كي مون: أعداد الفارين من سوريا الأكثر منذ الحرب العالمية الثانية

عرقلة وصول المساعدات الإنسانية تهدد مباحثات السلام

كي مون: أعداد الفارين من سوريا الأكثر منذ الحرب العالمية الثانية
TT

كي مون: أعداد الفارين من سوريا الأكثر منذ الحرب العالمية الثانية

كي مون: أعداد الفارين من سوريا الأكثر منذ الحرب العالمية الثانية

قال أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون خلال احتفال تسلمه شهادة الدكتوراه الفخرية في الآداب الإنسانية من جامعة لويولا ماريماونت بلوس أنجليس، صباح أمس، إن «أعداد السوريين الذين فروا من منازلهم نتيجة الحرب تفوق أي رقم منذ الحرب العالمية الثانية»، في الوقت الذي عبر فيه يان إيجلاند رئيس مجموعة العمل للشؤون الإنسانية في سوريا التابعة للأمم المتحدة، في جنيف، أمس، عن خيبة أمله لبطء دخول المساعدات لمناطق تحاصرها القوات المدعومة من نظام الأسد.
وقال بان كي مون إن الحرب السورية التي وصفها بـ«الكابوس والصراع المسلح والإرهاب والتطرف والأعمال الوحشية»، تتحدى كل الأعراف الإنسانية وتهدد آمال الأسرة الدولية في الأمن والسلم والتنمية وغيره، معربًا عن أمله في نجاح المباحثات السورية - السورية التي «تعقد الأسبوع المقبل في جنيف».
وأضاف أن الاحتياجات الإنسانية وصلت إلى ارتفاعات جديدة، ولكن جهود الإغاثة المنقذة للحياة ما زالت تكافح من أجل الحصول على التمويل، في الوقت الذي تتبدد فيه مبالغ طائلة على أسلحة الحرب.
وعبّر كي مون عن أمله في نجاح القمة الإنسانية المقرر عقدها في إسطنبول في الشهر المقبل، وقال: «نحن بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لمساعدة الناس الذين يعانون الآن»، ومنع حالات الطوارئ في المستقبل.
وأشار كي مون إلى أن «الكابوس في سوريا قد دخل للتو عامه السادس»، مضيفًا أن الأمم المتحدة تقود الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع، وتلك المحادثات تظهر بوادر أمل منذ سنوات، حيث «صمد وقف القتال لمدة أكثر من شهر»، وأعلن أن «المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة ستستأنف في وقت لاحق الأسبوع المقبل في جنيف».
وتمكنت الأمم المتحدة وشركاؤها من توصيل بعض الإمدادات الإنسانية إلى بعض الناس، إلا أن كي مون أضاف أنه «لا يزال هناك الكثير من الناس في المناطق المحاصرة لم يتلقوا مساعدات منذ أشهر أو حتى سنوات».
وأشاد كي مون بقرار الجامعة الأميركية «لويولا ماريماونت»، القاضي بتقديم المساعدة للطلاب والباحثين السوريين الذين «تمزقت منازلهم ومدارسهم»، مضيفًا: «اللاجئون السوريون يريدون العودة إلى ديارهم، ولكن لا يمكنهم»، وقال للقائمين على الجامعة: «أشكركم على الاعتراف بأن هؤلاء اللاجئين هم ذخر لمجتمعكم».
وانتقد كي مون بعض الدول التي قال إنها وضعت حواجز أمام إعادة توطين السوريين واللاجئين، مضيفًا: «لقد تم الضغط على جميع الدول لإعادة توطين السوريين واللاجئين من الكثير من الجنسيات الأخرى الذين لديهم حق اللجوء، ومع ذلك، فإن الكثير من البلدان نصبت حواجز أو لا تتقيد بحصتها العادلة»، منوها بأن الأمر «يضر باللاجئين والمجتمعات المضيفة نفسها، التي ستفقد المساهمات المحتملة لهم»، وتابع القول: «مع القليل من الدعم، سيصبح اللاجئون أطباء ومقدمي رعاية وعمالاً ورجال أعمال وطلابًا متميزين وباحثين سيدفعون عجلة التقدم البشري للجميع».
من جهته، قال رئيس مجموعة العمل للشؤون الإنسانية في سوريا التابعة للأمم المتحدة إيان إيجلاند، في جنيف، أمس، إنه من المزمع إجلاء ما يصل إلى 500 من المرضى والجرحى وعائلاتهم من بلدات مضايا والزبداني والفوعة وكفريا. وتابع أن الحكومة السورية منعت دخول المساعدات الدولية للمناطق المحاصرة خلال الأيام الماضية، محذرًا من أن تباطؤ جهود الإغاثة يمكن أن يضر بعملية السلام. وتحدث عن منع سلطات النظام مرور أربع قوافل كانت ستقوم بإيصال مساعدات لنحو 300 ألف مواطن في مدن يحاصرها الجيش، مضيفًا أن مقاتلي المعارضة منعوا وصول مساعدات الهلال الأحمر.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.