مصر: «الضبطية القضائية».. رهان السلطات للتحكم في ساحات الصلاة

تحذيرات من استغلال الخطبة في نشر الفكر الهدام.. وتخوفات من الدعاة المتشددين

مصر: «الضبطية القضائية».. رهان السلطات للتحكم في ساحات الصلاة
TT

مصر: «الضبطية القضائية».. رهان السلطات للتحكم في ساحات الصلاة

مصر: «الضبطية القضائية».. رهان السلطات للتحكم في ساحات الصلاة

تراهن السلطات المصرية على إحكام قبضتها على ساحات صلاة عيد الفطر المبارك، وكشف مصدر مسؤول في وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد في مصر، عن «منح مفتشي الأوقاف الضبطية القضائية لتوقيف من يخرج عن المألوف أو من يصعد لخطبة العيد من الدعاة المتشددين، فضلا عن متابعة ضوابط الأوقاف بشأن ساحات العيد والتأكد من عدم وجود مخالفات فكرية أو حزبية أو سياسية».
وأضاف المصدر المسؤول، أن «المفتشين سيتواجدون في المناطق التي كانت تشهد انتشارا للدعاة المتشددين في تيار الإسلام السياسي والموالين لجماعة الإخوان المسلمين في القاهرة والمحافظات.. وسيتم مواجهة أي حشد لهم لإمامة المصلين في الساحات والصعود للخطبة بقوة».
في غضون ذلك، حذرت الأوقاف من استغلال ساحات عيد الفطر سياسيا واستخدامها في نشر الأفكار الهدامة من قبل الدعاة المتشددين، وقال المصدر المسؤول في الوزارة لـ«الشرق الأوسط»: «لن يسمح لغير الدعاة الرسميين أو علماء الأزهر بإلقاء الخطب في الساحات المخصصة لصلاة العيد».
وخصصت وزارة الأوقاف 4516 ساحة في الميادين لأداء صلاة عيد الفطر المبارك في جميع ربوع مصر، وقال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بالأوقاف، إنه «تم تخصيص إمامين رسميين لكل ساحة، أحدهما أساسي وآخر احتياطي، لقطع الطريق أمام الجماعات المتطرفة حتى لا تنشر أفكارها الإرهابية عبر خطبة العيد».
وقال قيادي في الدعوة السلفية: إن «قيادات الدعوة تجري الآن مفاوضات مع الأوقاف بشأن السماح لها بإقامة وتنظيم بعض الساحات لصلاة العيد، تجنبا لاتخاذ أي قرار فردي من جانب الدعوة من شأنه أن يخلق أزمات جديدة».
وتحاول الدعوة السلفية الخروج من أزمة ساحات العيد بالتفاوض مع الأوقاف، وبخاصة بعد المشادات وحالة الشد والجذب التي حدثت خلال شهر رمضان، من أجل تولي قيادات الدعوة السلفية مهمة صلاة التراويح والاعتكاف في المساجد، ما دعا الأوقاف إلى وضع شروط بموجبها يكون الاعتكاف ببطاقة الهوية، كما قصرت في درس التراويح، ومنعت ألا يؤم المصلين؛ إلا الدعاة الرسميون.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الدعوة السلفية تتجه للصلاة في ساحات تابعة لها خاصة في الإسكندرية، وأن عددا من شيوخها غير الرسميين سيخطبون ويؤمون المصلين، وأوضح القيادي في الدعوة السلفية، أن الدعوة السلفية وحزبها السياسي «النور» شكلا بالفعل لجنة «للإشراف على المحافظات واختيار مسؤول في كل محافظة، لتنظيم ساحات العيد وتوزيع الخطباء والدعاة ووضع برنامج العيد من مسابقات القرآن الكريم وتوزيع الحلوى والهدايا على الأطفال، وأعمال خيرية أخرى خلال العيد».
لكن المصدر المسؤول نفسه في الأوقاف قلل من مزاعم القيادي السلفي، مؤكدا أن «القانون يجرم صعود الدعاة غير الرسميين إلى المنابر للخطبة في ساحات عيد الفطر المبارك»، لافتا إلى أن «من يصعد للخطبة من دون تصريح من الأوقاف، سيتعرض للمساءلة القانونية بموجب الضبطية القضائية الممنوحة لمفتشي الوزارة».
مراقبون أكدوا أن ساحات الأعياد دائما ما تمثل أزمات بين الأوقاف والدعاة غير الرسمين من التيارات الإسلامية، وأن مشايخ السلفيين والجماعة الإسلامية وعناصر من الإخوان، سيسيطرون على الساحات بالفعل، ويخطبون ويؤمون المصلين، ضاربين بقرارات الأوقاف بمنعهم «عرض الحائط».
ويشار إلى أن هناك ساحات ثابتة للدعوة السلفية تقيم فيها صلاة العيد من كل عام خاصة في الإسكندرية، مركز تجمعها، ترفع فيها لافتات بأسماء الدعوة السلفية ويخطب فيها دعاه وأئمة الدعوة، ويقبل عليها المئات من مؤيدي الفكر السلفي بالإسكندرية، وتخصص ساحات كبيرة للنساء وتقدم هدايا وجوائز للأطفال لتشجيعهم على الصلاة. ويذكر أن عددا من أنصار جماعة الإخوان أقاموا ساحات بأسمائهم في عيد الفطر العام الماضي بأحياء في الإسكندرية وبعض محافظات صعيد مصر، لمحاولة زعزعة الوضع الأمني في البلاد، كما قاموا بتنظيم مسيرات محدودة انتهت بعد دقائق من خروجها عقب انتهاء صلاة العيد.
وتحاول السلطات منع استخدام ساحات العيد سياسيا، شددت على ذلك وزارة الأوقاف، مطالبة «جميع مديرياتها بمحافظات مصر بمنع استخدام ساحات العيد سياسيا أو استغلال الصلاة من قبل أي فصيل ديني أو سياسي أو حزبي».
ويرى المراقبون أن «تنافس تيار الإسلام السياسي على ساحات عيد الفطر هذا العام قد ينذر بخلاف كبير إذا أصر المشايخ غير الرسميين على إمامة المصلين في العيد وأداء الخطبة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».