تواصل التفجيرات الانتحارية في العراق.. والسيستاني يدعو المسؤولين إلى العودة لرشدهم

مصدر مطلع: معصوم يزور كردستان لبحث الأزمة بين أربيل وبغداد

عراقيون يرددون هتافات مناهضة للحكومة خلال مظاهرة نددت بالنزاعات بين المسؤولين وفشل قوات الأمن في حماية المواطنين من تواصل العمليات الإرهابية بالعاصمة بغداد (أ.ف.ب)
عراقيون يرددون هتافات مناهضة للحكومة خلال مظاهرة نددت بالنزاعات بين المسؤولين وفشل قوات الأمن في حماية المواطنين من تواصل العمليات الإرهابية بالعاصمة بغداد (أ.ف.ب)
TT

تواصل التفجيرات الانتحارية في العراق.. والسيستاني يدعو المسؤولين إلى العودة لرشدهم

عراقيون يرددون هتافات مناهضة للحكومة خلال مظاهرة نددت بالنزاعات بين المسؤولين وفشل قوات الأمن في حماية المواطنين من تواصل العمليات الإرهابية بالعاصمة بغداد (أ.ف.ب)
عراقيون يرددون هتافات مناهضة للحكومة خلال مظاهرة نددت بالنزاعات بين المسؤولين وفشل قوات الأمن في حماية المواطنين من تواصل العمليات الإرهابية بالعاصمة بغداد (أ.ف.ب)

تواصلت التفجيرات الإرهابية والاشتباكات المسلحة في العراق، بعد أيام من شن تنظيم داعش أعنف تفجيراته في العاصمة بغداد منذ مطلع العام، مما أثار انتقادات شعبية للإجراءات الأمنية التي تفرضها الحكومة.
وفي إطلاق نار وتفجير انتحاري بشمال العراق، تبنى تنظيم داعش مسؤوليته، وأعلنت مصادر رسمية وأمنية، أمس الجمعة، مقتل 16 شخصا وإصابة أكثر من 30 آخرين بجروح في هجوم للتنظيم على مدنيين وقوات أمنية تلته ملاحقة المهاجمين الذين قاموا بتفجير أنفسهم في مدينة بلد شمال بغداد.
وقال عمار حكمت البلداوي، النائب الثاني لمحافظة صلاح الدين، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مجموعة من مسلحي (داعش) يرتدون ملابس قوات الأمن هاجموا عند منتصف ليل (الخميس - الجمعة) مقهى في بلد بالقنابل اليدوية».
وأوضح أن المهاجمين «أطلقوا النار وفروا إلى منطقة زراعية قريبة»، مشيرا إلى أنهم «قاموا بتفجير أنفسهم لدى الوصول إليهم بعد ملاحقتهم من قبل الأهالي وقوات الأمن».
وأكد البلداوي «مقتل 16 شخصا بينهم عدد من عناصر الأمن، وإصابة نحو 35 بينهم عدد من عناصر الأمن أيضا جراء الهجوم والملاحقة». ورجح أن يكون «عدد المسلحين خمسة أو ستة أشخاص»، مشيرا إلى «قيام أربعة منهم بتفجير أنفسهم والبحث جار للاشتباه بوجود اثنين آخرين». وتمكنت قوات الأمن من استعادة السيطرة وفرض الأمن تماما في المكان، وفقا للمصدر.
وأكد ضابط برتبة مقدم في الشرطة «مقتل 12 شخصا وإصابة 26 بجروح في هجوم مسلح استهدف مقهى شعبيا في حي النور» غرب مدينة بلد. وتابع: «خلال ملاحقة قوات الأمن للمهاجمين، فجر انتحاري حزامه الناسف ضد القوة، ما أدى إلى مقتل أربعة، اثنان من الشرطة، ومثلهم من الحشد الشعبي». كما أصيب ستة، هم أربعة من الشرطة واثنان من الحشد الشعبي جراء التفجير، وفقا للمصدر.
ويقطن بلد (70 كلم شمال بغداد) الواقعة في محافظة صلاح الدين، غالبية شيعية. وأكد طبيب في مستشفى بلد حصيلة ضحايا التفجير.
وتبنى تنظيم داعش المتطرف، في بيان نقل على موقع متشدد، الهجوم.
وقالت وكالة أعماق للأنباء المؤيدة للتنظيم المتشدد، إن ثلاثة مهاجمين انتحاريين استهدفوا أعضاء فصائل شيعية مسلحة وفجروا أنفسهم. وقال شخص يدعى قصي محمد إنه كان يوما دمويا.
وكاد المتشددون يجتاحون البلدة ذات الأغلبية الشيعية التي تقع على مسافة 80 كيلومترا شمال بغداد في 2014.
ووفقا لوكالة «رويترز»، ذكرت مصادر في الشرطة، طلبت عدم نشر أسمائها لأنها غير مصرح لها بالحديث إلى وسائل الإعلام، أن المهاجمين مروا بثلاث نقاط تفتيش تابعة للشرطة قبل الوصول إلى هدفهم. وانتشرت قوات الأمن في البلدة صباح أمس خشية وقوع هجمات جديدة.
وذكر مصدر بالمخابرات أن مقاتلين من منظمة بدر المدعومة من إيران داهموا منزلا قريبا واعتقلوا 13 من أفراد عائلة سنية. وأفادت تقارير بإطلاق نار في بستان قريب.
وتتعرض السلطات العراقية لانتقادات شديدة، بسبب ثغرات أمنية سمحت لمهاجمين انتحاريين بتفجير ثلاث قنابل في بغداد، الأربعاء الماضي، مما أسفر عن مقتل 80 شخصا على الأقل، وإصابة 150 آخرين، في أكثر الأيام دموية بالعاصمة منذ بداية العام.
ويواجه العراق أزمة سياسية بشأن إصلاح مجلس الوزراء، مما أصاب الحكومة بالشلل منذ أسابيع، كما تهدد الأزمة بتقويض الحرب على تنظيم داعش الذي يسيطر على مساحات من الأراضي شمال وغرب البلاد.
من جانبه، عبّر المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق، آية الله علي السيستاني، عن غضبه العارم حيال عدم سماع المسؤولين العراقيين أصوات الناس ونداءات رجال الدين لإصلاح الأوضاع المتردية في البلاد.
وقال ممثله أحمد الصافي، خلال خطبة الجمعة أمس، في مدينة كربلاء، إن «الجميع يتساءل متى يريد المسؤولون أن يعودوا إلى رشدهم، ويتركوا المناكفات السياسية، والاهتمام بالمصالح الخاصة، ويجمعوا كلمتهم على وقف هذا الانحدار والتخبط في إدارة البلد؟».
وأضاف ممثل المرجعية الدينية، قائلا: «وللأسف فإنه لا جدوى من الحديث في هذا المجال، فإنهم قد صموا آذانهم عن الاستماع إلى أصوات الناصحين، وإلى الله المشتكى»، مشيرا إلى أنه «لا جدوى من الخوض في هذا الحديث».
ويأتي موقف المرجعية في وقت لا يزال فيه السيستاني يرفض استقبال كبار السياسيين العراقيين منذ أكثر من سنة على غرار ما فعل خلال فترة ولاية رئيس الوزراء نوري المالكي الثانية حتى عزله بناء على توصية من المرجعية الدينية في النجف وترشيح القيادي البارز في حزب الدعوة حيدر العبادي بدلا منه.
وفي الوقت الذي يستمر فيه تدهور الوضع الأمني في البلاد، يستمر التأزم في الوضع السياسي الذي يشهد انقساما حادا داخل المؤسستين، التشريعية «البرلمان» والتنفيذية «الحكومة». من جهة ثانية، أرسل رئيس الوزراء حيدر العبادي قياديين من حزب الدعوة وممثلين عن مكتبه لزيارة إقليم كردستان لتقديم الاعتذار إلى الكرد عما جرى لهم خلال اقتحام البرلمان، وهو ما يمهد عودة النواب والوزراء الكرد خلال الأيام المقبلة، حيث إن جبهة الإصلاح أعلن النواب المعتصمون عن بدئها إجراء حوار سياسي مع مختلف الأطراف من أجل التوصل إلى حلول.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مسؤول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «رئيس الجمهورية فؤاد معصوم سوف يقوم خلال القترة القادمة بزيارة إلى إقليم كردستان من أجل وضع حد للعلاقة المتأزمة بين أربيل وبغداد»، مشيرا إلى أن «زيارة معصوم تأتي في إطار حراك سياسي بهذا الشأن، كان للأميركيين دور بارز فيه، وهو ما يعني أن تلك الزيارة سوف تنهي القطيعة بين الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان».
ويعد موضوع الإصلاح الذي دعا إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي منذ توليه منصبه في سبتمبر (أيلول) عام 2014 ودعوته قبل نحو ثلاثة أشهر إلى حكومة تكنوقراط، هو المحور الرئيسي للخلاف بين الأطراف السياسية.
وحول قضية الإصلاح المختلف عليها، يقول عضو البرلمان العراقي عن اتحاد القوى العراقية، ظافر العاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «شعار الإصلاح الذي جاء به العبادي فقد معناه، حيث كانت رؤية العبادي للإصلاح منذ البداية رؤية قشرية ولا تلامس جوهر القضايا التي نعانيها، بل بدت كأنها مجرد عملية تصفية حسابات سياسية أو إبعاد شخصيات يعتقد أن وجودها في مواقع المسؤولية ينغص عليه قيادته للحكومة».
وأضاف العاني أن «البلد يحتاج إلى إصلاح حقيقي حين تكون لديه مشكلة أمنية وأخرى مالية، وهو ما يعني أن هناك تحديا حقيقيا يواجه الدولة ويحتاج إلى خطط استثنائية لمعالجتها، غير أننا حين نربط بين شعار الإصلاح وسياقات تطبيقه، فإن أبرز ما نلاحظه أن الحكومة لم تقدم ما يلزم من خطط وإجراءات لمعالجة الأزمتين الأمنية والمالية». وأوضح العاني أن «الأحزاب والكتل السياسية هي الأخرى ليست لديها رؤية واضحة للإصلاح، بل لديها تباين كبير، وهي مدفوعة باعتباراتها الحزبية في معالجة أي قضية، وهو ما يجعلنا في وضع بالغ الصعوبة باستمرار».
مؤكدا أن «الإصلاح بقي يدور حول الأشخاص وليس حول القضايا التي تحتاج إلى معالجات جوهرية، كما أنه يستخدم في الغالب إما لأغراض التربح أو التسقيط السياسي، وهو ما أدى إلى حصول مزيد من الانقسامات داخل الطبقة السياسية».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.