غزّة تواجه حملة يشنها متطرفون لاستقطاب الشباب المحبط

غزّة تواجه حملة يشنها متطرفون لاستقطاب الشباب المحبط
TT

غزّة تواجه حملة يشنها متطرفون لاستقطاب الشباب المحبط

غزّة تواجه حملة يشنها متطرفون لاستقطاب الشباب المحبط

تسعى جماعات متطرفة في قطاع غزة إلى تعزيز وجودها، عبر استقطاب الشبان الذين يعانون من احباط وانسداد آفاق المستقبل، في منطقة واقعة تحت حصار اسرائيلي خانق.
وتتجنب هذه المجموعات الصدام مع حركة حماس التي تلاحقها وتقيد نشاطاتها.
وشهد قطاع غزة الاسبوع الماضي المواجهات المباشرة الاولى بين إسرائيل وحماس منذ حرب 2014، ما اثار قلقًا من حرب جديدة.
وينشط المتطرفون بين الفتية والشبان، مستغلين الفقر والبطالة والحصار والاحباط، علمًا أنّ بعض هذه الجماعات تبنت خلال الاشهر الاخيرة هجمات بالصواريخ على بلدات اسرائيلية متاخمة لغزة، في تأكيد على موقعها في المواجهة الاساسية مع العدو.
وتتهم حماس المتطرفين بخرق تفاهمات سابقة افرجت بموجبها عن غالبية النشطاء مقابل التزام بالتهدئة التي تم التوصل إليها مع اسرائيل بعد حرب 2014.
وسبق لحماس خلال السنوات الماضية أن قمعت ناشطين متطرفين، يهدّدون السلطة والأمن، فدمرت مساجد لهم ولاحقت قادتهم.
ويقول المحلل السياسي اسعد ابو شرخ ان بعض الجهات "تستغل تنامي الفكر المتطرف في عدد من الدول العربية، وبينها تنظيم داعش لاستغلال الشباب المراهق والمحبط بلا أمل في غزة".
ويقول قيادي بارز في جماعة "الشباب السلفي المجاهد" ابو العيناء الانصاري لوكالة الصحافة الفرنسية، "اولويتنا مقاتلة اليهود في فلسطين". ويضيف "نحن التزمنا بالتفاهمات مع حماس، وحماس لم تلتزم وقتلت ابناءنا واعتقلت المتطرفين. ردنا تمثل باطلاق صواريخ على الاحتلال الصهيوني".
وكان ابو العيناء واحدًا من الاعضاء السابقين في الجناح العسكري لحماس الذي أنشأوا جماعات متطرفة، كرد على مشاركة حماس بانتخابات السلطة الفلسطينية في 2006، التي حققت فيها فوزا ساحقا على حركة فتح.
وكشف ابو العيناء أنّ نحو مائتي مقاتل متطرف "يقاتلون في صفوف داعش في سوريا والعراق لدفع الظلم عن المسلمين رغم محاولات حماس لمنعهم".
وغادر غالبية النشطاء غزة، عبر الانفاق على الحدود المصرية الفلسطينية. وحسب ابو العيناء، فإنّ نشطاء "باعداد قليلة" غادروا في العامين الماضيين من معبر رفح المغلق مع مصر الذي يُفتح استثنائيا بين الحين والآخر.
ويقدر النشطاء المتطرفون الغزيون بالمئات؛ لكن مسؤولا منهم قدرهم بـ"اكثر من ثلاثة آلاف يمثلون أكثر من عشر جماعات. لكن يصعب التحقق من هذا العدد.
وابرز الجماعات هي: تنظيم "الشباب السلفي المجاهد" وجماعة "جند انصار الله" وتنظيم "جيش الاسلام" و"جيش الامة" و"جماعة سيف الله" و"كتائب التوحيد والجهاد" و"كتائب سيوف الحق"، إضافة إلى "مجلس شورى المجاهدين".
ويرى استاذ العلوم السياسية وليد المدلل أنّ هذا التشدّد "سيبقى ضعيفًا"، لا سيما أنّه "يواجه محاربة قوية من اجهزة الامن" في غزة. فيما لم يستبعد محللون سياسيون حدوث مواجهة عسكرية جديدة بين حماس والمتطرفين.
في 2009، قتل عبد اللطيف موسى ابرز قادة المتطرفين ومساعده، في مواجهة مسلحة مع حماس، بعدما أعلن انشاء "امارة إسلامية" حسب تعبيره، في رفح.
وقتل الناشط يونس الحنر بمنزله في شمال غزة عندما رفض تسليم نفسه لأمن حماس العام الماضي. ولا يزال نحو 20 ناشطًا من بين أكثر من 120 من المتطرفين كانوا محتجزين، في سجون تخضع لحماس بغزة.
وفي يوليو (تموز) الماضي، وجه تنظيم "داعش" عبر شريط فيديو بث على الانترنت رسالة تهديد لحماس. ونفذ متطرفون هجومًا بقذائف الهاون على موقع تابع للقسام في جنوب القطاع.
ويقول القيادي البارز في حركة حماس محمود الزهار "إنّهم يؤمنون بالعنف، نحن نتابعهم ونحاورهم لنوضح لهم"، مشيرًا إلى أنّ بعض المتطرفين "حاولوا قتل جيرانهم او اقاربهم، ولو لم نوقفهم لحدث انفجار كبير".
وعن العلاقة بين جماعته وتنظيم "داعش"، يقول ابو العيناء إنّها "علاقة تناصح، أمّا الفكر واحد، ولا ارتباط تنظيميا".



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.