الكرملين: بوتين يلتقي وزير خارجية قطر اليوم لبحث الأوضاع حول سوريا

عد الهدنة هشة بسبب تداخل مواقع المعارضة مع «جبهة النصرة»

محمد بن عبد الرحمن آل ثاني
محمد بن عبد الرحمن آل ثاني
TT

الكرملين: بوتين يلتقي وزير خارجية قطر اليوم لبحث الأوضاع حول سوريا

محمد بن عبد الرحمن آل ثاني
محمد بن عبد الرحمن آل ثاني

وصل وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في زيارة إلى العاصمة الروسية موسكو بعد ظهر أمس الخميس، حاملا معه «أفكارًا قطرية جديدة حول تسوية الأزمة السورية» سينقلها إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكان يوري أوشاكوف، معاون الرئيس الروسي، قد صرح في وقت سابق أمس أيضًا، بأن بوتين سيستقبل اليوم الجمعة الوزير القطري لبحث مواضيع التسوية السورية.
أوشاكوف أشار إلى أن «الرئيس بوتين كما هو معتاد لا يستقبل وزراء خارجية. لكن هنا تم التوصل إلى اتفاق محدد، وذلك لأن أمير قطر طلب من الرئيس بوتين خلال اتصالهما الهاتفي يوم التاسع عشر من أبريل (نيسان) أن يستقبل وزير خارجيته»، حسب أوشاكوف، الذي أوضح أن هذا الطلب جاء من أمير قطر «لأن وزير خارجيته ينوي بحث أفكار قطرية جديدة حول الأزمة السورية مع الرئيس بوتين». وأردف أن «وزير الخارجية القطري سيطرح باسم أمير قطر الأفكار التي سنستمع إليها (في الكرملين) بكل سرور وسنأخذها بالحسبان. أما المحادثات فسيجريها وزير قطر مع نظيره الروسي سيرغي لافروف».
وفعلاً، فور وصوله إلى مدينة سوتشي، على البحر الأسود، عقد الوزير القطري جلسة محادثات مطولة استمرت ما يزيد على ساعتين ونصف مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، لم يطلقا أي تصريحات لوسائل الإعلام في ختامها. وفي مستهل اللقاء أعرب وزير الخارجية الروسية عن سعادته لزيارة نظيره القطري إلى روسيا، منوهًا بالاتصال الهاتفي الذي جرى منذ أسبوعين بين بوتين وأمير قطر، واتفقا خلاله على تعزيز التنسيق الثنائي في الشأنين الإقليمي والدولي، فضلاً عن تعزيز العلاقات الثنائية، التي يرى لافروف أن لقاء أمس جاء في سياقها، وفق ما ذكرت الخارجية الروسية في بيان رسمي لها حول لقاء لافروف مع محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وأضافت الخارجية في بيانها أن وزير الخارجية الروسي أعرب عن أمله في أن يتمكن خلال المحادثات مع الوزير القطري، من «الحديث بشكل مفصل حول ضرورة تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها حول التسوية السورية، وكذلك حول الخطوات الإضافية التي قد يدور الحديث عنها بهذا الصدد»، في إشارة منه إلى استعداد موسكو لسماع الاقتراحات القطرية الجديدة حول تسوية الأزمة السورية. من جانبه، ثمن الوزير القطري الدور الروسي، وقال إن روسيا تلعب دورًا مهمًا في تسوية الأزمة السورية، وإنها شريك رئيسي ضمن «المجموعة الدولية لدعم سوريا».
وفي شأن آخر متصل بالوضع في سوريا، توقف معاون الرئيس الروسي عند الهدنة المؤقتة حاليًا في حلب، وقال إن الكرملين «يثمن وقف إطلاق النار هناك، ويعده خطوة جيدة باتجاه التسوية السياسية السورية». كما تناول ديمتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس الروسي الهدنة في حلب، وكانت تصريحاته تحمل بعض الإيجابية والحذر في آن واحد. إذ أكد أن «هناك رغبة دومًا بأن نتمنى حدوث الأفضل»، لافتًا إلى أن هذه «رغبة الجانب الروسي، وعلى الأرجح رغبة الجانب الأميركي أيضًا». في الوقت ذاته رأى بيسكوف أن «التداخل بين مواقع الإرهابيين ومواقع المعارضة في حلب معقد جدًا ما يجعل الهدنة هشة»، حسب قوله.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.