أردنية تجوب مدن بريطانيا مرتدية النقاب لتوثيق تجاربها في معرض فني

ياسمين صبري: ستينية هاجمتني وطالبتني بالعودة إلى بلدي

ياسمين صبري توظف أعمالها لمخاطبة أهم القضايا المجتمعية - قطعة المشروع الرئيسية التي تحتوي على شاشة تعرض لقطات من وراء النقاب
ياسمين صبري توظف أعمالها لمخاطبة أهم القضايا المجتمعية - قطعة المشروع الرئيسية التي تحتوي على شاشة تعرض لقطات من وراء النقاب
TT

أردنية تجوب مدن بريطانيا مرتدية النقاب لتوثيق تجاربها في معرض فني

ياسمين صبري توظف أعمالها لمخاطبة أهم القضايا المجتمعية - قطعة المشروع الرئيسية التي تحتوي على شاشة تعرض لقطات من وراء النقاب
ياسمين صبري توظف أعمالها لمخاطبة أهم القضايا المجتمعية - قطعة المشروع الرئيسية التي تحتوي على شاشة تعرض لقطات من وراء النقاب

ارتدت فنانة أردنية النقاب وجابت شوارع أكثر من مدينة بريطانية لتخوض التجربة التي تعيشها النساء المحجبات والمنتقبات في البلاد. وكشفت ياسمين صبري الأسبوع الماضي «النقاب» عن مشروعها الاستقصائي خلال معرض كلية الفنون الملكية السنوي بلندن لتتعرض لهجوم عنصري بدر من إنجليزية ستينية يوم الخميس الماضي.
مشروع صبري «رحلة ميل من وراء النقاب»، نتاج عمل استقصائي جاد استغرق أشهر عدة، يهدف لتصحيح نظرة المجتمع الغربي تجاه النساء المحجبات والمنتقبات التي باتت ترتبط بـ«حمى» اللجوء والاعتداءات الإرهابية. تستخلص قطعة الفنانة الرئيسية وهي عباءة ونقاب أحكمت داخله شاشة عرض، تجاربها التي صورتها عدسة خفية أثناء تجوالها بالنقاب في شوارع بريطانيا. تلك المعروضة غرضها أن تبدد الأحكام السابقة عن النساء المحجبات، أصبحت ضحية لاعتداء عنصري نتج من إحدى زائرات المعرض.
وتندرج حادثة الهجوم على الفنانة ومعروضاتها ضمن اللائحة التي قد تطول في الآونة الأخيرة وسط التخبط السياسي في المملكة المتحدة وهرولتها نحو المجهول. حيث وثق الإعلام البريطاني ارتفاع نبرة التعصب إلى حد العنصرية داخل المجتمع في أعقاب نتائج الاستفتاء البريطاني الذي انتهى بالتصويت لمغادرة الاتحاد الأوروبي.
ياسمين صبري (24 عاما) صانعة أفلام ورسامة وفنانة تشكيلية أردنية حازت على شهادة الماجستير من كلية الفنون الملكية في لندن. في بداياتها الفنية، اتبعت صبري منحى الفن التجريدي، لتتحول ميولها مؤخرا إلى الفن الصريح الذي يخاطب قضايا ومشكلات مجتمعية راهنة.
وعن مصدر إلهامها ببدء مشروع «رحلة ميل من وراء النقاب» الفني، تقول صبري: «كنت أتطلع إلى كيفية تأثير الاستعمار الثقافي والإعلامي على النظرة إلى الأقليات ولا سيما النساء المحجبات» وتضيف: «واستخلصت أن الناس باتوا يربطون بين المرأة المحجبة وأزمة اللاجئين الحالية والاعتداءات الإرهابية الراهنة. وأصبحوا ينظرون إليه بصفة عامة بوصفه أداة قمعية ويهاجمون النساء اللواتي يرتدونه».
وتستطرد: «أثرت علي تلك النظرة شخصيا فوالدتي محجبة وأصبح الحجاب وصما. ولطالما ربطته أنا بشخص محب يوفر لي الدعم الدائم. ولذلك قررت إلقاء الضوء على الأسباب الثقافية والاجتماعية والنسوية وراء ارتداء الحجاب، من خلال توفير تجربة ارتداء الحجاب بأكثر من شكل (غطاء الرأس والنقاب والبرقع)، للحضور ولمجموعة من الفتيات خلال فترات التحضير للمشروع».
وعلى مدار بضعة أشهر، تجولت ياسمين وبعض من الفتيات في أحياء لندن ومدن مجاورة كباث وبريستول وغيرها وهن يرتدين الحجاب تارة، والنقاب تارة، وحتى البرقع الذي يغطي العينين تارة أخرى. وصورت عدسة كاميرا خفية انطباعات المارة أثناء تجوالهن في الشوارع.
وحول خوضها هذه التجربة تقول ياسمين: «استغربت لأنّ الأمور جرت بعكس توقعاتي، فلم نلفت أنا والفتيات الأنظار إلينا أثناء تجوالنا بالحجاب أو النقاب، كما لم نتعرض للمضإيقات بل كانت تجربة ارتداء الحجاب بجميع أنواعه مريحة».
إلا أن صبري تتساءل إن كان الوضع تغير بعد استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بقولها: «أجريت هذه التجربة قبل أشهر من الاستفتاء، وقبل ارتفاع نبرات التعصب والعنصرية في البلاد وقد تختلف التجربة إن كررتها اليوم».
وفي سياق متصل، أكدت حادثة يوم الخميس الماضي، في المعرض السنوي الذي تنظمه الكلية الملكية للفنون لخريجيها، مخاوف الفنانة الأردنية التي عرضت مشروعها هناك. إذ تقول ياسمين: «قررت عرض مشروعي الذي تضمّن مجموعة من الملابس والأحجبة المختلفة التي كنت قد استخدمتها أثناء التحري الميداني، إلى جانب مقاطع فيديو التقطتها عدستي الخفية من وراء النقاب توثق التجربة». وتضيف شارحة: «العرض كان مفتوحا لجميع المهتمين فتوقفت أمام مشروعي امرأة إنجليزية ستينية لتسألني عن مضمون وأهداف المعروضات». واستطردت: «باتت مهتمة جدا في بادئ الأمر، فشرحت لها أهداف المشروع إلا أنها انتفضت فجأة وراحت تصرخ وتهينني بعباراتها وأمرتني أن أعود إلى وطني لأنني لا أنتمي إلى بريطانيا وقالت أيضا إن على جميع العرب مغادرة البلاد».
ومن ثم، انقضت الستينية على معروضات ياسمين وحاولت تمزيق القطعة الرئيسية، العباءة السوداء التي حوى ثقب نقابها شاشة عرض لمقاطع الفيديو. وعندها، اضطر الأمن إلى أن يتدخل لإبعاد المرأة عن المعروضات وعن ياسمين، ورافقوها إلى خارج المبنى لتأتي عناصر الشرطة لاعتقالها بعدها بوقت وجيز.
إلى ذلك، تقول صبري: «أعي أن مشروعي مثير للجدل؛ ولكنّني أؤمن أن الأعمال الفنية يجب أن تحمل معاني جدلية لتخاطب القضايا المهمة». وتضيف: «حادثة الاعتداء هذه تركتني مصدومة لأنها كانت بالفعل تجربة مروعة». وتشير ياسمين إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تتعرض لها لتمييز عنصري طوال سنواتها الست التي قضتها في لندن. وتؤكد بقولها: «بعد هذه الواقعة، أشعر أنه بات غير مرحب بي في هذه البلاد».
وعن ردود فعل زوار المعرض الآخرين، تقول ياسمين: «معظم الحضور توقفوا عند معروضاتي وعبروا عن اهتمامهم وفضولهم واستفسروا عن معانيها». وتضيف: «اغتنمت الفرصة لأشرح لهم أن الحجاب يحمل معاني تتعدى الرمز الديني فهو رمز اجتماعي وثقافي». وتستطرد شارحة: «الحجاب خيار ترتديه بعض النساء ليستمددن منه القوة والاستقلالية ويفتح لهن أبوابا قد تكون موصدة في وجوههن من دونه».
وحول تداعيات نتائج الاستفتاء البريطاني للخروج من الاتحاد الأوروبي على النبرة العامة في البلاد، تقول صبري: «في اعتقادي، كشف هذا الاستفتاء عن بوادر تعصب وعنصرية داخل المجتمع البريطاني، وأتاحت دعاية الاستفتاء، للأسف، الفرصة لارتفاع نبرة مشاعر الكراهية التي تصاحب هذه البوادر». وتضيف: «إذ شهدنا خلال الأسبوعين الماضيين ارتفاعا ملحوظا في جرائم الكراهية والمشادات العنصرية في مختلف أنحاء البلاد، والمحزن في الأمر أنّ البريطانيين للأسف، انفصلوا بنظرهم عن الأوروبي وعن باقي العالم وقرروا إغلاق حدودهم الجغرافية والمعنوية على أنفسهم».
ومع أن الحادثة هزت ياسمين فإنّها مصممة الاستمرار في نشر رسالتها من خلال فنها الصريح، الذي يخاطب أهم القضايا العامة، وفي الشرق الأوسط خاصة. ففي أحد مشاريعها تحت اسم «وثق الأزمة على سناب شات» استطاعت صبري توفير نقد وتحليل لتأثير توظيف وسائل التواصل الاجتماعي على استيعاب المعلومات وعلى التعبير عن النفس. وكان ذلك متاحا من خلال عملها داخل مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن. استطاعت صبري توثيق يوميات اللاجئين ألقابعين هناك في فيلم قصير وعدلته وفقا للمنبر الاجتماعي لنشره على «سناب شات» و«تويتر» و«انستغرام» و«يوتيوب» و«فيسبوك». وبعدها عرضته على مختلف المنابر بتعديل مدة اللقطات والنص المكتوب واستقصت من مشاهديه معلومات عن استيعابهم للفيلم ولأزمة اللجوء على المواقع المختلفة.
يذكر أن ياسمين ستعرض مشروعها «رحلة ميل من وراء النقاب» في «سوميرسيت هاوس» وسط العاصمة لندن في الـ16 والـ17 من شهر يوليو (تموز) الحالي، متحملة النقد ومتحصنة بفكرتها ورسالتها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».