«حزب الله» يُعد لاتخاذ إجراءات «قاسية» للرد على الحصار المالي الأميركي

معلومات تتحدث عن تلويحه بسحب جمهوره لودائع من مصرفين لبنانيين

«حزب الله» يُعد لاتخاذ إجراءات «قاسية» للرد على الحصار المالي الأميركي
TT

«حزب الله» يُعد لاتخاذ إجراءات «قاسية» للرد على الحصار المالي الأميركي

«حزب الله» يُعد لاتخاذ إجراءات «قاسية» للرد على الحصار المالي الأميركي

لا يبدو أن ما يسمى «حزب الله» نجح حتى الساعة في استيعاب تداعيات قانون العقوبات الأميركي الذي يحاصره وبيئته الحاضنة ماليا. فمع انطلاق المصارف اللبنانية بتطبيق هذا القانون بدأ يتبين حجم ومستوى التضييق المالي الذي يتعرض له المقربون من الحزب، وهو ما دفع أحد الوزراء المحسوبين عليه أخيرا للتهديد بأن «هذه العقوبات لن تمر». وبحسب المعلومات، فقد شكَّل الحزب «لجنة من خبراء ماليين واقتصاديين قبل نحو 10 أيام لدرس الخيارات المتاحة للتصدي لهذه المعركة المالية»، وفي هذا السياق قالت مصادر معنية بالملف لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب يعد أن «بين يديه أكثر من ورقة قادر على استخدامها، وهو ليس أعزل، وبالتالي ينتظر تبيان حجم الضرر النهائي ليتخذ على أساسه الإجراءات اللازمة، التي قد يكون بعضها قاسيا».
وتتقاطع معطيات المصادر مع ما كشفه موقع «النشرة» الإلكتروني عن أن الحزب «حذَّر مصرفين لبنانيين من مغبَّة الاستمرار بنهجهما الاستنسابي السياسي، خصوصا أنهما يعمدان إلى إغلاق بعض الحسابات العائدة إلى أشخاص لا علاقة مباشرة لهم بالحزب»، وأشارت المعلومات إلى أن هذا التحذير سيتصاعد بوجه المصرفين ليغدو على شكل «تكليف شرعي» للطلب من المودعين سحب أموالهم وودائعهم بشكل كامل في حال استمرار «النهج الاعتباطي» للمصرفين والتوقف عن التعامل معهما.
وينقل أحد النواب في كتلة الحزب النيابية «امتعاض القيادة من توسع عدد من المصارف بتفسير القانون الأميركي والاستنسابية في التعامل مع الموضوع من منطلقات سياسية»، لافتا إلى أن الحزب «لا يدفع باتجاه معارضة القانون ولكن تنفيذه بما يتلاءم مع الواقع اللبناني». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أياد لبنانية تحاول توظيف القانون لمآرب سياسية ضيقة متناسية أن ذلك من شأنه ضرب الاقتصاد اللبناني ككل»، متسائلة: «ماذا لو قررت بيئة الحزب مقاطعة عدد من المصارف وسحب كامل الودائع منها؟».
وتشير المعلومات أيضا إلى أن هناك توجها لـ«توسيع حلقة التضييق على الحزب من خلال إجراءات بدأت معالمها في الظهور، تقضي بتطبيق عقوبات على مسؤولين في تيارات لبنانية متعاطفة مع الحزب، ولهم مصالح تجارية خارج بيروت».
وبحثت الحكومة اللبنانية في اجتماعها، يوم أمس الخميس، في موضوع العقوبات وكيفية تطبيقها، في ظل إصرار الحزب على إعطاء أولوية للملف. وبحسب مصادر مصرفية رفيعة، فإن محاولة الالتفاف على القانون الأميركي من خلال اعتماد الليرة اللبنانية عملة بديلة عن الدولار «لم تفلح باعتبار أن القانون يلحظ العملات كافة»، لافتة إلى أن مجمل الموضوع حاليا بين يدي «هيئة التحقيق الخاصة» التي ستصدر قريبا تعميمين للمصارف ليتم على أساسهما تحديد الآلية الواجب اتباعها قبل الإقدام على إغلاق أو فتح حسابات مصرفية لمقربين من الحزب. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: « هذه الهيئة وحدها التي تختص بمتابعة جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب قادرة على رفع السرية المصرفية، أما المصرف المركزي فلا يحق له أن يطلع على أي تفاصيل بهذا الشأن لالتزامه بقواعد السرية المصرفية».
ويأتي تصعيد ما يسمى «حزب الله» ضد العقوبات الأميركية، قبل أيام من زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر إلى بيروت، ولقائه كبار المسؤولين اللبنانيين، للبحث معهم في أبعاد عدم التقيد بمضمون القانون الأميركي.
وكان وفد نيابي لبناني توجه إلى واشنطن خلال شهر مارس (آذار) الماضي، من أجل إقناع الجانب الأميركي تجنيب العقوبات الأميركية نواب الحزب، لكنه فشل في هذه المهمة. وسمع ثناء أميركيا على القوانين المالية التي أقرها مجلس النواب اللبناني في آخر جلسة عقدها، التي تتلاءم مع الإجراءات الأميركية لمكافحة الإرهاب ومكافحة تبييض الأموال.
وبحسب الخبير الاقتصادي اللبناني مروان إسكندر، فإن لبنان «ملزم بالتقيد بمضمون العقوبات الأميركية؛ لأن تخطيه يرتب على لبنان آثارا سلبية لا يستطيع تحملها». وذكر بأن «الأميركيين عاقبوا بنك باريبا الفرنسي، منذ سنتين بمبلغ 11.5 مليار دولار؛ لأنه فتح اعتمادات لتصدير نفط إيراني إلى الهند، وأجبروه على دفع هذا المبلغ، تحت طائلة عدم السماح له بالعمل في أميركا».
وقال إسكندر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن 65 في المائة من مجمل المبادلات التجارية في العالم والمدفوعات بالدولار الأميركي، وهي تمر عبر السويفت في بلجيكا الذي يضع الأميركيون يدهم عليه، وبالتالي فإن المصارف اللبنانية ملزمة حكما التقيد بالتعليمات المالية العالمية، وهي ليس لديها خيار آخر»، لافتًا إلى أن «البنوك اللبنانية تنفذ تعليمات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والإنماء الدولية وتعاميم مصرف لبنان». ونبه الخبير الاقتصادي إلى أن «البنوك اللبنانية رغم عددها الكبير، فإن أرباحها بدأت تتراجع بشكل ملحوظ، فكيف سيكون حالها إذا خالفت القرارات الأميركية والدولية؟»، مذكرا أن «تصعيد ما يسمى (حزب الله) ضد المصارف اللبنانية يجعل مستقبل لبنان رهينة». وأضاف: «عندما صدر القانون الأميركي الذي يحذر المصارف اللبنانية والعالمية من التعامل مع الحزب أعلن أمينه العام (حسن نصر الله) أن حزبه ليس لديه أموال في المصارف، وأن أغلب المساعدات تأتيهم نقدا، فلماذا اليوم يغضب على المصارف وإجراءاتها؟». وأوضح أن «العقوبات تشمل الحجز على حسابات مسؤولي ما يسمى (حزب الله) في المصارف، لكن لا أعتقد أنها تنسحب على رواتب النواب والوزراء»، مبديا استغرابه «كيف الولايات المتحدة تتشدد في عقوباتها ضد ما يسمى (حزب الله)، بينما جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، يحث البنوك الأميركية والأوروبية على التعامل مع المصارف الإيرانية، علما بأن ما يسمى (حزب الله) يعترف صراحة أنه يتبع مباشرة إلى القيادة الإيرانية». وحثَّ نصر الله بوقت سابق الدولة اللبنانية إلى عدم الانصياع إلى القانون الأميركي، معتبرا أن «أي مصرف يخالف هذا القانون لن يتأذى أبدا، لأن (حزب الله) لا يملك حسابات في المصارف». واعتبرت كتلة الحزب النيابية في بيانها الأخير التعاميم التي أصدرها المصرف المركزي «انصياعا غير مبرر لسلطات الانتداب الأميركي النقدي على بلادنا، ومن شأنها أن تزيد تفاقم الأزمة النقدية وتدفع البلاد نحو الإفلاس؛ بسبب ما سينتج من قطيعة واسعة بين اللبنانيين وبين المصارف، الأمر الذي يعرّض البلاد لانهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة غير قابلة للاحتواء».
أما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يتولى مع رئيس الحكومة تمام سلام ووزير المال علي حسن خليل العمل على تحقيق نوع من التوافق على مقاربة مشتركة للتحدي المالي الذي فرضته الإجراءات الأميركية، فقد طالب المصارف بتنفيذ عملياتها بما يتناسب مع مضمون القانون الأميركي، ومضمون الأنظمة التطبيقية المصدرة بالاستناد إليه. كما دعاها إلى إبلاغ المصرف المركزي مسبقا بأي حساب مصرفي يقرر المصرف إقفاله، أو بأي حساب مصرفي جديد يمتنع المصرف عن فتحه.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.