«موساك فونسيكا»: «وثائق بنما» نتيجة قرصنة معلوماتية تعرضنا لها

مكتب كاميرون: رئيس الوزراء وعائلته لن ينتفعوا مستقبلًا بأي أموال في الخارج

«موساك فونسيكا»: «وثائق بنما» نتيجة قرصنة معلوماتية تعرضنا لها
TT

«موساك فونسيكا»: «وثائق بنما» نتيجة قرصنة معلوماتية تعرضنا لها

«موساك فونسيكا»: «وثائق بنما» نتيجة قرصنة معلوماتية تعرضنا لها

لا تزال تداعيات تسريب «وثائق بنما»، تتصدر الصفحات الأولى لوسائل الإعلام العالمية، ومنذ أن كشف التحقيق عن نظام تهرب ضريبي واسع النطاق شمل مسؤولين سياسيين وشخصيات بارزة في عالم الرياضة واثرياء ورؤساء، بدأت ردود فعل من ذُكرت أسماؤهم في الوثائق، تُصدر بيانات وتصريحات تبرر أو تنفي أو تدافع فيها عن أنفسهم؛ ففي بريطانيا قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اليوم (الاربعاء)، إنّ كاميرون وزوجته وأبناءهما لن ينتفعوا في المستقبل بأي أموال أو صناديق في الخارج.
وجاءت تصريحات المتحدث في الوقت الذي ما يزال كاميرون يواجه تساؤلات بشأن الشؤون الضريبية لأسرته. وبعد أن قال في بادئ الامر إنّ هذه «مسألة خاصة»، صرح مكتب كاميرون أمس، بأن رئيس الوزراء وأسرته لم ينتفعوا بمثل هذه الاموال في الوقت الحالي؛ لكنّه لم يذكر ما إذا كانوا سينتفعون بها في المستقبل. وأفاد كاميرون أيضا، أنّه لا يملك أي أسهم أو أموال في الخارج.
ويتعرض رئيس الوزراء البريطاني، لضغط بسبب شؤون أسرته الضريبية منذ أن ورد اسم والده الراحل ضمن قائمة عملاء شركة «موساك فونيسكا» القانونية المثيرة للجدل في وثائق مسربة تعرف باسم وثائق بنما.
وكان مكتب المحاماة البنمي «موساك فونسيكا» الذي كان في صلب فضيحة «وثائق بنما» التي كشفت الاحد، قد أعلن أنّه تعرض لعملية قرصنة معلوماتية تمت من ملقمات اجنبية وأنّه قدم شكوى في هذا الصدد.
وقال رامون فونسيكا مورا مدير المكتب وأحد مؤسسيه لوكالة الصحافة الفرنسية، «لدينا تقرير تقني يقول إنّنا تعرضنا لقرصنة من اجهزة ملقمة في الخارج»، موضحًا أنّه قدم الاثنين «شكوى في هذا الصدد لدى النيابة». وأضاف «لا أحد يتحدث عن قرصنة» في الصحافة التي تستفيض منذ يومين في كشف الوقائع في حين أنّها «تلك هي الجريمة الوحيدة التي ارتكبت». واستهجن أيضا أن تركز المعلومات التي كشفت من 11,5 مليون وثيقة سحبت من النظام المعلوماتي لمكتبه على الزبائن الاكثر شهرة مع الاستخفاف بالحياة الخاصة. وتابع، «لا نفهم هذا الامر، أصبح العالم يتقبل أنّ الحياة الخاصة ليست حقا للفرد».
وتأتي تصريحات رامون فونسيكا مورا، بعد يومين على كشف صحف في العالم أجمع فضيحة التهرب الضريبي التي أطلق عليها اسم «وثائق بنما» استنادًا إلى حوالى 11,5 مليون وثيقة سربت من مكتب المحاماة البنمي «موساك فونسيكا». وكشف التحقيق عن نظام تهرب ضريبي واسع النطاق شمل مسؤولين سياسيين وشخصيات بارزة في عالم الرياضة أو اثرياء.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.