الانتخابات المحلية في بيروت تتخطى الهواجس الأمنية.. وتعكرها نسبة الاقتراع المتدنية

الدعوات السياسية لم تحفز على المشاركة بكثافة في أول انتخابات منذ 6 سنوات

الانتخابات المحلية في بيروت تتخطى الهواجس الأمنية.. وتعكرها نسبة الاقتراع المتدنية
TT

الانتخابات المحلية في بيروت تتخطى الهواجس الأمنية.. وتعكرها نسبة الاقتراع المتدنية

الانتخابات المحلية في بيروت تتخطى الهواجس الأمنية.. وتعكرها نسبة الاقتراع المتدنية

تجاوز لبنان عقدة الأزمات الأمنية التي دفعت البرلمان للتجديد لنفسه مرتين خلال السنوات الثلاث الماضية، إذ توجه اللبنانيون في العاصمة اللبنانية وشرق لبنان إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثلين عنهم في المجالس المحلية في الانتخابات البلدية والاختيارية، رغم أن نسبة الاقتراع في بيروت تدنت عما كانت عليه في عام 2010.
وانطلقت الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان أمس الأحد في استحقاق لم تشهده البلاد منذ ست سنوات، حين أجريت الانتخابات البلدية والاختيارية في عام 2010. ويمثل الاستحقاق الذي بدأ أمس، ويمتد على أربعة أسابيع، تجاوزًا للهواجس الأمنية التي أرجئت بسببها الاستحقاقات الانتخابية خلال السنوات الماضية. وأشرف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على سير العملية الانتخابية والترتيبات الأمنية من غرفة العمليات المركزية التابعة لوزارة الداخلية.
وافتتحت صناديق الاقتراع في الساعة السابعة صباحًا، وأقفلت في الساعة السابعة مساء، من غير تسجيل حوادث أمنية تُذكر. لكنها سجلت أدنى مشاركة في العاصمة اللبنانية، بلغت 18 في المائة، ما يعني أنها انخفضت عما كانت عليه في عام 2010 بنحو 3 في المائة، حيث سجلت في عام 2010 21 في المائة. ويبلغ عدد الناخبين الإجمالي المسجل في بيروت أكثر من 476 ألف ناخب.
ومع انخفاض نسبة الإقبال في العاصمة، وجهت الأحزاب التقليدية الكبرى دعوات إلى أعضائها ومناصريها للاقتراع بكثافة، وكذلك فعل أعضاء لائحة «بيروت مدينتي».
ورأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أن «نسبة الاقتراع في بيروت غير مقبولة بكل المقاييس»، لافتًا إلى أنه «ما كان يجري في الأعوام الأخيرة لم يكن مشجعا، لكن هذا لا يجب أن يحبطنا أو يجعلنا ننكفئ، ويجب إعطاء خبزنا للخباز لكن من دون أن يقتنص منها».
بدوره، اعتبر رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أن «عملية الاقتراع في الانتخابات البلدية في كل بيروت والبقاع سيئة جدا، نظرا إلى تدني نسبة الاقتراع»، ودعا المواطنين إلى «التصويت بكثافة أيا تكن خياراتهم». وأضاف: «نسمع دائما شكاوى من المواطنين حول طريقة عمل المجالس البلدية أو مجلس النواب، وفي الوقت نفسه يمتنعون عن الإدلاء بأصواتهم، لذلك ندعوهم إلى التصويت لنتمكن من معرفة آرائهم حتى ولو كان اقتراعهم مخالفا لخياراتنا، ولكن لا يجوز التقاعس والامتناع عن التصويت».
وفي بيان نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي، توجهت لائحة «بيروت مدينتي» إلى الناخبين بالقول: «أمامنا اليوم فرصة تاريخية لتغيير واقع المدينة للأفضل.. ولإيصال مجلس بلدي مستقل».
وتنافست لائحتان كاملتان للفوز بـ24 مقعدا في المجلس البلدي موزعة مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، بينما تنافست لائحة غير مكتملة شكلها الوزير الأسبق شربل نحاس.
وتعد لائحة «بيروت مدينتي» نموذجا جديدا من نوعه في لبنان يتحدى الاصطفافات السياسية والطائفية.
وخاضت هذه اللائحة الانتخابات على أساس برنامج مستوحى من حركة الاحتجاج المدنية التي شهدتها بيروت الصيف الماضي على خلفية أزمة النفايات التي أغرقت شوارع العاصمة وضواحيها.
وللمرة الأولى تواجه لائحة تحمل تسمية «بيروت مدينتي» ممثلة للمجتمع المدني وغير مدعومة من أي جهة سياسية. لكن الترجيحات الأولية بعد البدء بفرز الأصوات، لم تشر إلى إمكانية أن تحقق اللائحة خرقًا في مواجهة لائحة «البيارتة» المدعومة بشكل رئيسي من «تيار المستقبل» أبرز أركان فريق «14 آذار» والتي تضم كذلك ممثلين عن فريق «8 آذار» المدعوم من إيران والنظام السوري، علما بأن ما يسمى «حزب الله» لم يرشح أي ممثل رسمي عنه في بيروت.
وأشار رئيس تيار المستقبل ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري إلى أن «اليوم (أمس) هو يوم عرس لبيروت واليوم هو يوم ديمقراطي بامتياز، وقد أدلينا بصوتنا بكل ديمقراطية وحرية وقد انتخبت لائحة البيارتة (زي ما هي)»، مشيرًا إلى هذه اللائحة المدعومة منه «تضم كل المكونات السياسية في البلد، وهذه اللائحة أمام اختبار كبير في التنفيذ»، آملاً أن «تفتح هذه الانتخابات الأمل للرئاسية والنيابية فيما بعد وهي بادرة خير، وهذه الانتخابات سياسية وإنمائية، ونحن نخوضها لإثبات أن بيروت ما زالت في مسيرة تيار المستقبل ورفيق الحريري، وغياب ما يسمى (حزب الله) عن لائحة البيارتة شيء إضافي لبيروت».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.