتها النووية الرابعة.
وقال البيان الأميركي - الكوري الجنوبي بأنه «عندما تنشر منظومة ثاد في شبه الجزيرة الكورية سيكون تركيزها محصورا فقط بالتهديدات النووية والصاروخية الكورية الشمالية ولن توجه باتجاه أي دولة ثالثة».
وجاء الإعلان عن نشر منظومة الصواريخ الأميركية في أجواء من التوتر الشديد بين الصين والولايات المتحدة بسبب ملف آخر هو الخلاف على بحر الصين الجنوبي الذي يفترض أن تصدر محكمة دولية الثلاثاء قرارا بشأنه.
وتطالب الصين بالسيادة على كل هذا البحر تقريبا على الرغم من معارضة دول أخرى واقعة عليه وخصوصا الفلبين الحليفة العسكرية للولايات المتحدة. ولتأكيد مطالبها، قامت الصين بتوسيع جزر صغيرة بشكل اصطناعي وأقامت عليها مدرجات هبوط للطائرات ومرافئ ومنشآت أخرى. وردا على ذلك نشرت البحرية الأميركية سفنا حربية قرب المكان في الأشهر الأخيرة. وتجوب حاملة الطائرات الأميركية رونالد ريغان حاليا في المنطقة.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.