ضجة داخل حزب العمال البريطاني حول معاداة السامية

إيقاف العضو البارز ورئيس بلدية لندن السابق كين ليفنغستون بسبب تصريحاته

عمدة لندن السابق كين ليفنغستون خارجا من منزله أمس في لندن (رويترز)
عمدة لندن السابق كين ليفنغستون خارجا من منزله أمس في لندن (رويترز)
TT

ضجة داخل حزب العمال البريطاني حول معاداة السامية

عمدة لندن السابق كين ليفنغستون خارجا من منزله أمس في لندن (رويترز)
عمدة لندن السابق كين ليفنغستون خارجا من منزله أمس في لندن (رويترز)

تزايدت الضغوط على حزب العمال البريطاني بعد تجميد عضوية العضو البارز رئيس بلدية لندن السابق كين ليفنغستون أول من أمس وسط خلاف يتعلق بمعاداة السامية، وذلك في أحدث فضيحة تكشف خلافات عميقة في الحزب، منذ انتخاب جيرمي كوربن زعيما له العام الماضي.
وقال حزب العمال في بيان إنه أوقف كين ليفنغستون لحين انتهاء التحقيق بسبب إساءته لسمعة الحزب، علما بأن ليفنغستون يلقب بـ(كين الأحمر) نظرا لآيديولوجيته اليسارية المتشددة.
وأعلن حزب العمال أنه جمد عضوية كان ليفنغستون، رغم أنه يعد أحد أبرز رموز الحزب، بسبب تصريحات اعتبرت مناهضة لليهودية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا). وقد جاء ذلك بعد أيام قليلة فقط على تعرض الزعيم العمالي المشهور بمواقفه اليسارية، إلى هجمة قوية بعد دفاعه عن ناز شاه، النائبة عن حزب العمال، التي دعت إلى إزالة إسرائيل من الشرق الأوسط ونقلها إلى الولايات المتحدة.
من جهته، أكد زعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربن أمس، أن الحزب لن يمر في مرحلة «انهيار، عقب تجميد عضوية النائبة ناز شاه، ورئيس بلدية لندن السابق كين ليفينغستون، لإطلاقهما تصريحات وصفت بأنها (معادية للسامية)».
ولا يزال التوتر يتصاعد داخل الحزب، ولكن كوربن أشار إلى أن حزبه لا يمر بأزمة، موضحا بقوله: «عندما يكون هناك أي تلميحات عنصرية داخل الحزب ستؤخذ المسألة بجدية، ولن يكون هناك حادث آخر مثله.. ولن يتكرر». ومن جانبه، قال نائب زعيم «العمال» توم واتسون إن «الحزب سيسيطر على النواب المعادين للسامية». وأكد المتحدث باسم «العمال» لـ«الشرق الأوسط» أن «حزب العمال يخطط لتغيير التعامل مع النواب لإرسال إشارة واضحة إلى الأشخاص المعادين للسامية». ويعتبر كوربن من جناح اليسار داخل الحزب الذي يدعم بقوة الحملة المؤيدة لإقامة دولة فلسطينية.
وبدوره، طلب رئيس الجالية البريطانية اليهودية، جوناثان اركوش من كوربن الاعتذار. وقال المتحدث باسم حزب المحافظين، جيمي غودونغ لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب على كوربن اتخاذ الإجراءات بصورة جدية لمعالجة مشكلة حزب العمال مع السامية»، وأضاف غودونغ: «على كوربن الاعتذار عن لقائه السابق مع المنظمات الإرهابية المعادية للسامية».
وتسببت تصريحات أخرى أطلقها ليفنغستون في صدور قرار التجميد، بعد تأكيده أن هتلر «كان داعمًا وصديقًا للصهيونية، قبل أن يصاب بلوثة جنون في الآخر، انتهت به إلى إبادة ملايين اليهود». وكنتيجة لذلك أعلن الحزب العمالي تجميد عضوية السياسي البريطاني، في انتظار مثوله أمام لجنة تأديب داخلية بتهمة «المس بسمعة ومصداقية الحزب».
ويأتي قرار إيقاف ليفنغستون بعد يوم واحد من قرار مماثل للحزب بإيقاف نائبة برلمانية بسبب تعليقات اعتبرت معادية للسامية، نشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي في 2014 قبل انتخابها ممثلة للحزب في البرلمان. وقد أثارت مداخلات لكين ليفنغستون دافع فيها عن النائبة العمالية ناز شاه، التي أثارت هي الأخرى ضجة بمواقف لها قبل أن تصبح نائبة في البرلمان، قالت فيها إنه يتعين نقل إسرائيل إلى الولايات المتحدة.
وكان رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون قال إن هناك مشكلة «معاداة السامية» في حزب العمال المعارض، ورغم أن النائبة ناز شاه اعتذرت عما كتبت، فإن الحزب أصر على تعليق عضويتها، كما علق عضوية كين ليفنغستون لحين الانتهاء من التحقيقات.
ودافع ليفنغستون عن شاه، محذرا من «الخلط بين انتقاد الحكومة الإسرائيلية ومعاداة السامية». وقال ليفنغستون في مقابلة مع «بي بي سي»: «يمكن اعتبار تعليقات شاه فجة لكن لا يمكن اتهامها بمعاداة السامية»، وأضاف موضحا: «لقد عملت في الحزب لأكثر من 40 عاما، ولم أصادف أي شخص معاد للسامية»، وتابع متسائلا: «إذا كانت تلك التعليقات عن جنوب أفريقيا فهل كانت الأصوات ستتعالى وتتهمها بالعنصرية؟».
ووسط هذه الضجة أصبح حزب العمال بقيادة، زعيمه جيرمي كوربن، يتعرض لضغوط كبيرة لكبح جماح ما تعتبره أطراف سياسية وأحزاب يمينية معاداة للسامية. ولم تقف عند هذا الحد، حيث طالب بعض نواب حزب العمال بوضع حد لما سموه تغلغل معاداة السامية في صفوف الحزب. لكن ليفنغستون اعتبر أن ما قالته نياز شاه لم يكن معاديا للسامية، رغم أنها تمادت بعض الشيء في تصريحاتها، على حد تعبيره، وهو ما جلب عليه انتقاد عدد كبير من السياسيين، ومن بينهم النائب المسلم صديق خان، الذي اعتبر تصريحاته غير مقبولة وغير مبررة، وأنه لا مكان لها في الحزب ولا تخدمه بأي شكل من الأشكال.
ورغم أن ليفنغستون أوضح أنه لا يوافق بالضرورة على أسلوب تعامل النائبة شاه بخصوص هذا الموضوع، وأنه ينبغي الانتظار إلى حين انتهاء التحقيق والحكم عليها، فإن حزب العمال اعتبر أن النائبة أساءت إلى سمعة الحزب بهذه التصريحات وقرر إيقافها.
لكن بعض المراقبين لهذه القضية يرون أن الموجة التي تعصف بالحزب تدبرها أصابع يمينية وأخرى خارجية لمحاولة خلق العراقيل تلو الأخرى أمام كوربن وإسقاطه من زعامة الحزب، لأن معاداة السامية لم تكن أبدأ موضوعا متأصلا في مفاهيم الحزب أو أفكار أعضائه.
لكن الاتهام بالعداء للسامية ليس بالشيء الجديد، خصوصا في بريطانيا والعالم الغربي والولايات المتحدة. ومن يراقب الأحداث يعرف أن الاتهامات لشخصيات ومؤسسات تزداد مع ازدياد حدة النزاع في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين، وحرب غزة كانت شاهدا على ذلك.
وقد واجهت مراسلة البيت الأبيض المخضرمة الراحلة (من أصول لبنانية) هيلين توماس، نفس الاتهامات عندما قالت إن على اليهود الذي قدموا إلى فلسطين من ألمانيا وبولندا أن يعودوا إليها. ورغم أن توماس عملت مراسلة في البيت البيض لمدة 60 عاما، وقدم لها الرئيس باراك أوباما كعكة في عيد ميلادها في البيت الأبيض. فإن بعض السياسيين والمعلقين الأميركان أبدوا امتعاضهم من كلماتها التي اعتبرت معادية للسامية، لكن القصة لم تتفاقم سياسيا.
لكن في الحالة البريطانية، الوضع أكثر تعقيدا، خصوصا أن القضية تفاقمت قبل أسبوع من الانتخابات البلدية في إنجلترا وويلز، وانتخابات رئيس بلدية لندن، وكذلك الانتخابات البرلمانية الأسكتلندية، المزمع عقدها الخميس المقبل. وكلها تعني الكثير بالنسبة لحزب العمال المعارض الذي يتزعمه اليساري جيرمي كوربن. وهنا تأتي الحسابات السياسية الدقيقة، خصوصا أن كوربن يحاول أن يثبت نفسه أمام جمهور الناخبين. وإذا ما نجح في المهمة فهذا سيثير فزع النخبة السياسية لمواقفه المالية والدفاعية المعادية للمؤسسة الحاكمة. ولم يكن غريبا أن يستغل ديفيد كاميرون، زعيم حزب المحافظين الحاكم ورئيس الوزراء هذا «الهدف المفتوح» ضد خصمه العمالي، ويطالبه أن يثبت أنه ليس عنصريا أو معاديا للسامية.
الاتهامات ضد المجموعات النازية، قد لا تثير أي خلاف، كون مواقف العداء لليهود لهؤلاء واضحة ومعلنة. أما المشكلة الحقيقية فتخص الشخصيات والأحزاب المحسوبة على التيار اليساري، مثل كين ليفينغستون، السياسي البريطاني المخضرم، الذي أصبح رئيس بلدية لندن لثمانية أعوام، وكان رئيسا لمجلس بلدية لندن المنحل في الثمانينات، وأصبح عضوا في البرلمان عن حزب العمال في التسعينات من القرن الماضي.
والاتهام الذي يواجهه ليفينغستون خطير جدا من الناحية السياسية، وليس بسبب التجريح الشخصي، لأنه ليس هو المقصود هنا، وإنما زعيم الحزب جيرمي كوربن ووزير خزانة الظل اليساري المخضرم الآخر، جون ماكدونال. وكانت قد وجهت لهم اتهامات العداء للسامية سابقا. وسجلات الثلاثة ومواقفهم معروفة، من كل القضايا، ومن الصعب جدا إلصاق هذه التهم بهم ونعتهم بالعنصرية. القاسم المشترك لجميع هؤلاء هو القضية الفلسطينية. مواقفهم الداعمة للفلسطينيين معروفة منذ عشرات السنين. لكن العامل الجديد في الموضوع هو وصولهم قريبا من سدة الحكم. أن يصبح جيرمي كوربن زعيما لحزب العمال، وجون ماكدونال، ساعده الأيمن، فهذا كان ضربا من الخيال. لم يتخيل أو يتوقع أي من المراقبين قلب الموازين في النظام السياسي البريطاني بهذا الشكل، ودخول هؤلاء إلى المؤسسة الحاكمة. هؤلاء يقفون ضد القيم الرأسمالية والنظام العالمي الحاكم. الحملة التي يواجهها ليفينغستون استدعت من كوربن التحرك بسرعة ضد رفيق دربه، وتجميد عضويته، حتى يتم النظر في الاتهامات الموجهة له.



وزير الدفاع الروسي: العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية تتوسع بسرعة

عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)
عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الروسي: العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية تتوسع بسرعة

عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)
عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

قال وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف، اليوم الجمعة، خلال زيارة لكوريا الشمالية، إن التعاون العسكري بين البلدَين يتوسّع بسرعة. واتهمت الولايات المتحدة كوريا الشمالية بإرسال آلاف الجنود إلى منطقة كورسك الروسية، حيث تحاول القوات الروسية طرد الجنود الأوكرانيين. ولم تؤكد موسكو أو تنفِ هذا الادعاء.

وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول (يسار) يتصافح ووزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف خلال اجتماعهما في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية يوم 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

ونقلت وزارة الدفاع الروسية عن بيلوسوف قوله، لنظيره الكوري الشمالي نو كوانغ تشول، إن معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي وقَّعتها موسكو وبيونغ يانغ هذا العام تستهدف تقليص مخاطر الحرب في شمال شرقي آسيا و«الحفاظ على توازن القوى في المنطقة». وأضاف بيلوسوف أن محادثات، اليوم (الجمعة)، قد تعزز الشراكة الاستراتيجية في المجال العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ. وذكرت وكالات أنباء روسية أن بيلوسوف سيجري محادثات مع القيادة العسكرية والسياسية لكوريا الشمالية.

وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف (الثاني من اليسار) مع وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول (الثاني من اليمين) خلال لقائهما في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية يوم 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وفي وقت سابق اليوم، قالت وزارة الدفاع الروسية إن وزير الدفاع، أندريه بيلوسوف، وصل إلى كوريا الشمالية، اليوم (الجمعة)؛ لإجراء محادثات مع القادة العسكريين والسياسيين في بيونغ يانغ، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

حلَّ بيلوسوف، الخبير الاقتصادي السابق، محلَّ سيرغي شويغو وزيراً للدفاع في مايو (أيار) بعد أن بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فترة ولايته الخامسة في السلطة.

وجاءت الزيارة بعد أيام من لقاء الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، وفداً أوكرانياً بقيادة وزير الدفاع رستم عمروف، ودعا البلدَين إلى صياغة تدابير مضادة غير محددة رداً على إرسال كوريا الشمالية آلاف القوات إلى روسيا؛ لدعم حربها ضد أوكرانيا.

عند وصول وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إلى مطار بيونغ يانغ الدولي بكوريا الشمالية... وفي استقباله وزير الدفاع الكوري الشمالي نو كوانغ تشول يوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 (أ.ب)

وقالت الولايات المتحدة وحلفاؤها إن كوريا الشمالية أرسلت أكثر من 10 آلاف جندي إلى روسيا في الأسابيع الأخيرة، وإن بعض هذه القوات بدأت بالفعل في الانخراط في القتال. كما اتُّهمت كوريا الشمالية بتزويد روسيا بأنظمة مدفعية وصواريخ ومعدات عسكرية أخرى قد تساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تمديد الحرب الدائرة منذ نحو 3 سنوات.

وتتخوَّف سيول من أن كوريا الشمالية قد تتلقى مقابل إرسال قواتها وإمداداتها إلى روسيا، نقلاً للتكنولوجيا الروسية من شأنه أن يعزز التهديد الذي يشكِّله برنامج الأسلحة النووية والصاروخية للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.