بلدية مدينة إسبانية ترفض قرار منع قتل الثيران في احتفالاتها

القضية تحولت إلى صراع حزبي

القانون الجديد لا يجيز لأحد قتل الثيران في احتفالات «تورو دي بيغا» إلا بيد الشرطة وذلك في حالة خروجها عن الطريق المحدد لها أو في حالة هروبها (أ.ف.ب)
القانون الجديد لا يجيز لأحد قتل الثيران في احتفالات «تورو دي بيغا» إلا بيد الشرطة وذلك في حالة خروجها عن الطريق المحدد لها أو في حالة هروبها (أ.ف.ب)
TT

بلدية مدينة إسبانية ترفض قرار منع قتل الثيران في احتفالاتها

القانون الجديد لا يجيز لأحد قتل الثيران في احتفالات «تورو دي بيغا» إلا بيد الشرطة وذلك في حالة خروجها عن الطريق المحدد لها أو في حالة هروبها (أ.ف.ب)
القانون الجديد لا يجيز لأحد قتل الثيران في احتفالات «تورو دي بيغا» إلا بيد الشرطة وذلك في حالة خروجها عن الطريق المحدد لها أو في حالة هروبها (أ.ف.ب)

في بادرة فريدة في إسبانيا أن يقوم حزب يساري بتأييد عملية قتل الثيران في احتفالات الثيران بإسبانيا، وأن يعارض حزب يميني عملية القتل، فقد أيد قبل أيام الحزب الاشتراكي المسيطر على بلدية مدينة بورديسيجاس، وسط إسبانيا، عملية قتل الثيران في احتفالات المدينة، في الوقت الذي اتخذت فيه رئاسة إقليم كاستيا ليون، التي يسيطر عليها الحزب الشعبي، قرارًا منعت فيه عملية قتل الثيران في احتفالات مدينة بورديسيجاس.
وجرت العادة أن تشرف بلدية مدينة بورديسيجاس على احتفالات المدينة التي تدعى «تورو دي بيغا»، وفيها تتم ملاحقة ثور من قبل الأهالي ومن ثم قتله، وفي هذا العام اتخذت رئاسة إقليم كاستيا لون - ومدينة ديسيجاس جزء من هذا الإقليم - قرارًا منعت بموجبه عملية قتل الثور في الاحتفالات، وهو القرار الذي أثار غضب بلدية المدينة.
وجاء في بيان حكومة الإقليم أنه منذ الآن لا يحق لأحد قتل الثيران في احتفالات «تورو دي بيغا»، وأن عملية قتل الثور ستنحصر فقط «بيد الشرطة، فهم وحدهم لهم الحق في قتل الثور، وذلك في حالة خروجه عن الطريق المحدد لمسيرته، أو في حالة هروبه، وذلك من أجل تأمين سلامة المواطنين».
وصرح خوسيه انتونيو دي سانتياغو، مستشار حكومة إقليم كاستيا ليون بأن «احتفال تورو دي بيغا هو الوحيد بين ثلاثة عشر احتفالاً تقام في الإقليم، يتم فيها قتل الثور.. وفي الأعوام الأخيرة شهدنا كثيرًا من المناقشات والمشكلات بهذا الخصوص.. من هنا فإن هدف القرار الذي اتخذناه هو الحفاظ على سمعة هذه الاحتفالات». وأضاف أن هذا القرار قد تم اتخاذه «بعد مشاورات أجريناها مع كثير من الجهات، ومنها مؤسسات تعنى بتربية الثيران، والمهتمين بثقافة الإقليم والجامعات، في محاولة منا للحفاظ على التراث الإسباني، وفي الوقت نفسه مراعاة الشعور العام في القرن الحادي والعشرين».
من جهتها عارضت رئاسة بلدية مدينة بورديسيجاس التي يسيطر عليها الاشتراكيون، بشدة قرار الحكومة المحلية وأعلنت أنها ستتقدم باعتراض عليه أمام المحاكم، متحدية بذلك مبادئ الحزب الاشتراكي التي لا تؤيد عملية قتل الثيران. وكان زعيم الحزب الاشتراكي الإسباني، بيدرو سانجيث، قد أعلن في وقت سابق عن نيته منع احتفالات الثيران إذا ما فاز في الانتخابات المقبلة.
وقد أيد تجمع اليسار المتحد في إقليم كاستيا ليون قرار الحكومة المحلية اليمينية في إقليم كاسيتا ليون، وقال في بيان له جاء فيه: «أخيرًا يتم اتخاذ قرار كان اليسار المتحد يدعو إليه منذ زمن».
وعلق زعيم حزب «قادرون»، بابلو اغليسياس، بقوله: «إنه خبر جيد، لأن سوء معاملة الحيوان خطأ شنيع. إن احتفالات (تورو دي بيغا) إهانة لعزة بلادنا»». وأضاف أن أعضاء حزبه في إقليم كاستيا ليون يؤيدون هذا القرار.
ووقف نائب رئيس احتفالات تورو دي بيغا، رامون مويلاس، مع قرار بلدية مدينة بورديسيجاس في رفضها الانصياع لقرار الحكومة المحلية بمنع القتل. وقال «إن الحكومة المحلية قد أخطأت في اتخاذها هذا القرار، وسنقاومه حتى النهاية دفاعًا عن تراثنا المجيد». وأعلن عن عزمه للدعوة إلى اتخاذ قرار يعتبر كل شخص يعارض عملية قتل الثور في احتفالات المدينة، شخصًا غير مرغوب فيه.
وصرح رئيس جمعية مصارعة الثيران في إقليم كاستيا ليون، فرانثيسكو خابيير ارناندث، بأن جمعيته ستتقدم باعتراض على هذا القرار، لأنه يتعارض مع الدستور الإسباني، وأعلن عن كامل تأييده لبلدية مدينة بورديسيجاس في تحدي قرار الإقليم، وانتقد الحزب الشعبي الذي كان باستمرار يؤيد عملية قتل الثور لكنه الآن عدل عنه، وقال: «نشعر بالخيانة بسبب جبن الحزب الشعبي».
وقد استبشر حزب «الدفاع عن الحيوانات» بهذا القرار، وأصدر بيانًا قال فيه «إنه خبر رائع، وهو ما كنا نطالب به منذ أعوام، إنه انتصار لكل الحيوانات».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».