الأحزاب اللبنانية تتسابق لحسم الانتخابات النيابية بتفصيل قانون على قياسها

نتائج «البلدية» خلطت الأوراق وترجيحات بالإبقاء على «الستين»

شابه لبنانية تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع في مدينة طرابلس أواخر مايو الماضي (إ. ب. أ)
شابه لبنانية تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع في مدينة طرابلس أواخر مايو الماضي (إ. ب. أ)
TT

الأحزاب اللبنانية تتسابق لحسم الانتخابات النيابية بتفصيل قانون على قياسها

شابه لبنانية تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع في مدينة طرابلس أواخر مايو الماضي (إ. ب. أ)
شابه لبنانية تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع في مدينة طرابلس أواخر مايو الماضي (إ. ب. أ)

بات الأفرقاء السياسيون كمن يدور في حلقة مفرغة في طريق البحث منذ أكثر من ثلاث سنوات عن قانون جديد للانتخابات النيابية التي يفترض أن تنجز العام المقبل، في حين يبدو واضحا أن الأحزاب تحاول، الكل بما يتناسب مع مصلحته، تفصيل نظام على قياسه بما يضمن له أكبر مساحة تمثيلية، لا سيما بعد النتائج المفاجئة التي أرستها الانتخابات البلدية الأخيرة.
وفي وقت تتبادل الأطراف التهم بعدم الجدية في البحث، يكاد يجمع اللبنانيون أنه لا أفق في التوصل إلى قانون جديد، معتبرين أن الخلافات بين الأفرقاء ستحول دون إجراء أي تعديل على القانون الحالي أو ما يعرف بـ«قانون الستين». كما كان لافتا ما أعلنه النائب في تكتل التغيير والإصلاح آلان عون، بقوله: «بعد الانتخابات البلدية وبسبب بعض النتائج التي لم ترق لبعض القوى السياسية، بدأ الحديث سرا في بعض الغرف المغلقة عن سيناريو ثالث للتمديد لمجلس النواب»، وذلك، بعد أن أرجئت الانتخابات مرتين على التوالي في عامي 2013 و2014. بحجة الأوضاع الأمنية وعدم الاتفاق على قانون جديد للانتخاب.
وفي قراءته لمناقشات قانون الانتخاب، يقول وزير العدل السابق، إبراهيم نجار: «المفارقة هي أن كل الأفرقاء مختلفون في مقاربتهم للقانون ويقرون بضرورة تطويره، لكن في الحقيقة أن كل فريق يريد تفصيله على قياسه بحيث يضمن النتائج قبل إنجاز الانتخابات، وبذلك لم ولن يتم التوافق على نظام جديد، والدليل على ذلك أنّه في عام 2010 وبعد خمس جلسات في مجلس الوزراء، اتفقنا على مشروع قانون مختلط بين النسبي والأكثري، وأحيل إلى مجلس النواب ولكن لم يقرّ رغم موافقة الجميع عليه حينها».
واعتبر نجار أنه بعد نتائج الانتخابات البلدية بات على كل القوى مراجعة حساباتها، لا سيما أنه لو تم تطبيق النسبية فصورة التمثيل ستكون مختلفة تماما، على غرار ما حصل في بيروت وزحلة وبعلبك، حيث كانت حظيت باللوائح المنافسة للوائح الفائزة تمثيلا لا يقلّ عن 40 في المائة.
ويعتبر نجار أن لقانون «النسبية» الذي يطالب به المجتمع المدني لضمانه عدالة التمثيل، سلبياته وإيجابياته لا سيما في الحالة اللبنانية، موضحا أنه «لن يسمح لتمثيل المكونات لكن من شأنه تكريس سلطة المكاتب السياسية للأحزاب أو الأقطاع وغيرها في فرض مرشحيها، وبالتالي فرض خيارات الأحزاب وليس الشعب». من هنا يرى نجار، أن المطلوب هو أن يكون الناخب قريبا وعلى معرفة جيدة بمن سيمنحه صوته، وهو الأمر الذي لن يتحقّق إلا عبر نظام الدوائر الصغرى، في حين يحظى الحزب الأقوى ومن له التمثيل الأوسع في كل لبنان على أكبر نسبة تمثيل في القانون النسبي.
من جهته، يرى أستاذ القانون وعضو الهيئة الإدارية في «الجمعية اللبنانية لمراقبة الانتخابات» علي مراد، أن الأهم في القانون النسبي هو أنه يضمن صحّة التمثيل وذلك ضمن سلة متكاملة بحسب ما تطرحه الجمعية، أهمها، اعتماد النظام النسبي وفق قاعدة الدائرة الأكبر، وتوزع المقاعد على اللوائح أفقيا، وبدوائر متوسطة لا يقل عدد المقاعد فيها عن عشرين مقعدًا، وضمن لوائح مقفلة مكتملة أو غير مكتملة، مؤكدة أن لا علاقة لشكل النظام الانتخابي بالمناصفة، لأن القانون يبحث في تمثيل الطوائف وليس في تمثيل المواطن، معتبرة أن النظام النسبي يؤمن تمثيل الأقليات.
ويؤكد مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه على المدى البعيد، يغيّر «النسبية» المعادلة القائمة اليوم ويمنع احتكار زعماء الطوائف والأحزاب للمقاعد، على غرار بعض المناطق التي يغلب فيها بعض الطوائف أو المذاهب على طوائف ومذاهب أخرى، ويمنع بالتالي تمثيلها، وهو الأمر نفسه فيما يتعلّق بالأحزاب الكبرى والصغرى. من هنا، يرى مراد أن الأحزاب التي تطالب اليوم بالنسبية، قد تغيّر رأيها وترى أن هذا النظام لن يكون لمصلحتها، على غرار «الثنائي المسيحي» الذي خالفت نتائج الانتخابات البلدية توقعاته، وما قد تعكسه في المدى البعيد في نتائج الانتخابات النيابية والبلدية على حد سواء.
وفي حين أصبح البحث اليوم شبه محصور بالقانون المختلط، فإن طروحات الأحزاب بشأنه تختلف بين النسبية التي طالب بها أخيرا ما يسمى «حزب الله» و«حركة أمل» والنائب ميشال عون، والمختلط (الذي يجمع بين النسبي والأكثري) الذي يدعو «تيار المستقبل» و«القوات» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» إلى اعتماده فيما يطالب حزب الكتائب بـ«الدوائر الصغرى»، علما بأن عون كان قد طالب بـ«الأورثوذكسي» (الذي يسمح لكل طائفة بانتخاب نوابها). من هنا يرى نجار أن تطبيق النسبية سيكون لصالح أكبر الأحزاب على غرار ما يسمى «حزب الله» الذي سيفرض «محدلته» بالتحالف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو الأمر الذي يؤكد عليه «تيار المستقبل»، وفي هذا الإطار قال النائب أحمد فتفت: «في ظل وجود السلاح غير الشرعي لا يمكن القبول أبدا بمنطق النسبية الكاملة والدائرة الواحدة لأن هذا يعني أن (حزب الله) سيسيطر على مناطقه بتحالفاته مع حركة أمل وبعدها سيفرض شراكته في المناطق الأخرى وهذا يعني تسليم البلد كليا لمنطق (حزب الله)».
مع العلم، أنّ بري الذي دعا، أمس، إلى العودة للبحث في قانون النسبية ملاقيا بذلك حليفه ما يسمى «حزب الله» كان قد قدّم مشروعا، يعتمد على النظام المختلط، وهو ما أشار إليه فتفت قائلا: «استمر رئيس مجلس النواب نبيه بري في التزامه بما قدمه من قانون مختلط مع ما قدمناه نحن أيضا من قانون مختلط، فإننا نستطيع أن نصل بين الاثنين إلى توافق وطني على أن يكون هناك تقدم بهذا الاتجاه من التيار الوطني الحر و(حزب الله)».
في المقابل، يرى نجار أنّ «المستقبل» أعلن قبوله بـ«المختلط» على مضض، نظرا لما قد ينعكس هذا الأمر سلبا عليه في الانتخابات، لا سيما انطلاقا من نتائج انتخابات البلدية الأخيرة بحيث سيفتح الباب أمام إمكانية تقاسم التمثيل بشكل أكبر مع مكونات سنية أخرى. ورأى نجار أنه بعد انتخابات البلدية، لا بد من إعادة النظر بالقول إن قانون النسبية هو لصالح المسيحيين، وخير مثال على ذلك، ما حصل في بيروت، موضحا «المسيحيون يشكلون نسبة 25 في المائة، بينما التوافق أو العرف يؤمن لهم مناصفة التمثيل، وبالتالي فإن تطبيق النسبية لن يمنحهم أكثر مما يمثلون». من هنا يرى نجار ضرورة أن تكون «مقتضيات الوفاق الوطني المرجع الأساسي والأهم لأي قانون جديد للانتخابات بحيث تفادي تغليب حزب أو طائفة على أي فريق آخر، وهو ما قد يؤمنه قانون الستين الحالي» مع بعض التعديلات، بحيث لا يتعدى «القانون النسبي» فيه أكثر من 20 في المائة».
وينص قانون الستين الذي أجريت على أساسه آخر انتخابات نيابية في عام 2009 على تقسيم لبنان وفقا للأقضية، على أن تقسّم العاصمة بيروت إلى 3 دوائر؛ مما يجعل عدد الدوائر بشكل عام 24 دائرة انتخابية.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.