وزير الخارجية الليبي لـ {الشرق الأوسط} : نؤيد استراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب

عبد العزيز يتحدث عن مشاكل انتشار السلاح والجماعات المتطرفة

وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز
وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز
TT

وزير الخارجية الليبي لـ {الشرق الأوسط} : نؤيد استراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب

وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز
وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز

أكد وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز أن ليبيا عازمة على بناء دولة المؤسسات بمساعدة الأشقاء والأصدقاء، وإعادة قدرات العناصر الأمنية في الجيش والشرطة، والتغلب على مشكلة انتشار السلاح، وإطلاق مسيرة الحوار الوطني بدعم من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. وقال عبد العزيز في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن بلاده مع وضع استراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب باعتباره آفة بالغة الخطورة تعاني منها معظم الدول العربية.
وفي ما يلي نص الحوار.
* ما هي مطالب ليبيا من مؤتمر القمة العربية؟
- ليس لدينا أي مطالب خاصة. فنحن في مرحلة الانتقال من الثورة إلى بناء الدولة، ونحتاج إلى دعم سياسي من الإخوة الأشقاء والأصدقاء وهذا الدعم عكس نفسه في مؤتمر روما الماضي سواء كانوا شركاء إقليميين أو دوليين. نحن سعداء أن نكون في دولة الكويت وأن نستمع لكافة أصحاب المعالي والسعادة في ما يتعلق بدعم المسار الديمقراطي في ليبيا.
* وماذا عن بناء مؤسسات الدولة الليبية؟ وكيف ترون ظاهرة اختطاف الدبلوماسيين العرب والمواطنين الأجانب التي طغت على المشهد الليبي؟
- أولا، الانتقال من مرحلة الثورة إلى بناء الدولة ليس بالأمر اليسير، وبالتالي هناك تجاذبات سياسية ومشاكل وجماعات مسلحة واقتناء المواطنين للسلاح، الذي لا يقل عن 20 مليون قطعة سلاح في المنطقة، ولم نصل بعد إلى مرحلة بناء المؤسسات. نحن تعاقدنا مع دول صديقة وشريكة من المنطقة العربية إضافة إلى أميركا ودول أوروبية في ما يتعلق ببناء الجيش والشرطة، وفى الوقت نفسه، نقوم ببناء نظام عدالة جنائية ناجعة وفعالة باعتباره الأساس في تحقيق العدالة الانتقالية، كما قمنا بعمل مبادرة للحوار الوطني.
* متى سيبدأ؟
- بدأ بالفعل.
* لماذا لم يعقد تحت مظلة الجامعة العربية؟
- الحوار الوطني هو شأن داخلي بالدرجة الأولى، ولا بد أن يبدأ المواطنون الليبيون بالحوار الوطني بدعم على المستوى الإقليمي، من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي. ولدى الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي أفكار في ما يتعلق بتشجيع الحوار الوطني، إذن هناك دور محوري لليبيين ودور تكميلي للمنظمات الإقليمية.
* كيف ترون مبادرة مصر التي طرحتها أخيرا بأهمية وضع استراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب؟ هل أنتم مع هذا الطرح؟
- نحن رحبنا على كافة المستويات بالاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب التي تقدمت بها مصر. فنحن ومصر نعاني من الإرهاب ومخاطره وتحدياته، وهناك دول عربية أخرى تعاني من هذه الظاهرة البالغة الخطورة، والإرهاب يحتاج إلى مكافحته على كافة المستويات ليس فقط في بعده الأمني، ولكن في بعده الفكري والنهج المتكامل لمكافحة الإرهاب هو الذي يحد من انتشاره.
* شعار القمة العربية «تضامن عربي لمستقبل أفضل».. هل يمكن تحقيق هذا؟
- أولا هذا الشعار لن يتحقق بين يوم وليلة وهو عبارة عن عملية تستمر لسنوات طويلة، ونحن سعداء جدا أن هذه القمة تنضوي تحت هذا الشعار وقد تعودنا من دولة الكويت دعوة الأشقاء إلى التقارب والتفاهم. ونحن جد متفائلون بأن يكون هناك قرارات تعكس التضامن من أجل وحدة الأمة العربية، والاتفاق على كافة المسائل ذات الاهتمام المشترك.
* ما هي توقعاتكم من القمة؟
- لقد تمكن الاجتماع الوزاري من اعتماد كافة القرارات الخاصة بالقضايا ذات الاهتمام المشترك.. بالنسبة للقضية الفلسطينية والأزمة السورية، وفي ما يتعلق بالمحكمة العربية لحقوق الإنسان، أعتقد أن هذا القرار يعد نقلة نوعية في البعد المؤسسي لحقوق الإنسان. وفي ما يتعلق بإصلاح وتطوير الجامعة العربية هناك اتفاق عام من كل الوزراء أنه لا بد أن تكون هناك آليات وأدوات جديدة للجامعة، وهذا لن يكون إلا من خلال إصلاح حقيقي على مستوى بناء القدرات.
* هل يؤثر الخلاف الخليجي على وضعه الأمني؟
- أمن دول الخليج العربي جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة العربية ككل ومنطقة الشرق الأوسط بصفة عامة. وبعد ليبيا الجغرافي عن دول الخليج لا يعني أننا نرى قضية الأمن في الخليج منعزلة عن أمن دول شمال أفريقيا. وأعتقد أن الخلافات قابلة للحل خاصة في ظل التحديات التي تمر بها المنطقة.
* ما هي أخطر التحديات التي تواجه ليبيا حاليا؟
- ليبيا دولة ذات أهمية وبعد اقتصادي وسياسي وجغرافي، لذلك الحفاظ على أمن ليبيا جزء من حفظ أمن المنطقة، كما أن الثورة عندما قامت في ليبيا ورثت ما يسمى باللانظام حيث لم نرث أي مؤسسات قائمة. ولذا فإن التحديات الحالية تتعلق ببناء مؤسسات وتغيير الثقافة السائدة في السابق وتقبل ثقافة جديدة، وهذا الأمر يحتاج إلى مجهود كبير ولدينا ثقة بأن ليبيا ستقوم مرة أخرى، وهذا لن يكون إلا من خلال تقديم الدعم لليبيا.
* العلاقات المصرية - الليبية تعاني حاليا من عدم الثقة وضبابية المستقبل، كيف ترون ذلك؟
- العلاقات مع مصر تاريخية واستراتيجية، وما يحدث في مصر تتأثر به ليبيا والعكس، ولدينا ما لا يقل عن مليوني مصري يعملون في ليبيا. والمشاكل التي تحدث فردية بسبب حالة الانفلات الأمني ووجود الأسلحة التي أشرت إليها سابقا، ونعترف بوجود مشاكل حدودية وجماعات متطرفة، ولكن هناك تنسيق وتعاون بين البلدين في هذا الشأن. ومصر تقدم لنا الدعم في مجال تدريب أفراد الجيش والشرطة للسيطرة على الوضع الأمني، وفي إطار بناء المؤسسات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.