زيادة الحديد في الجسم.. أكثر خطرًا من انخفاضه

يمكن التخلص منها بالتبرع بالدم والفصد العلاجي

عملية فصد الدم تخلص المصاب من الحديد الزائد في الجسم
عملية فصد الدم تخلص المصاب من الحديد الزائد في الجسم
TT

زيادة الحديد في الجسم.. أكثر خطرًا من انخفاضه

عملية فصد الدم تخلص المصاب من الحديد الزائد في الجسم
عملية فصد الدم تخلص المصاب من الحديد الزائد في الجسم

هل أنت في خطرٍ عالٍ من زيادة الحديد في جسمك؟ ما الأسباب التي ترفع نسبة الحديد في الجسم؟ ولماذا؟ وكيف يتخلص جسمك من الحديد الزائد قبل أن تصيبك مضاعفاته؟
* اضطراب الحديد الزائد
هناك نحو 1 من كل 3.5 شخص، أو ما يقدر بنحو 100 مليون من الأفراد في الولايات المتحدة يحملون جينًا مفردًا لداء ترسب الأصبغة الدموية Hemochromatosis)). ولحسن الحظ فليس جميع من يحملون هذا الجين مصابين بأعراض اضطراب الحديد الزائد، بعكس الذين يحملون الجين المزدوج لداء ترسب الأصبغة الدموية، الذين يرتفع لديهم خطر أعراض الحديد الزائد والمشكلات الصحية المرتبطة به بشكل ملحوظ.
إن ما يقرب من مليون شخص لديهم الجين مزدوجًا (C282Y / C282Y)، وهو يعتبر التركيب الوراثي الأكثر تنبؤًا للإصابة بمضاعفات مرض الكبد، الذي يشكل مشكلة خطيرة للمريض إذا لم يتم تشخيص حالة ارتفاع نسبة الحديد وعلاجها مبكرًا. وهناك ما يقرب من 36.000 حالة وفاة تحدث كل عام بسبب أمراض الكبد، و6000 عملية زراعة كبد تجرى بسبب تأثر الكبد بحالات الحديد الزائد المتسبب عن النمط الجيني لداء ترسب الأصبغة الدموية أو سواه.
إن السبب الرئيسي لزراعة الكبد وموت الكبد هو مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD)، وهي حالة يمكن أن تنتهي بالتهاب الكبد وتليفه. ويعزي العلماء ذلك إلى سكر الفواكه (فركتوز fructose) الزائد في الغذاء هذه الأيام، خصوصًا عند الأطفال وصغار البالغين. ولكن زيادة الحديد تظل المتهم الرئيسي الآخر الذي يؤدي إلى مقاومة الإنسولين وتطور المرض. بالتأكيد، إذا تصادف عند الشخص الجمع بين اتباع نظام غذائي عالي السكر مع الحديد الزائد، كانت المشكلة أكبر وأخطر.
فهل أنت في خطر عالٍ من زيادة الحديد في جسمك؟
* مستويات الحديد
تشير كثير من الدراسات إلى أن معظم، إن لم يكن جميع، الرجال والنساء (غير الحائضات) البالغين لديهم مستويات ضارة من الحديد. فهناك الاضطراب الوراثي المسمى داء ترسب الأصبغة الدموية (hemochromatosis) الذي يسبب تراكم مستويات مفرطة ومدمرة من الحديد في الجسم وبشكل خطير. وإذا تركت الحالة دون تشخيص وعلاج، يمكن أن تلحق الضرر بأعضاء الجسم الحيوية كما تؤدي للإصابة بالسرطان، وأمراض القلب، والسكري، والأمراض العصبية وأمراض أخرى كبيرة.
* كيف يقاس مستوى الحديد؟
إن اختبار الفيريتين المصلي (serum ferritin test) بإمكانه قياس الحديد المخزن في الجسم، ومن المفترض أن يجري كل شخص هذا الاختبار سنويًا وأن يحرص عليه كحرصه على عمل اختبار فيتامين «دي»، فالحديد الزائد لا تقل خطورته عن تلك التي تنتج عن نقص فيتامين «دي».
* متى يصبح ارتفاع نسبة الحديد خطيرًا؟
من الناحية الصحية المثالية، ينبغي أن يكون الفيريتين المصلي لأي شخص منا في المستوى ما بين 20 و80 نانوغرامًا / مل، وبالتأكيد ليس أعلى من ذلك. وكقاعدة عامة، فإن المعدل ما بين 40 و60 نانوغرامًا / مل، هو المعدل الطبيعي والمقبول للبالغين من الرجال وللنساء غير الحائضات.
وللأسف، فإن هذه المستويات المثالية لا نجدها في الحياة العملية إلا عند الأطفال وعند الذين يعانون من فقدان الدم الحاد مثل مرضى القرحة النازفة، وأيضًا عند النساء حتى مرحلة انقطاع الطمث لفقدانهن الدم خلال الدورة الشهرية. وحتى بعض النساء قبل انقطاع الطمث (إن لم يكنَّ تحت السيطرة) سوف ترتفع النسبة لديهن إلى 60 أو 70، وهو أمر يحمل خطرًا على صحتهن إذا أصبحن حوامل.
* ما الذي يسبب ارتفاع نسبة الحديد في الجسم؟
- وجود واحد أو كلا الجينين لداء ترسب الأصبغة الدموية hemochromatosis)).
- عدم استطاعة الجسم عند بعض الناس التخلص من مستويات الحديد العالية بشكل طبيعي كغيرهم، لوجود خلل بيولوجي في عملية إفراز وإخراج الحديد.
* بيولوجيا تحميل وإخراج الحديد
إن 90 في المائة من الطاقة التي نحتاجها ينتجها الجسم عن طريق حرق الكربوهيدرات أو الدهون مع الأكسجين في الميتوكوندريا لإنتاج أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP). إذن نحتاج الأكسجين لحرق الوقود وإنتاج الطاقة من خلال دورة كريبس (Krebs cycle)، و95 في المائة من الأكسجين يتحول إلى الماء. أما الباقي وهو نحو 5 في المائة فيتحول أو يتطور إلى ما يسمى أنواع الأكسجين التفاعلية (ROS)، وأولها هو فائق الأكسدة (superoxide)، الذي يتحول بعد ذلك إلى بيروكسيد الهيدروجين (hydrogen peroxide)، وهو بيت القصيد ومكمن الأمر. وعندما يكون الحديد زائدًا في الدم، لن ينتهي التفاعل الكيميائي بإنتاج الماء. وبدلاً من ذلك، يقوم الحديد الزائد بتحفيز تكوين الجذور الحرة «الهيدروكسيل»، التي تعتبر أقوى جذور حرة مدمرة عرفها العلماء في جسم الإنسان، فباستطاعتها أن تهلك الحمض النووي، والبروتينات ونقل الإلكترونات في الميتوكوندريا والأغشية الخلوية. وهذه هي الطريقة التي يقوم الحديد الزائد من خلالها بتسريع تطور الأمراض الخطيرة في الجسم، والتسبب في الإصابة بالأمراض، وخصوصًا في الكبد وأمراض القلب والشرايين.
* التبرع بالدم
وما الحل؟ الحل بسيط جدًا، فإذا كان مستوى الحديد مرتفعًا لديك، فالحل هو مجرد التبرع بالدم. فإذا كنت من الذكور البالغين، فأنت تستطيع أن تتبرع بالدم مرتين إلى ثلاث مرات في السنة إلى أن يعود المستوى طبيعيًا. وإذا كان مستوى الفيريتين أكثر من 200 نانوغرام / مل، فيوصى باتباع جدول الفصد (phlebotomy schedule) فهو أكثر نجاحًا. وقد تم أخيرًا سن قانون في الولايات المتحدة يسمح لبنوك الدم لعمل الفصد العلاجي لداء ترسب الأصبغة الدموية أو الحديد الزائد، وبالطبع يكون ذلك بأمر من الطبيب المعالج.
إن الخبر السار هنا هو أن إزالة الحديد الزائد من الجسم هي عملية سهلة وعلاجها غير مكلف. فيمكن تجنب مشكلات صحية خطيرة من خلال رصد مستوى الفيريتين في المصل (serum ferritin) أو مستوى الإنزيم الناقل لببتيد غاما غلوتاميل «gamma - glutamyl transpeptidase) «GGT)، وتجنب مكملات الحديد والتبرع بالدم بشكل منتظم. وللأسف، فإن كثيرًا من الأطباء يهملون هذا الجانب المهم في التحاليل الدورية التي يعملونها لمرضاهم، وبالتالي تظل المشكلة متقدمة دون أن تكتشف مبكرًا. وعلى الأطباء والعاملين في مجال الرعاية الصحية التوجه لفهم أكبر للبيولوجيا الجزيئية لهذا التفاعل، ومن ثم دق ناقوس الخطر حول مستويات الحديد المفرطة في أجسامنا، وأن هناك مستويات آمنة للحديد يجب عدم تخطي الحد الأعلى لها، والتأكيد على ضرورة الاستمرار في مراقبتها حتى لا ترتفع. وعلينا أن نتذكر جميعنا أنه ليس ضروريًا أن يكون لدينا داء ترسب الأصبغة الدموية (hemochromatosis) لكي نبدأ بالفحص وقياس نسبة الحديد في أجسامنا، فلقد وجد في كثير من الدراسات أن مستويات الحديد تكاد تصل إلى ضعف الطبيعي في عموم سكان العالم على مدى العقود الأربعة الأخيرة.



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».