تحولات نفطية.. من تثبيت الإنتاج إلى تثبيت الأسعار

توقعات بإغلاق المزيد من منصات الحفر الأميركية تدعم الاتجاه الصعودي

حفارات نفطية في أحد الحقول الأميركية (رويترز)
حفارات نفطية في أحد الحقول الأميركية (رويترز)
TT

تحولات نفطية.. من تثبيت الإنتاج إلى تثبيت الأسعار

حفارات نفطية في أحد الحقول الأميركية (رويترز)
حفارات نفطية في أحد الحقول الأميركية (رويترز)

يبدو أن منتجي النفط تحولوا من محاولة تثبيت الإنتاج عند مستويات محددة، إلى مرحلة تثبيت الأسعار عند متوسطات مُحددة تتكيف معها الدول التي تعاني اضطرابات مالية قاسية؛ بسبب التراجع الكبير في أسعار النفط. وتأتي على رأس تلك الدول كل من فنزويلا ونيجيريا وإندونيسيا التي تواجه تحديات جوهرية في هياكلها الاقتصادية؛ بسبب نضوب مواردها من العملة الأجنبية في وقت فقدت فيه أكثر من ثلثي عائداتها النفطية.
وقال ويدهياوان براويراتماجدا، مندوب إندونيسيا لدى منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك»، أمس الاثنين، إن النفط عند 45 دولارا للبرميل «ليس سيئا للغاية»، وأوضح المندوب لـ«رويترز» على هامش مؤتمر للطاقة في أبوظبي، أنه لن يكون هناك حاجة ملحة إلى تجميد الإنتاج إذا بقي سعر النفط الخام عند هذا المستوى. وأضاف ويدهياوان أن سعر النفط سيكون مثاليا عندما يتراوح بين 50 إلى 60 دولارا، ولكن ستظل الأسعار رخيصة نسبيا.
وعلى الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق لتجميد إنتاج النفط من أجل دعم من قبل بلدان أوبك والمنتجين من خارج أوبك - في اجتماع 17 أبريل (نيسان) بالدوحة - حافظت أسعار النفط الخام على اتجاه تصاعدي ليرتفع النفط بأكثر من 50 في المائة منذ أن سجل أدنى مستوى له في 12 عاما في منتصف يناير (كانون الثاني).
كانت المطالب قد ارتفعت في اللحظات الأخيرة في اتفاق الدوحة من الجانب السعودي ذي الثقل الأكبر في الاجتماع بالإصرار على أن تكون إيران جزءا من أي اتفاق يدعو إلى تثبيت أو تخفيض الإنتاج. وتتزايد المخاوف من أن ينشأ تنافس على زيادة الإنتاج في الفترة المُقبلة.
لكن الأسواق تجاهلت فشل الدول النفطية الكبرى في التوصل إلى اتفاق حول تجميد إنتاجها. وارتفعت الأسعار بنسبة ما يقرب من 5 في المائة الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى في أربعة أشهر ونصف الشهر، وفقا لبنك «كومرتس». وجاءت هذه المكاسب على إثر إضراب عمال النفط في الكويت، والأمل في تراجع المعروض النفطي من بلدان رئيسية منتجة للنفط.
وانخفضت أسعار النفط في اليوم التالي لاجتماع الدوحة، وبعد ذلك حققت انتعاشا مثيرا للإعجاب، وبلغ سعر خام برنت 46 دولارا للبرميل يوم الخميس الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ أوائل نوفمبر (تشرين الثاني).
وأحد التفسيرات للارتفاع المستمر في الأسعار هو أن التجار يراهنون على أن إغلاق المزيد من منصات الحفر في الولايات المتحدة سيفتح الأبواب أمام ارتفاع كبير في أسعار النفط خلال النصف الثاني من العام 2016. وتفسير آخر لاستمرار الارتفاع هو أن أحدث بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الذي صدر في منتصف الأسبوع الرابع من أبريل 2016 أظهرت أن مخزونات النفط الخام ارتفعت أقل من المتوقع وتراجع الإنتاج في الأسبوع المنتهي في 22 أبريل 2016.
وجاءت مخزونات النفط الخام الأميركي للأسبوع السابق عند 538.6 مليون برميل. هذا يمثل أعلى كمية من النفط الخام في خزانات تجارية في عقود، بزيادة 2.1 مليون برميل عن خلال الأسبوع الأسبق. وفي حين أن أي زيادة في مخزونات النفط الخام هو خبر سلبي في حد ذاته، لكن الزيادة كانت أصغر من تقديرات المعهد الأميركي للبترول التي بلغت 3.1 مليون برميل، وكانت أيضا أصغر قليلا من توقعات المحللين عند 2.4 مليون برميل.
واستفادت أسعار النفط أيضا من تراجع إنتاج النفط الأميركي خلال الأسبوع الماضي، ليصل إلى 8.95 مليون برميل يوميا، أي أقل من 8.97 مليون برميل يوميا التي قُدرت في وقت سابق من الأسبوع، وذلك هو الأسبوع الثاني على التوالي الذي يتراجع فيه الإنتاج الأميركي من النفط عن حاجز 9 ملايين برميل يوميا. وتبين بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن الإنتاج المحلي قد انخفض بما مجموعه 168 ألف برميل في الأسبوع الماضي، ويعد هذا مؤشرا على أن اتجاه الإنتاج سيكون منحدرا نحو الانخفاض بعض الوقت.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.