أي هدف من الأهداف الثلاثة «الهاتريك» المؤلمة والرائعة التي سجلها أندي كارول مهاجم وستهام ضد آرسنال الأسبوع الماضي، كان لحظة الموسم خصوصًا بالنسبة له حتى الآن؟ وعن ذلك يقول: «أعرف هذا وقد تحقق، كما لم يكن بالاختيار السهل». قد يكون الهدف الأول، الذي يبدو فيه كأنه يركض فعليًا في الهواء، منسلاً من وسط غابة من مدافعي آرسنال، قبل أن يضرب الكرة إلى داخل الشباك بقوة جعلت الحارس ديفيد أوسبينا يبدو في فزع حقيقي. أو قد يكون الهدف الذي يستقبل فيه الكرة بصدره ويتعثر ويخطئ التسديد، ثم وبعد أن سئم من كل هذا، يلجأ على الفور إلى تسديدة من الوضع طائرًا لتسكن الزاوية اليمنى للمرمى. أو قد تكون رأسية الهدف الثالث، واللافت فيها هو الطريقة التي يبدو بها أن كارول ابتلع المدافع هيكتور بيليرين تمامًا وهما ينتظران العرضية، إذ انقض عليه كما لو كانت مكتبة فيكتورية ضخمة من الخشب الصلب وقد سقطت عن جدار. كان يقال إن فيرنتس بوشكاش كان له قدم «تشبه اليد». أما كارول فلديه رأس كالقدم في قوتها، تتمتع بهذا القدر من القوة والمهارة واللياقة. دعك من الأحذية، يجب أن يصنعوا رؤوسًا مشابهة لرأس أندي كارول، وتكون مصحوبة ببراءة اختراع لتكنولوجيا تحاكي ضربات جبهته. بعد الأهداف الثلاثة، كان من المتوقع أن يثور جدل حول كارول، باعتباره خيارًا مستبعدًا للانضمام لمنتخب إنجلترا في يورو 2016 هذا الصيف. من المفترض أن المدير الفني لمنتخب إنجلترا روي هودجسون «سيأخذه إلى فرنسا». لأن هذا هو المفروض أن يفعله مع كارول. أنت لا تختاره. أنت «تأخذه»، تصطحبه، كما لو كنت تحشد قطعة سلاح مخيفة نوعًا ما للمنافسين.
بالطبع من غير المرجح أن يحدث هذا. حيث لم يتم اختيار كارول للمشاركة في أي مباراة تنافسية رسمية للمنتخب منذ 3 سنوات. تملك إنجلترا مجموعة من المهاجمين ممن لهم الأفضلية للانضمام للمنتخب، لكن «هاتريك» أندي كارول كان مثيرًا، ويدعو للتفكير في ضمه، لقد زاد من حصيلة أهدافه الإجمالية بنسبة 43 في المائة على مدار العام الماضي. والنقطة التي يتوقف عندها البعض أنه على رغم توظيفه بطريقة تهدف لإحراز الأهداف على حساب أي شيء آخر، فإنه لم يسجل بقدمه اليمنى منذ ما يقرب من 3 مواسم.
وفضلاً عن هذا، فهناك فارق أساسي بين الإيقاع المحسوب والمنضبط للعب الدولي، والأداء البدني غير المقيد للاعب قد يمكنه هدم حائط خشبي بأحد تدخلاته المرعبة عندما يتزحلق بكامل قوته.
لم يتم اختيار كارول بعد للعب بقميص إنجلترا. نال بطاقة حمراء واحدة وبطاقتين صفراوين خلال 3 مواسم في الدوري الإنجليزي. لكنه لا يميل إلى الاندفاع. ارتكب جيمي فاردي مهاجم ليستر سيتي 34 خطأ هذا الموسم في الدوري، بينما ارتكب هاري كين مهاجم توتنهام 38 خطأ. ويأتي كارول، الذي لعب ما يساوي ثلث ما لعبه فاردي وكين، في المرتبة الثالثة بـ29 خطأ.
لكن هذا ليس هو فعلاً المغزى الحقيقي للاعب لا يقضي وقتًا طويلاً على أرض الملعب على أي حال، ويشكل تهديدًا متخصصًا للغاية، لدرجة أن يتم الاحتفاظ به للحظة الأزمة. وتجاهل كارول باعتباره مجرد قوة جسمانية يعني عدم الانتباه إلى تألقه في ضربات الرأس، والمستويات الرفيعة من المهارة والتوقيت كما يتضح من هذه الضربات. إن قوته الخارقة الحقيقية هي طريقة اختياره لتوقيت ارتقائه للكرة مبكرًا جدًا، حيث يكون مركزًا تمامًا على الجوانب الفيزيائية للاصطدام كالقطع المكافئ، ويتجاوز بحركته المدافعين الذين يبدون دائمًا كأجسام ساكنة، كأشخاص في أحد أفلام الكوارث، عندما يقفون ساكنين مشدوهين أمام منظر إعصار يلوح في الأفق غير بعيد، يجرف الأبقار والسيارات عاليًا فوق الحقول. ربما لا تكون هذه أبرز مهاراته، لكن كارول بالتأكيد متفوق فيها كأي لاعب آخر.
إذن الفكرة هي أن كارول سيمنحك «هذا الخيار». إذا فشلت الخطة «أ»، حسنًا، تخلص منها تمامًا، واعتمد على خطة مختلفة تمامًا من أساليب كرة القدم المباشرة خلال الدقائق الـ10 الأخيرة. اعتاد المهاجم العملاق بيتر كراوتش أن يمنح إنجلترا هذا الخيار. كان نجاح هذا الأسلوب محدودًا على مستوى البطولات الدولية. لكن هذا لم يكن مفاجئًا بالنظر إلى أن طول كراوتش الذي يتخطى المترين، لم يكن مصحوبًا بمهارة واضحة في ضربات الرأس، لكنه كان بدلاً من هذا لاعب كرة قدم مهاريًا أنيقًا وصاحب لمسة أخيرة ممتازة، وكان في واقع الحال الأصغر ضمن أطول لاعبي كرة القدم في العالم.
وهذا الخيار يعتبر خرافيًا في حد ذاته في واقع الأمر. لذا يجب أن يرى المدرب هودجسون هذا البعد من منظور مختلف. التدريب بطريقة معينة، واعتماد طريقة لعب، وإحداث التناغم بين مجموعة من المهارات، وبناء تشكيلات داخل الملعب، هذا هو ما عليك التمسك به، لا أن تتخلى عنه ببساطة بسبب لاعب يشكل صداعًا. فمن أجل أن ينجح هذا الخيار، ستحتاج إلى تغيير كل شيء. وفجأة، سيتم إعادة ضبط كل تمريرة وكل حركة داخل الملعب. هذا الخيار، وهو دائمًا نفس الخيار القائم على الاستعانة بالكرات الطويلة المباشرة، أصبح أشبه بالذهاب إلى اجتماع عمل، وأنت تضع صولجانًا من العصور الوسطى في حافظة أوراقك، تحسبًا لأن تحتاج إليه، يكون لديك هذا الخيار.
لكن أفضل الفرق لا تفعل هذا. لديهم إيمان بمجموعة من التكتيكات ويقومون بتعزيزها أو تنويعها من خارج خطوط الملعب. لقد تحقق الفوز بآخر نسختين من كأس العالم بأهداف في الوقت الإضافي، لم تصنعها الكرات الطولية المرسلة إلى لاعب طويل القامة يجيد الاشتباك والكرات العالية، وإنما عن طريق اللعب بمزيد من نفس التكتيك، بمزيد من الدقة، ومزيد من الحرص، وجاءت أهداف الفوز عن طريق لاعبين يجسدون طريقة لعب متسقة.
ورغم كل مواهبه، إلا أن كارول يبدو غريبًا بالنسبة إلى المجموعة التي تملكها إنجلترا حاليًا من لاعبين شباب يتمتعون بلياقة بدنية عالية وسرعة ونواحٍ فنية رفيعة. إن ما يمكن أن يناسب الأفراد الحاليين والبطولة هو تطوير إحدى طرق اللعب في الدوري، بحيث تستوعب الضغط المنظم الذي يمارسه توتنهام وليفربول والهجوم المضاد الذي ينفذه متصدر الدوري، ليستر.
أما كارول، فيجب في الوقت ذاته الاستمتاع به كما هو، فهو لاعب من الصعب ألا تتفاعل معه على مستوى نفسي وعاطفي، كلاعب يبدو أنه يتحدث إلى المثل الشعبية التقليدية والدفينة، كنوع من استعراض القوة البدنية، أو حلبة مصارعة مزدحمة. وهو، في الوقت الراهن، يعد الأخير من هذا النوع أيضًا. لا يوجد أي نسخة أصغر سنًا منه في الدوري. وأكاديميات الناشئين لا تنتج مثل هذا النوع من اللاعبين أصحاب القوة الجسمانية العملاقة والمهارة.
لماذا ينبغي على روي هودجسون مدرب إنجلترا أن يقاوم غواية استدعاء أندي كارول مهاجم وستهام الذي لا يختلف اثنان على براعته في ضربات الرأس وقوته البدنية، مع اقتراب يورو 2016؟
إن كارول لا يزال موجودًا أمام إنجلترا، ويمثل نوعًا من التراث المعروض، لكنه أيضًا لاعب يملك مهارة هائلة، وموهبة أخرى لا تلقى ما تستحق من تقدير.
أندي كارول.. مهاجم بالرأس والقدم
منتخب إنجلترا يتجاهله رغم كونه سلاحًا قد يحتاجه في يورو 2016
أندي كارول.. مهاجم بالرأس والقدم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة