خرق الهدنة الرابعة يكشف أوراق الحوثيين في المراوغة قبل مفاوضات الكويت

تباين الأهداف يعجل بنهاية تحالف الحوثي وصالح

خرق الهدنة الرابعة يكشف أوراق الحوثيين في المراوغة قبل مفاوضات الكويت
TT

خرق الهدنة الرابعة يكشف أوراق الحوثيين في المراوغة قبل مفاوضات الكويت

خرق الهدنة الرابعة يكشف أوراق الحوثيين في المراوغة قبل مفاوضات الكويت

في الوقت الذي خرقت الميليشيات الحوثية المتمردة في اليمن والقوات التابعة للمخلوع علي صالح، الهدنة الرابعة منذ بدء العمليات العسكرية لتحرير اليمن، كشفت المعطيات السياسية الراهنة أن مفاوضات الكويت المقررة الأسبوع المقبل ستكون الحاسمة لكشف آخر ورقة للمراوغة يملكها التمرد الحوثي، وفقًا لخبراء.
ورأى نجيب غلاب المحلل السياسي خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أمس، أن خرق الحوثيين للهدنة أمس، يبرهن أنهم يتجاهلون طبيعة الصراع في اليمن، ويتعاملون مع الحل السياسي بشكل تكتيكي، دون البحث عن سلام دائم، مشيرًا إلى أن الجناح المتطرف في الحركة الحوثية يعتبر فكرة الوصول لحل سياسي وفق مقررات مجلس الأمن خيانة، إذا لم تكن كفرًا.
وتوقع غلاب أن تتهم الحركة الحوثية القوات الموالية لصالح بخرق الهدنة، بهدف إضعافها، لأن التمرد الحوثي يعتقد بأن القوات الموالية للرئيس المخلوع تمثل نقطة قوة أمام ميليشياته، ما يعني أن مسألة تصفيته والقضاء على قوته في صنعاء ومنطقة القبائل ستكون خيارًا قائمًا في الفترة المقبلة.
وأضاف أن الحوثيين يحاولون أيضًا العمل على تسويق أنفسهم أمام قوات التحالف العربي والشرعية أن بإمكانهم القضاء على صالح وإضعاف ميليشياته بشكل كامل والقدرة على الدخول في مواجهة معه.
وفي المقابل، وفقا لغلاب، يدرك المخلوع علي صالح طبيعة الحركة الحوثية، ويسوق لنفسه على أنه القادر على القيام بدور في المستقبل لمواجهتها، كما أنه يدير معركة إفشال أي نصر لمصلحة الشرعية، ليكون هو المنتصر، ويعود مجددًا إلى كرسي الرئاسة.
ولفت غلاب إلى أن التحالف والمنظومة الدولية والشرعية أصحاب رؤية واضحة ولا يقدمون أي تنازلات متعارضة مع بنود المقررات الدولية، على عكس الحركة الحوثية التي ترى أن الحل السياسي سينهي دورها الذي فرضته ميليشياتها الإرهابية الخارجة على القانون، وسيجعلها غير قادرة على بناء حزب سياسي، ما يعني أنها لا ترى في الحل السياسي إلا خسارة كاملة.
وأكد أن الحوثي يجد نفسه اليوم متورطا وضعيفا وغير قادر على إدارة حرب طويلة، وأن مخططه إيقاف الحرب دون تقديم التنازلات الكافية فيما يخص استعادة الدولة اليمنية. وتابع: «اختراق الحوثي للهدنة وإصراره على التمسك بالسلاح هو ضعف في حد ذاته لأنه يجد قوته في السلاح الذي يمتلكه في ظل افتقاره لأي نية للسلام الدائم».
وأوضح أن الذهاب لمفاوضات الكويت لا يزال قائمًا، مشيرًا إلى أن خرق الهدنة لن يؤثر على سيرها، متوقعا أن يخف خرق الهدنة خلال الأسبوع الجاري.
وشدد على أن مفاوضات الكويت هي الحاسمة والتي ستكشف جميع أوراق الحركة الحوثية وتبين ما إذا كانت مستعدة لحل سياسي يقود إلى سلام دائم أم ستصر على الاحتفاظ بالقوة ووضع اشتراطات تعيق تطبيق مقررات مجلس الأمن، لتدفع ثمن التعنت في نهاية الأمر.
وعلى مدى الأشهر الماضية بادرت قوات التحالف مرات عدة بهدنة إنسانية سعيا منها لإيصال المساعدة الإنسانية والطبية للمدنيين الذين يتعرضون للقصف من قبل الحوثيين والقوات الموالية لصالح، إلا أن هذه الهدنة تقابل في كل مرة بخروقات من قبل الحوثيين.
وكانت الهدنة الإنسانية الأولى التي أعلنت عنها قوات التحالف في اليمن لمدة 5 أيام بدأت في تمام الساعة 23:00 من يوم الثلاثاء 12-5-2015. ووافق عليها الحوثيون والقوات الموالية لعلي صالح، إلا أن الانقلابين سرعان ما خرقوا الهدنة عند الساعة (25:00) بتاريخ 13-5-2015م، وذلك بإطلاق نار باتجاه قرية بطياش في منطقة جازان، وتنفيذ عمليات حربية عدة، إلا أن التحالف استمر بالتزامه التام بالهدنة الإنسانية، وضبط النفس مراعاة للحالات الإنسانية ورفع المعاناة عن الشعب اليمني.
واستمر الحوثيون في عمليات خرق الهدنة وإفشال وصول المعونات الإنسانية وإعاقة جهود الإغاثة، حيث بلغ مجموع الخروقات 13 حالة تنوعت بين إطلاق نار، ومحاولات تسلل، وقصف مدفعي على الحدود السعودية.
وجاءت الهدنة المعلنة الثانية؛ بناء على طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والتي أعلنت عنها قيادة التحالف لمدة 5 أيام أيضا تبدأ مساء يوم الأحد الساعة (24:00) بتاريخ 27-6-2015. ورحب الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» بالهدنة في اليمن، ودعا الحوثيين إلى احترامها، حيث حض في بيان له الحوثيين وحلفاءهم على إعطاء موافقتهم على الهدنة والالتزام بها لما فيه من خير لجميع المدنيين.
وبدأ الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق بخرق الهدنة الساعة (06:36) بتاريخ 27-6-2015م بإطلاق قذائف هاون على «جبل الدود» في منطقة جازان، وتنوعت الخروقات ما بين إطلاق نار، وقذائف هاون، وقصف صاروخي - كاتيوشا، ومحاولات تسلل للحدود السعودية.
وفي مرة ثالثة، أبلغت الحكومة اليمنية قيادة التحالف أنها قررت إعلان مبادرة لوقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام بدءًا من الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) وحتى الواحد والعشرين من ديسمبر 2015 بالتزامن مع انطلاق المشاورات في جنيف، واستجابة لذلك أعلنت قيادة التحالف وقفًا لإطلاق النار اعتبارا من الساعة الثانية عشر ظهرًا بتوقيت صنعاء الساعة التاسعة صباحًا بتوقيت غرينتش من يوم الثلاثاء 15 ديسمبر 2015 مع احتفاظها بحق الرد على أي خرق لوقف إطلاق النار.
وفي نهاية المشاورات في جنيف أعلنت الحكومة اليمنية تمديد وقف إطلاق النار، قبل أن تعلن قوات التحالف تمديد فترة الهدنة التي انتهت في الثاني يناير (كانون الثاني) الماضي، الساعة (1400) ظهرًا بتوقيت صنعاء، وذلك بعد أن بدأ الحوثيون والقوات الموالية لصالح بخرق الهدنة الساعة (12:01) بإطلاق قذائف مدفعية وهاون على مدينة جازان. وبلغ مجموع الخروقات 868 خرقًا تنوعت ما بين إطلاق صواريخ باليستية وتسلل داخل الأراضي السعودية وإطلاق مقذوفات داخل الأراضي السعودية ورماية مباشرة بالذخيرة الحية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.