{الهيئة العليا} تتجه لإلغاء منصب «كبير المفاوضين».. ورئيس الوفد من خارج الفصائل

حصر الناطق الرسمي في شخص واحد.. وانفتاح على القاهرة وموسكو

{الهيئة العليا} تتجه لإلغاء منصب «كبير المفاوضين».. ورئيس الوفد من خارج الفصائل
TT

{الهيئة العليا} تتجه لإلغاء منصب «كبير المفاوضين».. ورئيس الوفد من خارج الفصائل

{الهيئة العليا} تتجه لإلغاء منصب «كبير المفاوضين».. ورئيس الوفد من خارج الفصائل

بدأت الهيئة العليا للمفاوضات المباحثات غير المباشرة لإعادة ترتيب البيت الداخلي، ولا سيما لجهة تعيين رئيس جديد للوفد المفاوض، إضافة إلى توسيع دائرة الممثلين فيها لتشمل أطرافا جديدة، لا سيما من منصتي «القاهرة» و«موسكو»، تمهيدا لاتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن في اجتماعها المقبل الذي من المفترض أن يعقد بعد نحو عشرة أيام.
وبعدما كان كبير المفاوضين محمد علوش قد قدم استقالته، فإن التوجه الآن إلى إلغاء المنصب الذي كان يشغله والاكتفاء بتعيين رئيس للوفد، بات شبه محسوم بأنه لن يكون عسكريا، كما أنه ليس من الضروري أن يكون من أعضاء الهيئة العليا، بحسب ما كشفت مصادر في الهيئة لـ«الشرق الأوسط».
وكشفت المصادر أن هناك قرارا بتعيين بديل عن الزعبي، وهو الأمر الذي سيدفعه لتقديم استقالته، مشيرة إلى أنه رغم الإشادة بأدائه، فقد طالته انتقادات عدّة، وتحديدا تلك المتعلقة بـ«شخصيته العسكرية» وغير الدبلوماسية التي انعكست في أحيان كثيرة سلبا على علاقات الهيئة مع الجهات الدولية.
وفيما لفتت المصادر إلى أنه يتم التداول ببعض الأسماء لتولي رئاسة الوفد، منها، بسمة قضماني الأكاديمية والمعارضة، أكّدت أن الاختيار يخضع لاعتبارات عدة، ولا سيما المحاصصة بين مكونات الهيئة الأربعة، أي «الائتلاف الوطني» و«هيئة التنسيق الوطنية» و«الفصائل العسكرية» و«المستقلين»، مرجّحة في الوقت عينه أن يكون رئيس الوفد إما من المستقلين، التي تعتبر بسمة القضماني منهم، أو من هيئة التنسيق، بعدما كان كل من علوش والزعبي من الفصائل، إضافة إلى أن منسق الهيئة رياض حجاب وأحد أعضائها جورج صبرا من الائتلاف.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم الهيئة، رياض نعسان آغا إنه «منذ تشكيل الوفد المفاوض كان هناك اتفاق بإمكانية تغيير رئيسه وكبير المفاوضين فيه وفقا للظروف، والآن بعد استقالة علوش وإعلان الزعبي نيته الاستقالة أصبح من الطبيعي تعيين بديل عنهما».
وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «علوش سبق أن قدم استقالته قبل نحو شهرين لكننا طلبنا منه التمهّل إلى أن عاد في اجتماع الهيئة الأخير وأصر على الاستقالة التي لم يتم البحث بها حتى الآن، كما أننا فضلنا عدم التسرّع وإعطاء الوقت اللازم لتعيين بديل عنه».
وأكد آغا عدم تعرض الهيئة لأي ضغوط من أي جهة كانت، «واستقالة علوش أتت نتيجة شعوره بالخيبة من المفاوضات واحتجاجا على مواقف المجتمع الدولي حيال القضية السورية، وهو ما وضعه في موقف حرج أمام الفصائل العسكرية نتيجة عدم القدرة على تحقيق أي تقدم في المفاوضات». وأكّد أنه حتى الآن لم يتم التداول بشكل رسمي بالأسماء البديلة، لافتا إلى أن هذا الأمر سيكون بندا رئيسيا في اجتماع الهيئة المقبل بعد نحو عشرة أيام في الرياض.
ولفت آغا إلى أنه في الاجتماع الأخير تم اتخاذ قرار بتعيينه هو، أي آغا، متحدثا وحيدا باسم الهيئة بدل ثلاثة، فيما عين سالم المسلط رئيس المكتب الإعلامي، ومنذر ماخوس مسؤول التنسيق مع الإعلام الخارجي. كذلك اتُخذ قرار بتوسيع الهيئة والانفتاح على أطراف جديدة، وقد بدأ التواصل مع «منصة القاهرة» و«منصة موسكو»، موضحا، (آغا): «سنتواصل مع من تنسجم آراؤنا معهم من منصة موسكو، وتحديدا فيما يتعلق بمصير رئيس النظام بشار الأسد». مع العلم، أنّ قدري جميل، رئيس منصة موسكو كان قد قال «لسنا بصدد الالتحاق بأحد بمن فيهم منصة الرياض وهيئة التفاوض المنبثقة عنها، مؤكدا في الوقت عينه أن منصة موسكو منفتحة على إجراء اتصالات وبناء توافقات جدية ليست تبعية مع قوى المعارضة كلها».
وفي حين أشارت المعلومات إلى أن جهودا وضغوطا دولية تمارس على الهيئة لمشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي في الهيئة، وهو الأمر الذي لفتت إليه مصادر في المعارضة، معتبرة أن هذا الأمر هو هدف الحملة العسكرية في حلب ودعم «قوات سوريا الديمقراطية»، أكّد آغا أن «هذا الأمر لم يطلب منا بتاتا ولم يطرح إلا في وسائل الإعلام من قبل بعض الأطراف ولا سيما روسيا».
مع العلم، أنّ الأطراف الثلاثة، أي «الاتحاد الديمقراطي» و«منصة القاهرة» و«منصة موسكو»، التي لم تكن ممثلة بشكل رسمي في الهيئة، لم تكن بعيدة عن أجواء مفاوضات جنيف بجولتيها الأخيرتين، بل كان ممثلون عنها حاضرين في العاصمة السويسرية وعقدوا لهذه الغاية اجتماعات عدة مع أطراف دوليين، ولا سيما المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الذي قال إن مشاركتهم كانت بصفة مستشارين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.