دراسة: الميليشيات الانقلابية تتصدر قائمة الانتهاكات المدنية.. تليها «القاعدة»

توزعت بين تهديد ومضايقات واقتحام ونهب وتجميد أرصدة

يمنية مع طفلة تتسول في شوارع العاصمة صنعاء.. الأمم المتحدة تقول إن 80 في المائة من اليمنيين في حاجة إلى مساعدات إغاثية (أ.ف.ب)
يمنية مع طفلة تتسول في شوارع العاصمة صنعاء.. الأمم المتحدة تقول إن 80 في المائة من اليمنيين في حاجة إلى مساعدات إغاثية (أ.ف.ب)
TT

دراسة: الميليشيات الانقلابية تتصدر قائمة الانتهاكات المدنية.. تليها «القاعدة»

يمنية مع طفلة تتسول في شوارع العاصمة صنعاء.. الأمم المتحدة تقول إن 80 في المائة من اليمنيين في حاجة إلى مساعدات إغاثية (أ.ف.ب)
يمنية مع طفلة تتسول في شوارع العاصمة صنعاء.. الأمم المتحدة تقول إن 80 في المائة من اليمنيين في حاجة إلى مساعدات إغاثية (أ.ف.ب)

كشف مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، (منظمة مجتمع مدني غير حكومية)، أن 60 في المائة من منظمات المجتمع المدني في اليمن تعرضت لانتهاكات ومضايقات خلال العام الماضي.
وقال المركز في دراسة حديثة له حول «الانتهاكات التي يتعرض لها المجتمع المدني في اليمن»، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن 19 في المائة من المنظمات أوقفت نشاطها بسبب الوضع الحالي، وخوفا من الممارسات التعسفية التي تمارسها ميليشيات الحوثي ضدها.
وأضاف الاستبيان الذي استهدف 61 منظمة محلية فاعلة متخصصة في الأعمال الإغاثية والإعلامية والتنموية والتعليمية والحقوقية في 12 محافظة يمنية أن «60 في المائة من المنظمات المشاركة في الاستبيان تحمل ترخيصا ساري المفعول للعام 2016 و27 في المائة من المنظمات مرخصة، لكنها لم تتمكن من تجديد ترخيص عملها هذا العام، و3 في المائة من عدد المنظمات لم تستطع استصدار ترخيص عمل، وأن ما نسبته 60 في المائة من إجمالي عدد المنظمات المشمولة بالمسح تعرضت لعمليات انتهاك ومضايقات خلال العام الماضي، وأن 39 في المائة منها لم تتعرض لأي نوع من أنواع الانتهاكات خلال العام نفسه».
وقال مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إن «المركز هدف من خلال هذا المسح معرفة وضع منظمات المجتمع المدني خلال العام الماضي 2015، والصعوبات التي واجهتها أثناء أدائها مهامها، لا سيما أن كثيرا من هذه المنظمات تعرضت للمداهمة والإغلاق والنهب بالإضافة إلى معرفة الأدوار التي يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تلعبها في بناء السلام في ظل ما تشهده اليمن من صراعات على مختلف الأصعدة».
وتوزعت الانتهاكات بين حالات تهديد ومضايقات واقتحام ونهب وتجميد أرصدة، حيث تعرض ما نسبته 33 في المائة من إجمالي المنظمات لمضايقات مختلفة كانت عائقا لممارسة دورها، تلتها عمليات النهب، حيث بلغت نسبة المنظمات التي تعرضت للنهب 20 في المائة، تلتها حالات الإغلاق والتهديد بنسبه 17 في المائة لكل منهما، ثم حالات الاقتحام بنسبة 5 في المائة، بينما توزعت 5 في المائة من إجمالي نسبة الانتهاكات التي تعرضت لها منظمات المجتمع المدني بين حالات حرق وتجميد أرصدة.
كما ذكر المركز أن ميليشيات الحوثي احتلت «المرتبة الأولى في عدد الانتهاكات التي مورست ضد المنظمات التي استهدفها الاستبيان بنسبة 70 في المائة من إجمالي عدد الانتهاكات، تلاها تنظيم القاعدة بنسبة 13 في المائة، وتوزعت بقية الانتهاكات على جهات مجهولة وأطراف محلية متنفذة».
وأضاف مصطفى نصر أن «جزءا من الاستبيان يهدف لمعرفة الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في سبيل تعزيز التعايش بين اليمنيين وبناء السلام، بالإضافة إلى معرفة ما يمكن عمله من قبل المنظمات المحلية».
وأكد الاستبيان أن نسبة المنظمات التي ما زالت تمارس أنشطتها رغم ما تعرضت له من مضايقات وانتهاكات قد بلغت «80 في المائة من إجمالي عدد المنظمات المشمولة بالاستبيان، حيث أظهرت النتائج أن 89 في المائة من المنظمات التي ما زالت تمارس نشاطها، لم تقم بإجراء أي تعديلات على أهدافها التي أنشئت من أجلها، بينما أظهرت النتائج أن 10 في المائة قد عملت على إجراء تعديلات في أهدافها بما يتناسب مع الوضع اليمني الحالي».
وأبدت منظمات المجتمع المدني التي ما زالت تمارس أعمالها اهتمامات متنوعة، حيث حلت أعمال الإغاثة وأنشطة بناء السلام ونشر روح التعايش بين اليمنيين في أعلى سلم المجالات التي تنشط فيها منظمات المجتمع المحلي خلال الوضع الحالي.
كما أظهرت نتائج مسح دراسة مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، أن «19في المائة قد قامت بإيقاف نشاطها لأسباب مختلفة، حيث بلغت نسبة المنظمات التي أوقفت نشاطها لأسباب مادية متعلقة بالتمويل 67 في المائة، تلاها 31 في المائة من المنظمات أوقفت نشاطها لأسباب متعلقة بمضايقات وانتهاكات من السلطة القائمة، بينما 1 في المائة من المنظمات أوقفت نشاطها لأسباب شخصية».
وذكر المركز أن نتائج تحليل القسم الخاص بمعرفة الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في سبيل تعزيز التعايش بين اليمنيين وبناء السلام، أظهر أن «77 في المائة من إجمالي عدد المنظمات المستهدفة أكدت استمرار نشاطها بالإضافة إلى تنفيذ أنشطة تساهم في تعزيز التعايش بين اليمنيين وبناء السلام، بينما 22 في المائة من المنظمات قالت إنها لم تقم بأي أنشطة بهذا الشأن». وأشار الاستبيان إلى أن 97 في المائة من هذه المنظمات أكدت أنها تؤمن بقدرتها على الإسهام في تعزيز التعايش وبناء السلام بين اليمنيين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.