بكين تحتضن انطلاق المؤتمر الدولي الأول للسياحة من أجل التنمية

سلطان بن سلمان: السياحة والتراث قطاعان أساسيان ضمن «رؤية المملكة 2030»

الأمير سلطان بن سلمان يتحدث في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الأول من أجل التنمية بالصين
الأمير سلطان بن سلمان يتحدث في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الأول من أجل التنمية بالصين
TT

بكين تحتضن انطلاق المؤتمر الدولي الأول للسياحة من أجل التنمية

الأمير سلطان بن سلمان يتحدث في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الأول من أجل التنمية بالصين
الأمير سلطان بن سلمان يتحدث في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الأول من أجل التنمية بالصين

أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن تحقيق القبول الاجتماعي للسياحة والتراث وإكمال البنية التنظيمية والتأسيسية، كان من أبرز إنجازات الهيئة خلال عمرها القصير، مشيرا إلى أن ذلك يمثل فرصة حقيقية لاستثمار الدولة في هذا القطاع.
وأعرب عن أمله في أن تقر الدولة مبادرات السياحة والتراث، وأن تحتضن مشاريع السياحة والتراث ذات الفوائد الاقتصادية والتنموية والوطنية والقبول الاجتماعي الكامل والذي تحول إلى إلحاح واستعجال من المواطنين لتتحرك الدولة سريعًا في مجالات السياحة التي لمس المجتمع فوائدها وتحولت إلى حاجة أساسية لا مجرد نشاط هامشي، وكذلك الحال بالنسبة للتحرك تجاه العناية بالتراث الذي أصبح المواطن يراه قضية هوية واعتزاز.
جاء ذلك خلال كلمة الأمير سلطان بن سلمان أمس، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الأول للسياحة من أجل التنمية، الذي تنظمه منظمة الأمم المتحدة للسياحة في العاصمة الصينية بكين بالتزامن مع اجتماعات وزراء السياحة في دول العشرين، وافتتحه رئيس مجلس الدولة الصيني لي كتشيانغ بحضور 80 وزير سياحة من مختلف الدول ومسؤولي أهم المنظمات وكبرى الشركات حول العالم.
وقال الأمير سلطان بن سلمان: «لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز منهجية عمل متفردة تشرفت بالاستفادة منها ويعرفها من تشرف بالعمل قربه لسنين، تعتمد على العناية بالتأسيس والقرب من المواطن والدفع للتحضر مع المحافظة على القيم والتراث».
وأشار إلى أن الهيئة منذ أن أسستها الدولة قبل 15 عامًا عملت على إنشاء صناعة اقتصادية وتنموية متكاملة ولم تقتصر على تأسيس قطاع مجرد ومحدود.
ولفت إلى أن «رؤية المملكة 2030» التي اعتمدها خادم الحرمين الشريفين اعتمدت السياحة والتراث قطاعين أساسيين لمستقبل السعودية قناعة من الدولة بأهميتها الاقتصادية والتنموية، ولكون الأساسات التي وضعتها هيئة السياحة والتراث وشركاؤها لهذا القطاع متينة وتحفز على الانطلاق.
ونوه رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، إلى أن استراتيجية التنمية السياحية التي أقرتها الدولة عام 2005 كانت المنصة التي تنطلق منها وتؤسس عليها كل المشاريع والرؤى المستقبلية للسياحة والتراث التي تبناها برنامج التحول الوطني وحملها قناعة بها وبمتانة أساساتها. وتابع: «منذ اليوم الأول لعمل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني آمنا أنه لا يمكن تحقيق أي تقدم إلا بإشراك المجتمع والأخذ برغباتهم وآرائهم بوصفهم العنصر الأهم، وتعلمنا من الملك سلمان أن نعمل من الأعلى للأسفل أي من المواطن الذي هو أعلى نزولاً إلى المسؤول وذلك ما تبنته الهيئة منذ بدايتها».
وأكد أن استدامة السياحة كما أسست لها الهيئة قامت على الركائز الثلاث الاجتماعية والاقتصادية والبيئية عبر تعزيز القناعة وتحقيق القبول المجتمعي، وتهيئة السياحة ذات عائد اقتصادي القادرة على إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين وثالثًا الاستدامة بالمحافظة على البيئة. وتطرق الأمير سلطان بن سلمان إلى أن المتحقق في صناعة السياحة والتراث خلال الأعوام الماضية تجاوز ما كانت تستهدفه الاستراتيجية المقرة من الدولة 2005 رغم محدودية دعم قطاع السياحة والتراث مقارنة بالقطاعات الأخرى.
وكان رئيس مجلس الدولة الصيني لي كتشيانغ افتتح المؤتمر بكلمة أكد فيها أن الصين تعول على السياحة لتطوير الاقتصاد في هذه المرحلة، ولديها قناعة تامة بأن فوائد السياحة لا تقف عند الاقتصاد بل إنها سبيل البشرية لحياة أفضل.
وأضاف: «رأينا في الصين كيف يعود كل دولار تستثمره الحكومة في السياحة بـ3.2 دولار، رغم أن الصين لم تبدأ في الانفتاح على السياحة إلا قبل أقل من 30 عامًا، إلا أن عدد السياح المغادرين بلغ 120 مليونا سنويًا يصرفون نحو 200 مليار وعدد الرحلات السياحية القادمة 130 مليون رحلة ضخت نحو 650 مليار دولار».
وأشار إلى أن النمو السياحي في الصين أسهم في توفير 280 مليون وظيفة مباشرة، و800 مليون وظيفة غير مباشرة، مبينا أن الوجهات التي يقصدها السياح الصينيون تتوزع على 150 دولة بشكل أساسي، ونعتبر هذه الأعداد قوة سياسية واقتصادية تستخدمها حكومة الصين مع تلك الدول.
وأكد أن السياحة تعد أسرع القطاعات الاقتصادية نموًا وأكثرها استقرارًا في الصين وهي الملجأ أوقات التذبذبات التي تحصل في قطاعات الصناعة والتعدين. وقال: «ساعدتنا السياحة في المحافظة على البيئة في الصين والتخفيف من التلوث، لأن السياحة تتطلب المحافظة على المواقع الطبيعة وتجعل العامة يشعرون بأن تدمير البيئة تدمير لمصدر دخلهم».
وكان الأمير سلطان بن سلمان وصل إلى بكين في زيارة رسمية يرأس فيها الوفد السعودي في أعمال الدورة السابعة لوزراء السياحة في مجموعة العشرين التي تعقد في العاصمة الصينية بكين.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».